الخميس 2019/02/21

لماذا لن تساوم تركيا على صفقة «أس- 400»؟

انتهت يوم الجمعة الماضي المهلة الأولى التي أعطتها الإدارة الأميركية لتركيا، للرد على العرض المقدّم من قبلها لشراء منظومة باتريوت الصاروخية للدفاع الجوي، دون أن يحصل أي تقدّم في الموضوع، وبعد يوم واحد فقط من انتهاء المهلة، أثار نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الخلاف مجدداً مع تركيا بخصوص صفقة الأخيرة لاقتناء نظام الدفاع الصاروخي الروسي «أس-400»، ففي كلمة له بمؤتمر ميونخ الدولي للأمن يوم السبت الماضي، هدد بنس تركيا دون أن يسميها، قائلاً: «لن نقف متفرجين عندما يقوم شركاء في الحلف بشراء أسلحة من أعدائنا»، مضيفاً: «لا يمكننا ضمان الدفاع عن الغرب إذا اعتمد شركاؤنا في حلف شمال الأطلسي «ناتو» على الشرق».

وكان الجانب الأميركي قد وافق مؤخراً على عرض صفقة صواريخ باتريوت على تركيا بقيمة حوالي 3.5 مليار دولار، لكنه قام بربط الموافقة عليها بعدة شروط تتضمن ضرورة تخلي أنقرة عن صفقة «أس-400» الروسية، رحّب الجانب التركي مبدئياً بالعرض، لكنّه رفض الشروط التي يتضمنها، كما ربط إمكانية الموافقة عليه بمدى خدمته مصالح تركيا، لا سيما فيما يتعلق بالمدى الزمني المتاح لتسليم المنظومة، وضرورة أن تتضمن الصفقة نقلاً للتكنولوجيا إلى تركيا، وأن تتم مع تأمين تسهيلات مالية لسداد ثمنها.

وفقاً للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فقد أبدت الإدارة الأميركية تفاعلاً مع احتمال التسليم المبكّر للمنظومة، لكنها لم ترد على مسألة الإنتاج المشترك والتسهيلات المالية، وبما أن المهلة الرسمية للرد على العرض الأميركي ستنتهي بشكل تام مع أواخر مارس المقبل، فهذا يعني أن السجال حول الموضوع سيستمر على الأقل حتى حينه، وسط تهديدات أميركية بوقف تسليم مقاتلات «أف-35» إلى أنقرة، وإمكانية فرض عقوبات عليها إن لم تقم بالتراجع عن صفقة «أس-400» مع روسيا.

وتعتبر أنقرة أن إخراجها من برنامج إنتاج مقاتلة «أف-35» سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف إنتاجها على واشنطن، كما سيؤدي كذلك إلى عرقلة تسليمها للعديد من الحلفاء في الوقت المناسب، والأهم من ذلك أنه سينهي مصداقية الإدارة الأميركية، ويعزز سلوك واشنطن الابتزازي من تمسّك تركيا بالصفقة مع روسيا، بحيث يبدو التراجع عنها شبه مستحيل في ظل الظروف الحالية.

ثلاثة أسباب على وجه التحديد تشير إلى أن أنقرة لن تساوم على صفقة «أس-400» الروسية: أولاً، غياب الثقة مع واشنطن لا سيما في ظل تراجع الأخيرة أكثر من مرة عن تعهدات سابقة لها، وآخرها التهديد بإلغاء تسليم مقاتلات «أف-35»، وهو ما يعني أنه سيظل بإمكان الولايات المتحدة إلغاء صفقة «باتريوت» أو التهديد باستخدامها كورقة ابتزاز حينما ترى ذلك مناسباً، ثانياً، غياب الحوافز المالية يجعل من إمكانية شراء منظومة «باتريوت» الأميركية بهذا المبلغ أمراً مكلفاً للجانب التركي، لا سيما في ظل الظروف الحالية، وبهذا المعنى، ما لم تقم واشنطن بمناقشة هذا الجانب، سيصبح عرضها حينها غير مغرٍ من الناحية المالية، سواء بذاته أم مقارنة بما قدمته روسيا في العرض المتعلق بـ «أس- 400».

ثالثاً، رفض واشنطن حتى هذه اللحظة نقل التكنولوجيا ضمن الصفقة المحتملة مع أنقرة، ومن دون تحقيق ذلك لا تحقق الصفقة مصالح تركيا المعلنة مسبقاً، وإذا ما تمت تكون قد تحققت لأسباب محض سياسية متعلقة بتحقيق توازن في العلاقة بين روسيا وأميركا، وهو سبب إضافي أيضاً للتأكيد على أن أنقرة ستبقى متمسكة على الأرجح بصفقة «أس- 400» مع روسيا.