السبت 2019/04/13

لماذا توقفت عجلات الزمن في سوريا؟

ليس من المبالغة القول إن موجة التغييرات التي أصابت المنطقة العربية منذ العام 2011 تعد الأضخم تاريخياً، وذلك بالقياس إلى عدة معطيات.

خلال ثمانية أعوام فقط، استطاعت احتجاجات الربيع العربي الإطاحة بستة زعماء أمضوا على كرسي الحكم عقوداً طوالاً دون إزعاج أو منافسة؛ بعضهم مضى دون إراقة دماء، بينما اختار آخرون أن يقاوموا حتى النهاية. اثنان منهم قتلا خلال محاولة تأجيل النهاية، وأربعة لا يزالون أحياء. ومن نافلة القول أن البلدان التي أزاحت زعماءها الستة لا تزال تتصدر عناوين الأخبار جراء التغييرات المتلاحقة فيها، سواء أكانت سلبية أم إيجابية.. المهم أنها لا تزال يوماً بعد يوم تخضع لتغييرات تاريخية.

في وسط هذه الأحداث والأخبار المتلاحقة من السودان والجزائر وليبيا واليمن..الخ، لفت نظري منذ أيام خبر من سوريا مفاده خروج مجموعة من المواطنين في محافظة دير الزور -شرق البلاد-  "بشكل عفوي" ليستنكروا قرار ترامب بشأن الجولان المحتل، ولم يخلُ المشهد من صور "قائد المقاومة" بشار الأسد، وعبارات "التحدي والتصدي" للقرار. وقفت أمام المشهد مشدوهاً بين الحقيقة والخيال، وتخيلت أن الكرة الأرضية هاجت بأهلها وماجت بينما ترفض عجلة الزمن أن تسير في بلدي.. ربما سارت قليلاً وأحسسنا بتغيير قادم، غير أنها سرعان ما عادت سيرتها الأولى، ولا كأن شيئاً حدث.

أعاد المشهد إلى خاطري السؤال الذي يتكرر دائماً. ما الذي تغير في عقلية النظام بعد الثورة؟ ثماني سنوات من الثورة والحرب والسقوط والصعود، والهزائم والانتصارت، ومليون قتيل سوري.. وبلاد قامت قيامتها.. ما الذي تغير؟

نعم.. نحن -السوريين-  تغيرنا كثيراً، وبلغ منا التغيير درجاتٍ لا تُصدّق، تغيرت حتى ملامح الأطفال وطريقة تعاطيهم مع الواقع، أكل الفقر الكثيرين، وسبح كثيرون مع التيار تحت عنوان "غريزة البقاء".. كل هذا معروف.. لكن.. النظام الذي فعل بنا كل ذلك.. ما الذي تغير فيه؟

الجواب .. لم يتغير شيء.. عقلية النظام الذي يحكم سوريا منذ العام 1970 لا تزال هي هي في العام 2019، صدّقوا أو لا تصدّقوا.. فالمشهد الذي رأيناه على الشاشات عند قرار ترامب حول الجولان، يختصر لنا الحكاية بشكل حرفي.. لا يزال النظام يحكم السوريين بنفس العقلية الأمنية التي فجّرت الثورة، ولا تزال التجمعات تُعقد حول "أصنام حافظ الأسد" التي تكسر بعضها تحت أقدام السوريين الثائرين ثم لم يلبث أن يعود أكثر ارتفاعاً وترهيباً من ذي قبل.. لا يزال السوريون في مناطق الأسد يكررون العبارة نفسها "الحيطان لها آذان"، فساد المسؤولين والمحسوبيات والرشوة، الإعلام المضحك المبكي الذي يحوّل كل الهزائم إلى انتصارات ومقاومة، والذي لا يزال يعرف نغمات التطبيل نفسها، تلك النغمات التي لا يزال السوري يشاهدها رغماً عنه منذ نحو 50 عاماً.

لماذا يتغير شكل الأرض كل يوم بينما تأبى عقارب الساعة وملامح التغيير أن تدور في سوريا؟