الأحد 2020/02/02

كي لا ننسى.. مجزرة حماة في 1982

جراح حماة لاتزال تنزف منذ الثاني من شباط عام 1982، رغم محاولة لملمتها منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011 ضد نظام بشار الأسد الذي ورث من والده وعمه سياسة البطش بكل من يثور ويقف في وجه الطغمة الأسدية.

في مثل هذا اليوم منذ ثمانية وثلاثين عاماً بدأت أبشع مجزرة في تاريخ سوريا الحديث، على يد المجرمين حافظ ورفعت الأسد وطغمتهما الفاسدة، التي لم تبقِ ولم تذر من أهالي المدينة لا لشيء.. سوى لأنها ثارت ضد نظام الأسد.

سال الدم الحموي غزيراً وذلك على يد المجرم "رفعت الأسد" الذي استعان بما يسمى "سرايا الدفاع" التي أسسها بهدف القمع والتنكيل بكل من يحاول أن يقول: "لا" في وجه حافظ الأسد، وفي 2 شباط بدأ اقتحام المدينة مستعيناً بالطائرات والمدافع والدبابات، ليسطر بدماء الحمويين أبشع جرائم القرن العشرين، إذ لم تفرق سراياه بين طفل وعجوز، فقد استهدف الرصاص والنار كل من كان في بيته أو في الشارع.

بشاعة الجريمة تكمن في التمثيل بجثث الأبرياء في سياسة حرب الإبادة التي اتبعتها قوات نظام الأسد الأب، من قطع لرؤوس الرجال وبقر لبطون الحوامل واغتصاب للعفيفات أمام آبائهن وأبنائهن وأخوتهن وأزواجهن، ليتم بعد ذلك التمثيل بالجثث وإحراقها.

عوائل بالكامل انمحى ذكرها خلال حملة حافظ ورفعت الأسد على حماة فقد قتل حتى الرضيع، وأباد الحرث والنسل، كما قام بدفن آخرين أحياء بجرافاته التي أزالت أحياء بالكامل من على وجه مدينة حماة، ليعجن تراب مدينة أبي الفداء بدم أبنائها.

مسلسل القتل والإجرام استمرّ شهراً كاملاً انتهى بموت مدينة.. كلمة الموت بما تحمله من معنى، فلم يسلم من حملة حافظ ورفعت الأسد الحجر والشجر والبشر، فقد أحرق كل ما يمكن أن يذكره بأن هناك مدينة ثارت عليه، وكل ظنه أن أهالي حماة لم ولن تقوم لهم قائمة بعد هذا القمع وهذا الإخصاء الذي مارسته قواته في الثمانينات.

 

لملمت حماة جراحها ووضعت على جرحها الملح وتحيّنت الفرصة لترد الصاع صاعين لنظام الأسد الوريث، وجاءت ثورة العزة لتلبس حماة أبهى حلة لها في الجمعة العظيمة ليصل عدد المتظاهرين الثائرين ضد نظام بشار الأسد إلى أكثر من 600 ألف، هتفوا بسقوط النظام.

حنجرة القاشوش الحموي التي اقتلعت كي لا تصيح المدينة من جديد، ماهي إلا تذكرة لأهالي حماة بأن نظام البطش لدى الأسد الأب هو ذات النظام الذي يحيط بالأسد الولد، لتُكلَم حماة وتخنق من جديد بعد أن تنفست الحرية من خلال المظاهرات، وليستمر الحلم بأن تخرج حماة وكل المدن السورية من سطوة نظام اجتث ذات ربيع حنجرة صاحت بالحرية وفناء الأسد.