الثلاثاء 2016/09/27

كيف غرق بوتين في سوريا

لمن يمسك خريطة سوريا في أيلول 2015 وأيلول 2016 ... سيجد أن خريطة السيطرة لم تختلف كثيرا ... حتى بعد التدخل الروسي.

صحيح أن روسيا استطاعت تجميد خريطة السيطرة ومنع الثوار من تحرير المزيد من الأراضي لكن يبدو أنه اقتنع أن من يقود المعارك على الأرض هم الإيرانيون ووكلاؤهم العراقيون والموالون أصلا للغرب.

يقول مارك غالوتي وهو خبير روسي يعيش في براغ ... أن رغبة بوتين في إظهار قوة الاتحاد السوفييتي من جديد للغرب والتسويق لها كقوة عظمى قادرة على حماية حلفائها لم يفلح ... في العام الماضي، طلب بوتين خلال خطابه في اجتماع الأمم المتحدة وبشكل واضح ومفتوح مساعدة العالم له للقضاء على الإرهاب، بعد سنة لم يتحالف معه أحد، بل ولم يتم التوصل معه الى اتفاق إلى رؤية مستقبل سوريا.

إعلاميا .. لم ينجح بوتين في إقناع الشعب الروسي بالحرب على سوريا كما فعل في أوكرانيا. تشير استطلاعات الرأي إلى انخفاض كبير وغير مسبوق في أعداد الناخبين الروس مما يعطي إشارة غير مباشرة الى قلق الشعب الروسي من سياسات الحكومة مؤخرا.

يبدو أن بوتين قلق للغاية في سوريا، ولا يريد لتدخله العسكري أن يبقى بدون ضوء في نهاية النفق لذلك نرى أن طائراته صبت جام غضبها على حلب في تعبير عن بداية تسرعه ورغبته في الانتهاء من الورطة بسرعة وللضغط على الغرب للعودة لاتفاق يبقي على شروط الروس كما هي ... هذا القصف الجوي العشوائي يقول أن روسيا تعتمد على مواقع يحددها الأسد.

لكن مالا يعلمه بوتين أن تسرعه هذا سيدفع بالثوار لأحضان المتشددين الإسلاميين .. كما أنه ساهم بتوحيد المعارضة وردع الصدع بين الإسلاميين والثوار وهذا ما كانت أمريكا تعمل عليه قبل التدخل الروسي.

يقول جينيفييف كاساغراند محلل في معهد دراسات الحرب في واشنطن "لم يعد الأسد يملك جيشا، مهما حاولت الطائرات الروسية فإن الأسد مازال بعيدا جدا عن النصر" ... بل إننا نستطيع القول إن الوضع العسكري لا يميل للأسد مع كل التدخل الروسي.

في الحالة الدبلوماسية أو العسكرية، فإن الأسد لا يمكن إنقاذه، وأن التدخل الروسي لا يمكن إلا أن يبطئ تقدم الثوار أكثر نحو معاقل الأسد ... لا يستطيع بوتين إحضار قوات برية أكثر ولا يستطيع سحب قواته الجوية لمنع سقوط الأسد ... ومع عقوبات اقتصادية ونفقات حرب سوريا وأوكرانيا ... أصبح اقتصاد روسيا الآن أقل من اقتصاد إسبانيا.

 يبدو أن روسيا تورطت في سوريا كما تورطت أمريكا في أفغانستان ل 15 عاما ولا تستطيع سحب جنودها لمنع انهيار حكومة كرزاي مع أن تكلفة الحرب على أفغانستان فاقت 5 ترليون دولار ... فإلى متى تستطيع روسيا تحمل نفقات تدخلها في سوريا؟