الجمعة 2018/03/09

كذبة تأثير غصن الزيتون على العمليات ضد تنظيم الدولة

منذ إعلانه الخلافة عام 2014 وتمدده في الأعوام التي تليها كان تنظيم الدولة ذريعة لدول عدة نوت احتلال سوريا ، وهنا نتحدث عن القطبين الكبيرين الفاعلين بسوريا وهما روسيا وأمريكا، الأولى تدخلت تحت هذه الذريعة للقضاء على الثوار وتثبيت نظام الأسد، ثم ما لبثت أن وقعت اتفاقات دائمة مع الأسد تتيح لها الوجود الدائم بسوريا، لكنَّ الولايات المتحدة الأمريكية كانت تتذرع بتنظيم الدولة بشكل أكبر من روسيا التي تدخلت في سوريا عسكرياً لإنقاذ الأسد من سقوط كان وشيكاً بعد تقدم فصائل الثورة السورية في مناطق شاسعة في البلاد، فدأبت واشنطن على دعم مليشيات "ب ي د" الذراع السوري لمليشيا "ب ك ك" المصنفة إرهابياً حتى في أمريكا نفسها، لذلك حاولت واشنطن تجميل صورة تلك المليشيات فأنشأت ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية وضمت إليها مكوناً عربياً.

حقيقة القول إن واشنطن نجحت فعلياً في التمدد بشمال سوريا وشرقها بدون تكلفة بشرية باهظة على غرار روسيا ، حيث إنها دعمت تلك المليشيات في المعارك ضد تنظيم الدولة الذي ما لبث أن انحسرت سريعاً مناطق سيطرته بعد تقدم المليشيات الكردية ذات الطموح الانفصالي في مناطق شاسعة من التي كان يسيطر عليها في حلب والرقة ودير الزور والحسكة.

وفي أواخر العام 2017 كانت القدرة القتالية لتنظيم الدولة مشلولة تماماً بعد أن اختفى معظم مقاتليه وقتل قياديوه بمعارك الموصل والرقة وقل عدد عناصره الذين باتوا لا يسيطرون إلا على مساحة تقدر بـ 20 كيلو متراً من منطقة هجين وصولاً إلى الحدود العراقية، وتقتصر هجماتهم على محاولة قتل عناصر من المليشيات الكردية لا السيطرة والتوغل.

اللافت أن تلك المنطقة ذات المساحة الضيقة مع انهيار دفاعات تنظيم الدولة فيها لا تزال حتى اليوم تحت سيطرة التنظيم، ونأت المليشيات المدعومة من التحالف الدولي عن شن عملية لطرده منها وإنهاء وجود تنظيم الدولة بالكامل في ريف دير الزور الشرقي على ضفة الفرات اليسرى، ويبدو أن التهديدات التركية التي رافقت تلك الفترة بشن عملية ضد "ب ي د " في عفرين ومنبج كان لها دور في رغبة واشنطن و"ب ي د" بالحفاظ على هذه المساحة تحت سيطرة تنظيم الدولة، وما يعزز ذلك أن عملية غصن الزيتون التي أطلقتها أنقرة في 20 من كانون الثاني الماضي لاقت انتقادات كبيرة من الولايات المتحدة وخصوصاً من البنتاغون الذي يطلق كل يوم تصريحات تقول إن العملية التركية تؤثر على مجريات القتال ضد تنظيم الدولة ويدعو للتركيز على قتال التنظيم فقط ، وعلى نفس المنوال كانت "ب ي د" الانفصالية تطلق نفس المزاعم وتهدد بوقف العمليات ضد التنظيم المتوقفة أصلاً وتراوح مكانها منذ أواخر 2017 ، وكل ذلك بهدف الضغط على تركيا دولياً كي توقف عملية غصن الزيتون في منطقة عفرين التي تخلو أصلاً من أي وجود لتنظيم الدولة وحتى إن المليشيات لم تنتزع السيطرة على عفرين من تنظيم الدولة بل عبر اتفاق تسليم مع نظام الأسد في العام 2012 ، ولم تقتصر أكاذيب البنتاغون و"ب ي د" على التذرع بتنظيم الدولة بل إن وسائل إعلام المليشيات نشرت مراراً صوراً لضحايا مدنيين قالت إنهم سقطوا جراء القصف التركي على عفرين، ثم ما لبت أن انكشف كذب تلك المليشيات وتبين أن تلك الصور في إحدى المناطق السورية التي تعرضت لقصف من قبل نظام الأسد والاحتلال الروسي.

خلاصة القول تكمن في أن واشنطن تستخدم تنظيم الدولة ورقة لأخذ ذريعة تعطيها شرعية دولية تمكنها من البقاء الدائم في سوريا ونهب ثروات البلاد النفطية ، وهذا ما فعلته روسيا حينما حافظت على وجود تنظيم الدولة في جيب صغير بعقيربات شرق حماة ثم ما لبثت أن منحت عناصره طريقاً نحو المناطق المحررة كي تتخذ ذلك ذريعة تبرر لها العمليات البرية للنظام هناك، لكن تركيا التي تصر على إكمال عمليتها بنجاح تدرك جميع الحيل الأمريكية التي تريد الإيقاع بغصن الزيتون وإنهاءها بأي ثمن تجنباً لمطالب ستكون حتمية وقاسية جداً من أنقرة على واشنطن خصوصاً أن أردوغان أعاد اليوم الحديث مرة أخرى أن بلاده ستكمل العمليات العسكرية في منبج وشرق الفرات وصولاً إلى الحدود مع العراق.