الأربعاء 2016/07/20

ضلوع المليشيات الكردية بمجزرة التوخار… وتجاهل عربي مخز

ليسوا قتلى في هجمات باريس أو مطار بروكسل أو حتى جرحى في هجوم أورلاندو على الشواذ.... فهؤلاء تُستحق أن تضاء معالم البلدان بألوان أعلام بلادهم تضامنًا معهم فدماؤهم ثمينةٌ نفيسة، وثمة دماء رخيصة مبذولة.

مجزرة "التوخار" القريبة من منبج.. هي الأكثرُ فظاعةً وإجراماً منذ إعلانِ المليشيات الكردية الانفصالية بدءَ هجومِها على مدينة منبج شرقَ حلب لإخراجِ تنظيم الدولة منها ،حيث سقط في هذه المجزرة المروعة اكثر من 200 شهيد أغلبهم من الأطفال والنساء والعجزة .

أكثر من شهرين مرّا على إعلان المعركة لم تستطع حتى الآن المليشياتُ حسم المعركة وإحكامَ السيطرة عليها، وهو سيناريو يذكّرنا بمجريات معركة "الشدادي" جنوب الحسكة التي كلفت المليشيات أرقاماً ضخمة من القتلى والجرحى، ما دفعها إلى اللجوءِ إلى أساليبَ انتقامية حاقدة، حيث تقوم عمدا بإعطاء إحداثياتٍ خاطئة لطيران التحالف الدولي في مواقع على أنها لتنظيم الدولة، ويتبين بعد القصف أن جميع الضحايا من المدنيين العزّل، الأمرُ الذي تسبب بسقوط المئات من الشهداء، وتهجير الآلاف، وهو ما تريدُه المليشيات بفعلتها تلك، لتكون قد استفادت من القصف على ناحيتين؛ الأولى.. قتل أكبر عدد من السكان العرب، والثانية.. تهجير من أصرّ على البقاء منهم؛ وكلتاهما تصبّانِ في خارطة التغيير الديمغرافي الذي تسعى إليه المليشيات الكردية، وهو ما كان لها حيثُ تمكنت بعد تلك الانتهاكات من السيطرة على معظم ريف الحسكة، ومارست سياسة تطهير عرقي في مناطق واسعة.

اليومَ وفي معركة منبج وبعد تقدمٍ حققته المليشياتُ وحصارها المدينة.. شن تنظيم الدولة هجومًا كبيراً تمكّن فيه من استعادة عدة قرى بمحيط المدينة ومواقع أخرى، مستفيداً من عملياته الانغماسية المعتادة التي وجدها بمثابة "ورقته الأخيرة" وهو هجومٌ كلّف المليشيات نحو ثلاثمئة قتيل منذ السبت الماضي، ما دفع بالمليشيات إلى استخدام نفس الأسلوب الهمجي الذي استخدمته في عدوانها على الشدادي، فقامت بإعطاء إحداثيات خاطئة للطيران الأمريكي الذي لا يُبالي بأعداد الضحايا ويتذرع بحجة محاربة تنظيم الدولة.


بمتابعة عربية مخزية

إبادةٌ جماعية تحصل في منبج رداً على الاستنزاف الكبير الذي تُمْنَى به قواتها ، ويُصدر بيانٌ منها معقباً بالنفي عما حصل ومؤكدا أن من قُتل هم من تنظيم الدولة.

انقضاء النهار كان كافياً لكشف كذب بيان المليشيات إذ بدأت صور الضحايا من الأطفال والنساء بالظهور في مشهدٍ اختلطت فيه الدماء ببعضها وتناثرت الأشلاء هنا وهناك، وقام الأهالي بنقل الجميع في سيارة كبيرة ودفنوهم في مقابر جماعية وسط عجزهم عن مداوة الجرحى..

تُواصل المليشيات سياسة القتل الممنهج والتهجير القسري بإشراف دولي مدّعية أنها جاءت لتخليص منبج من تنظيم الدولة، وتُحرِّفُ باستمرار حقيقة ما يجري على الأرض غيرَ آبهة بحياة الآلاف، حيث تقومُ بارتكاب انتهاكاتٍ بحقّ من يخرج وتقصف المدينة عشوائياً.

مشروعُ التغيير الديمغرافي والدويلةِ الكردية ماضيةٌ فيه على حساب أرواح آلاف الأبرياء، في فاتورةٍ يبدو أن كلفتها الأعلى ستكون حين تنوي المليشيات الهجوم على الرقة التي تؤوي أعدادا تفوق أعداد منبج بكثير، والمدنيون طبعاً هم الضحية.

المؤلم في ما يجري أنْ لا أحد من الدول العربية وحكامها وجامعتها أدان هذه المجزرة أو تضامن مع أهلها، وفي الوقتِ الذي شهدت فيه دولٌ غربية هجمات شاهدنا عدة دول عربية أضاءت أعلام بلدانها تضامنا معهم، وكان الأجدر بهم التضامن مع أشخاص يتقاسمون معهم الموطن والعروبة، ما يؤكد أن التفسخ الأخلاقي واللامبالاة وصلتْ إلى مرحلة غير مسبوقة، وبات الدم العربي يفقد قيمته كلما تقدَّمَ السنُّ في هذه الدنيا ! .