الجمعة 2016/05/20

رسالة الشيخ المفكر مجاهد ديرانية إلى الفصائل في غوطة دمشق

كل مجاهد في جيش الإسلام وفي فيلق الرحمن عرف عدوه فوجّه إليه سلاحَه والتزم جبهته فلم يشارك في الفتنة فإنه جوهرة نفيسة صافية، وهو يستحق شكر الناس ورضا رب الناس. وكل قائد أو شرعي أو إعلامي من الفريقين ومن غيرهما دفع إلى الصلح وخذّل عن اقتتال الإخوة فإنه رجل الوقت الذي نفخر به في الدنيا ونرجو له حسنَ العاقبة في دار البقاء. وكل من روّج الفتنة وأجّج النار فإنه مجرم ملعون، وإنا لنبرؤ إلى الله منه ومن كل جريمة جَرّ إليها تسعيره المجنون.

* * *

أبرأ إلى الله من كل دم أُريق في هذه الفتنة، وإنها لفتنة عمياء صمّاء ليست لها علاقة بالحق والباطل ولا بالثورة ولا بالدين. إنما هي حرب عَصَبيات ومصالح ونفوذ، ومَن صوّرها على غير هذه الصورة أو أدخل فيها الدين فقد أساء إلى الدين وافترى على الله.

* * *

أبرأ إلى الله من كل مجاهد رفع السلاح على أخيه ومن كل شرعي حرّضَ على الاقتتال ومن كل قائد استعمل القوة لحل مشكلته مع إخوانه. إنه قانون وحوش الغاب لا قانون البشر، وهو منهج الجاهلية لا منهج الإسلام، فاتركوه أو اتركوا دعوى الانتساب للإسلام ولشرع الرحمن.

* * *

أبرأ إلى الله من كل هجوم غادر قام به الفيلق على الجيش أو الجيش على الفيلق. لا أعذر أياً منهما ولا يهمني البادئ لأن نقطة البداية ستبقى محل خلاف إلى الأبد، أهي هجوم الفيلق على الجيش قبل ثلاثة أسابيع، أم استيلاء الجيش على مقرات الفيلق في دوما في شباط وفي الشيفونية في نيسان؟

* * *

أبرأ إلى الله من كل طرف عطّل مبادرات الحل وقطع جهود الوسطاء بهجومه على الطرف الآخر، وهي جريمة ارتكبها الطرفان، ويتحمل الفيلق وزرها الأكبر لأنه الأسبق بالهجوم. العقل والدين يقولان للطرفين: إن طريق التحاكم والقضاء -ولو طال- خيرٌ من طريق القوة القصير الذي تعقبه دماء وتِرات وأحقاد.

* * *

أبرأ إلى الله من تحالف فيلق الرحمن مع جبهة النصرة، ومن الفتوى الإجرامية التي أصدرها شرعيّوها بقتال جيش الإسلام قتال استئصال، وأبرؤ إليه من دعوة شرعيّ الجيش لقتال الفيلق قتال استئصال. أبرؤ إلى الله من التجييش الشرعي في هذه الفتنة التي لم يَبتغِ فيها أحدٌ وجهَ الله.

* * *

أبرأ إلى الله من سحب المقاتلين وصرفهم من قتال النظام إلى قتال إخوتهم في الفصائل، وأبرؤ إليه من إخلاء الجبهات وعزلها وقطع طرق الإمداد للمقاتلين، وإبرؤ إليه من ضياع البوصلة واضطراب الأولويات وتقديم قتال إخوة الدين والدم والسلاح على قتال النظام، وهي جرائم اشتركت فيها كل الأطراف.

* * *

أبرأ إلى الله من كل بغي على المدنيين ومن كل عدوان على المؤسسات المدنية في الغوطة. أبرؤ إلى الله من اعتقال الأبرياء وملاحقتهم خارج القضاء، وأبرؤ إليه من سجون الفصائل ومن أجهزتها الأمنية التي شابهت أجهزةَ النظام ونافستها في الظلم والقهر والاستبداد.

* * *

أبرأ إلى الله من الكذب والتضليل الذي صدر عن الطرفين في بياناتهما الإعلامية. من أراد الصدق والإنصاف فليُعرض عن بيانات الطرفين التي ضلّلت الناس، وليجمع الحقائق من أفواه أهل الغوطة ومن المؤسسات المدنية المستقلة التي تفوقت على الطرفين في الصدق والأمانة.

* * *

أخيراً أبرأ إلى الله من الغرف الخاصة التي استهلكت وقتي وقوّتي في الأسابيع الماضية ثم لم أجد فيها خيراً يُذكَر، فإني وجدت كل طرف فيها أشدَّ تعنتاً واستكباراً من الآخر، وكلٌّ يظن أنه على الحق المطلق وأن الآخر في ضلال مبين. وما كان الحق يوماً أكثرَ ضياعاً ولا كان الباطلُ أكثرَ اشتراكاً بين طرفين منه اليوم، هذه شهادتي لله وللثورة والتاريخ وإن غضب منها نصف الناس، يكفيني أن أُرضي بها ضميري وأُرضي ربَّ الناس.