الجمعة 2017/03/31

دير الزور.. أم ثكلى

ماذا تريدون منها، دعوها تموت بصمت بعيدا عن العدسات كما عاشت بعيدة عنها ،دعوها ترى أطياف أهلها الذين هجروا قسرا أثناء الغرغرة بهدوء ،لا تزعجوها بأضواء كاميراتكم.
هي الآن تناغي جسرها المعلق قبل أن يهوي إلى قاع الفرات
تقبل أطياف شهدائها الذين زرعتهم بالحدائق لإغلاق طغاة التاريخ طريق المقابر
تضحك مثل عجوز يجلس على ذلك الكرسي في قهوة فيها الكراسي الصغيرة مقابل السوق المقبي.
 تتجول في سوق القصابة باحثة عن أجود أنواع اللحوم كي تطبخها يوم الجمعة أثناء اجتماع الأولاد والبنات في بيت الجد.
 تمر بسوق الهال تنتقي * * البامية الجمالية وتأخذ البندورة الزورية لتمر بعد ذلك إلى تنور يبيع الخبز المقمر وتعود لتحضر الثرود للعيال وأبيهم.
اتركوها تبحث في منطقة الشولة عن شعيب طالما جلست ترقص فيها فرحا بجمعة الأحبة.
ها هي تلفظ أنفاسها الأخيرة وهي تردد "ضرب الخناجر ولا حكم العفن بيه"
اهدؤوا قليلا دعوها تركز أثناء كتابة وصيتها.
أبنائي .. يامن ساهمتم بقتلي لكم حبي ..
أعلم أنكم مشتاقون لي .. لكن الحمل ثقل علي كثيرا بعد هجرتكم
لا تحزنوا إن مت واحضنوا مدنا احتوتكم .. ربما بطريقة حضارية لم تروها مني
سامحوني .. لم أتعلم أن ألبس لكم فوق الركبة ولا البنطال الممزق ولا التيشيرت بلا أكمام ..
لبست العباءة السوداء فقط .. كنت أخشى من غضب الله ثم غضبكم
أعرفكم غيارى وتصونون العرض .. ..
اعذروني لا أقصد جرحكم في شيء .. ولكن غرغرة الموت تذهب العقل0
أوصيكم يا أبنائي بأنفسكم بأولادكم .. ... .. علموهم ثقفوهم ثقافة حياة كنت أتمنى أن أمنحكم إياها.
 لا تحزنوا .. على ما تشوه من جسدي ... سيلتئم جرحي بالقبر .. فتراب الدير المعجون بدم الشهداء من أبنائي سيبريني من أسقامي ...
 لا تكتبوا على قبري شيئا .. فقد عشت بعيدة عن الأضواء ولا أريد الشهرة لنفسي بعد الموت .. تعرفونني جيدا لا أحب الظهور.
 سامحوني .. كذبت في هذه .. .. والله أحب الظهور لكنكم ساهمتم مع الجلاد في إخماد أي نور يوجه إلي.
سحقا لي .. خدشت مشاعركم وهذا ما لا أريده.
أعود إلى الوصية .. لا تحاولوا العودة إن كانت نفوسكم كيوم غادرتموني
 دواليب السيارات التي نقلتكم قطعت أوردتي ليس لثقلكم .. فأنا من حملت ثقلكم دهرا .. ولكن للأرواح المهزومة فيكم .. أجل فلم أركم قط بهذا الشكل من قبل ..
راقبتكم جيدا عند مغادرتكم .. كنتم تلتفتون إلى الوراء .. تريدونني أن أصرخ بكم .. عودوا
لم أفعلها .. ولا تتخيلوا أنني سأفعلها إن بقيت حية ..
تركتموني كعاهرة ترمى في الشارع بعد أن يتم الزناة شهوتهم
لاتضعوا أصابعكم بآذانكم واسمعوني جيدا
دمرني بشار ولم أصرخ .. .. لأنكم فوق أرضي تشدون عزيمتي
قتل طيرانه ودباباته زهور شبابي واحتضنتهم دونما دموع .. كي لا تضعفوا وتتراجعوا ..
 داهمني الليل الأسود ولم أجزع .. قلت لابد سينجلي ويبزغ الفجر لترقصوا على أرضي فرحا بنصر على دنيا من الظلم والعبودية التي ما نسيتها إلا بعد ثورتكم
 تحملت هذا وتلك وذاك وأولئك .. لكن الظهر ما عاد يحتمل
لا تصدقوا أما تلفظ أبناءها وإن خذلوها
أحبكم
ما مت .. ولن أموت إلا أن يشاء الله
سأخبركم بسر أرجوكم لا تخبروه لغيركم ..
أفرح كثيرا عندما أسمع بنجاحاتكم بعيدا عني ..
كما أضحك عندما تعلمون أجنبيا كيف يقول شكون * *
أحن لنعالكم .. فهل تحنون لي؟
 أنتظركم .. بحسرة