الثلاثاء 2017/02/28

حصل في جنيف 4 … البروتوكولات الدبلوماسية تنتصر على أشلاء الأطفال في سوريا …

يلومنا البعض بأننا خلال جنيف نترك قضيتنا ونُمسك بتلابيب المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا ..نُمضي أوقاتِنا بالحديث عن تحويله الملفَّ السوري إلى شيء يشبه "مسلسل باب الحارة " بأجزائه اللامتناهية، ونعلِّق على بعض عباراته التي ينطقها بالعامية السورية في كل جولة، وقد يروق لبعضنا أن يشطحَ به الخيالُ ليسأل نفسه ..كم يقبض دي ميستورا أجراً شهرياً على منصبه؟ 

نعم .. بالتأكيد.. هذا ما يدور في أذهان السوريين الذين لم يعُد جنيف يمثّل لهم سوى فرصة يُثبت فيه القتَلة شرعيتهم ، بينما يجلس من يُفترض أنهم يمثّلون أصحاب الحقوق ، تائهين في بحر من المصطلحات القانونية والاقتراحات الديمستورية ، والضغوطات من القريب والبعيد.

ما يدور في حقيقة الأمر بأروقة جنيف يأخذ حقيقةً أبعاد مأساة جعلتنا ننظر إلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة على أنهم هم من يدعمون الأسد وليس روسيا وإيران اللتين تستجديان الدنيا لرفع العقوبات عنهما، فيما تبدوان وحشين كاسرين قادرين على إخضاع دول العالم، فقط في الملف السوري!.

مشهد من مشاهد جنيف يستطيع ببساطة أن يختصر الحكاية السورية المليئة بالغرائب والخيالات ..يقول المشهد الذي نقلته وكالات أنباء إن دي ميستورا في صباح سويسري شاعري كان ينتظر خارج الجزء A13 من مبنى الأمم المتحدة في جنيف، ليستقبل وفد النظام المفاوض برئاسة بشار الجعفري، وتقول البروتوكولات الدبلوماسية إن من المفترض أن تكون نائبة دي ميستورا هي التي تستقبل وفد النظام ، لكن دي ميستورا انتظر دقيقتين حتى نزل الجعفري من السيارة التي تقله إلى مدخل المبنى A13 ثم صافحه.

وقالت مصادر مطلعة في جنيف إن دي ميستورا تقصَّد ترطيب الأجواء مع الجعفري، وتصحيح "خطأ بروتوكولي" ارتكبه في الجلسة الافتتاحية التي جمعت وفد المعارضة وفد الأسد ،عندما نهض دي ميستورا في نهاية الجلسة وصافح وفد المعارضة قبل أن يصافح وفد النظام ، فما كان من بشار الجعفري إلا أن نهض وغادر القاعة محتجاً، بينما حاول دي ميستورا تلافي " الخطأ الدبلوماسي"، واتجه مهرولاً نحو وفد الجعفري، فلم يلحق منه إلا العضو أحمد الكزبري.

في الحقيقة ليست القصة في عرَّاب تمييع الملف السوري "دي ميستورا"، وليست المشكلة في الواقع تتعلق بالطريقة التي يتعاطى فيها مع الملف السوري وكأنه خلاف جهتين على قطعة أرض يتكفل القانون بحلِّ الخلاف بينهما ، بل إن المشكلة في مجتمع دولي أعور، جعل المبعوث الأممي إلى سوريا لا يرى أشلاء الأطفال في سوريا ، ولا يعُدُّ أكثر من 600 ألف قتيل ، ولا يعبأ كثيراً ب250 ألف معتقل و نحو 10 ملايين نازح ومهجر ، مع علمه الواسع أن النظام الذي يمثله بشار الجعفري هو من تسبب بكل ذلك ، لكن ما يؤرق دي ميستورا في الواقع هو خرق البروتوكولات والأعراف الدبلوماسية، وهذا ما جعله يبادر إلى الاعتذار للجعفري ، عبر ذلك المشهد الذي يختصر قصة السوريين مع ...مسلسل جنيف.