الأحد 2016/10/30

جياد الفنكوش تعبت يا سيسي

لن تستطيع فهم تصريحات السيسي دون فهم الروح المصرية، التي تخلط الجدي بالهزلي، وتذهب لمقاربة الأشياء شعبويا.

ظهر الضابط الذي انقلب على الحكومة المنتخبة بخطاب بسيط لطيف؛ مرتكزا على عبارة:( أنتم مش عارفين أنكم نور عنينا ولا إيه) ، ثم أغرق الساحة بتصريحات أثارت المصريين قبل العرب، ابتداء من بلاد الرز إلى المشاريع الخلبية التي سماها المصريون "مشاريع الفنكوش" إحالةً لفلم الفنكوش لعادل إمام الذي يروي قصة نصب واحتيال لسلعة، لم يكن لها وجود.

حشد السيسي ماكينة إعلامية عملاقة تروج لمشروعه، وتخلط النكتة بالجدية، ابتداء من مشروع الكفتة، حيث ظهر اللواء عبد العاطي مخترع علاج الإيدز بالكفتة، واتضح لاحقا أن هذا الرجل ليس بضابط، وإنما القضية "فنكوش" لا أصل لها.

سارت عربة مصر السياسية تجرها جياد فنكوش السيسي؛ من العاصمة الجديدة، إلى شق ترعة جديدة لقناة السويس، وزعم الرئيس أنها ستدر الملايين على الخزينة، ولكن القضية كانت مثل سابقتها فنكوشا مزعوما لا أصل له.

هاجمت المعارضة المصرية هذه الطروحات الفنكوشية، ولكن إعلام السيسي كان مستميتا في الدفاع عنها وعن مثيلاتها من مشاريع "النهوض" بمصر، كتقسيم الرغيف إلى أربعة، واستخدام لمبة كهرباء للتوفير، ولكن الجنيه استمر في الهبوط، وازداد التضخم، وصار السكر مادة نادرة في السوق المصرية، فما كان من السيسي إلا أن قدم نفسه بوصفه مواطنا مصريا صالحا همه الوحيد نهوض البلاد، وكل ذلك عبر استخدام خطاب شعبوي بسيط، فكان تصريحه الناري:( أنا لو ينفع اتباع ، كنت بعت نفسي) ، ولكن جياد الفنكوش أنهكها التعب، وليس بوسعها جر عربة غارقة بسبب سياسة الانقلابيين، ليخرج السيسي من جديد في حديث ذكريات مع المصريين الذين عليهم أن يتحلَّوْا بالصبر للوصول إلى أعلى القمم، كما كانت حاله؛ فطرح من جديد نظرية "الثلاجة الفارغة" إلا من ماء لمدة عشر سنين !.

مرة أخرى تلقفت وسائل الإعلام هذا التعليق بسخرية لاذعة، وصلت إلى مسؤولين عرب، كما فعل الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني السعودي الجنسية الذي سخر من ثلاجة السياسي، وظل التعاطي مع المسألة بشكلها السطحي، بينما تجانف القوم عن فهم حقيقة تصريحات الرجل، الذي يصر دائما على أنه لا يحمل مشروعا سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا لمصر، و ما على الشعب إلا أن يحاول الانطلاق من الفراغ ، فالجعبة فارغة من كل شيء .

كان السيسي واضحا منذ البداية مع المصريين، لم يكذب عليهم، ومراجعة المشاريع التي قدمها توحي بذلك، أسرج الرجل جياد الفنكوش لتجر عربة البلاد.... تعبت الجياد، وبدأت تضمحل، وتحولت رئاسة الجمهورية من مكان لصناعة السياسات، إلى سيرك كبير ، و الجمهور ينتظر قفزات السيسي الجديدة .