الأحد 2018/02/25

ترامب في طريقه إلى إنهاء “أزمة الخليج”.. هل وصلت الرسالة لدول الحصار ؟

مرّت أكثر من ثمانية أشهر منذ أن تباهى ترامب بأن دولاً خليجية قطعت علاقاتها مع قطر وحاصرتها برياً وبحرياً وجوّياً في حزيران 2017 بتأثير مباشر منه.

لم يدَع ترامب حينها مجالاً للشك أو التحليل بأن حصار قطر هو إحدى ثمار زيارته إلى الرياض فقال في تغريدة: "من الجيّد رؤية أن زيارتي للسعودية تؤتي ثمارها". وفي الوقت الذي كان فيه الرئيس الأميركي يدعم بشكل واضح موقف السعودية والإمارات من الأزمة الخليجية، كان لوزارتي الخارجية والدفاع رأي مختلف، يغرّد ترامب ضد قطر صباحاً، وتصرّح الخارجية بمواقف داعمة لها مساء.

لم يكن الأمر وقتها مستغرباً في ظل ما تعيشه الولايات المتحدة من حالة المؤسسات المستقلّة عن بعضها، فليس موقف البيت الأبيض من هذه القضايا سوى رأي للبيت الأبيض، لا يشترط أن يسير عليه البنتاغون أو الخارجية أو المخابرات. ولا عزاء لمن سار بتصرفاته انسياقاً وراء رأي ترامب!.

لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن دول الحصار لم يكن لها من تعويل إلا على موقف ترامب، الذي بدا متغيراً متحوّلاً محكوماً بموقف دولي وأميركي داعم لقطر، رافض  لخطوة حصارها، ومن هنا بدأ ترامب نفسه يغير مواقفه تجاه المسألة، بعد التخبط والاضطراب الواضحين في سياسته الخارجية التي لم تكن الأزمة الخليجية مظهراً وحيداً لفشلها، بل ينطبق الأمر على ملفات سوريا وكوريا الشمالية والنووي الإيراني كذلك.

شهد موقف الرئيس الأميركي تغيراً لافتاً منذ شهر أيلول 2017، الذي أعلن فيه ترامب للمرة الأولى أنه سيتدخل شخصياً لحل أزمة الخليج، ويعد لقاؤه مع أمير قطر "تميم بن حمد آل ثاني" بنيويورك في 19 أيلول (على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة) تطوراً كبيراً في المسار البياني للأزمة، إذ أشاد ترامب بالأمير تميم، مؤكداً أن العلاقة بين الجانبين "صداقة طويلة"، وشدّد على أنه يحاول حلّ الأزمة، "أعتقد أننا سنحلها، ولديّ شعور قوي بأنها ستجد طريقها إلى الحل سريعًا جدًا". وسط امتداح كبير "للعلاقات الممتازة" بين واشنطن والدوحة.

مجلة "ذا نيشن" الأمريكية قالت في تقرير لها منذ أيام إن قطر نجحت بشكل كبير في التغلب على "الحصار"، وأوضحت أن السبب في ذلك يعود بشكل رئيسي إلى "مرونة اقتصادها وعلاقاتها الدبلوماسية بالأشخاص الناضجين في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب".

وأوضحت المجلة الأميركية أن السعودية قامت بتضليل ترامب بداية، قبل أن ينجح وزير الدفاع ماتيس ووزير الخارجية تيلرسون بتغيير وجهة نظر تماماً، ما أدى إلى "تلقي الرياض وأبوظبي هزيمة مهينة، أمام قطر".

كل ما ذكر قاد بشكل مباشر إلى الخبر الذي كشفته رويترز يوم السبت الماضي، إذ نقلت الوكالة عن مسؤولين أمريكيين أن ترامب سيلتقي قادة السعودية والإمارات وقطر خلال الشهرين المُقبلين في واشنطن، في إطار الجهود الأميركية لحل الأزمة الخليجية، ما يشير إلى التطور الأقوى منذ حزيران 2017، وهو أن الرئيس الأميركي سيباشر بنفسه جمع الأطراف في مكان واحد، ونقلت رويترز عن مسؤول أميركي آخر قوله : "نأمل أن يُحلّ النزاع قبل عقد القمة (العربية) حتى يتسنّى الوقت للتركيز على قضايا استراتيجية أخرى مثل إيران".

جميع المؤشرات تدل على أن ترامب عازم على إغلاق ملف الأزمة الخليجية، التي أضعفت بحسب مراقبين قدرة واشنطن على مواجهة ملفات أكثر أهمية بالنسبة لها، مع تأكيد أن تلك الأزمة لم تكن سوى مغامرة من مغامرات الرئيس الأميركي وجد لها صدى عند السعودية والإمارات المغتاظتين من دور قطر في المنطقة، فهل نشهد خلال وقت قريب نهاية تلك الأزمة على يد ترامب أيضاً؟ وهل تصل الرسالة كما ينبغي للدول التي عولت كثيراً على حصار قطر وإضعافها وإفقادها دورها في المنطقة؟ ..نتمنى ذلك.