الثلاثاء 2016/12/13

تدمر طارت …… تدمر وكّرت

دون سابق إنذار ودون تمهيد مسبق استفاق أهل تدمر يوماً على ذات الأسلحة التي حملها أشخاص لم يألفوهم، فالوجوه كساها شعر الوجه والملابس ليست عسكرية، واللغة ليست روسيّة ولا إيرانية و لا عسكرية سورية أقرب إلى العلويّة، أجل فقد كانوا جنود تنظيم الدولة الذي سيطر على تدمر وسط ذهول الغريب قبل القريب.

تعايش المساكين من المدنيين الذين بقوا فيها ولم يهربوا مع عناصر تنظيم الدولة، فلبسوا اللباس الذي لا يصف ولا يشف وصلوا الصلوات الخمس في الجوامع ولو بدون وضوء، واتبعوا دورات شرعية تحت باب الاستتابة من كفرٍ أو ردّةٍ.

وأعلن تلفزيون النظام ( طارت تدمر )، أثناء الإعلان كانت قوات تنظيم الدولة تخلي ( الغنائم ) من مستودعات الأسلحة التي عافها جنود بشار الأسد وشبيحته، تابع مذيع النظام مهدّداً ومتوعّداً باستعادتها، أثناء التهديد والوعيد، كان جنود تنظيم الدولة ينفذون القصاص على مسرح تدمر.

حصل مشهد مذهل بعد أيام، طائرات الأسد وطائرات بوتين كانت تقصف منازل المدنيين، بينما توجّه جنود الخلافة إلى سجن تدمر ودمّروه مبررين تفجيره بمحو رمز من رموز التعذيب وأصدروا بياناً يوضح العمليّة، بينما كان أهالي تدمر يدفنون ضحايا القصف.

دارت الأيام، بين قصف وضربٍ وقصاص وكرٍّ وفرٍّ و.. و.. لينسحب التنظيم من مدينة زنوبيا، ويدخل الروسي والإيراني وتابعهم السوري من قوس النصر، ويعلن تلفزيون النظام ( وكّرت تدمر )

مشاهد الفرح ملأت آثار تدمر، والأعلام الروسية رفرفت في سماء سورية معلنة نفسها قوة احتلال واغتصابٍ لأرض مرّ عليها كلُّ جبابرة العصر وولّوا الأدبار مهزومين أمام شعبٍ لم يسكت على ظلمٍ وإن طال.

المشهد هذه المرّة بطلته ناتاشا ولمن لا يعرف ناتاشا فليسأل عنها العم جوجل فأنا بصراحة أعرف أنها مغنية روسية أحيت حفلاً على مسرح تدمر العظيمة القديمة قِدَمَ التاريخ، برفقة فرقة أوركسترا روسية، يحرسها شبيحة بشار الذي وقفوا على باب المسرح كحُجّابٍ لدى القيصر، وانتهت الحفلة بإعلان تدمرَ قاعدة عسكريّة روسيّة.

دقّت هذا الصباح بابي سيّدة في الخمسين من العمرِ سائلة عن بيتٍ للإيجار، وبدوري كسوريٍّ يحب أن يعرف البيضة من الذي باضها والدجاجة من الذي جابها، سألت: من أيّ مدينة أنت ياخالة ؟

ردّت: من تدمر

رأت المرأة على وجهي علامات استغراب فردّت على ما بدا على وجهي من تعجب

لا تستغرب يا وليدي ... (طارت تدمر ).