السبت 2017/07/01

الوضع الأمني والاقتصادي في دير الزور قبل و بعد دخول التنظيم

لعلَّ المتمعن في المشهد العام لمحافظة دير الزور بعد انطلاق الثورة، بمرحلتيها، قبل وبعد سيطرة تنظيم الدولة عليها يجد اختلافاً بين المرحلتين من الناحيتين الأمنية والاقتصادية، فهناك ترابط وثيق بينهما، إذ كلما كان الوضع الأمني متدهوراً انعكس ذلكَ على الاقتصاد، ولعلَّ العكس يكون صحيحاً في حالة الثورة الشعبية التي انطلقت كردّة فعل على خمسين عاماً من الظلم والكبت والتعسف والاضطهاد لكلّ شيء يدعى ثورةً أو مطالبة بحريةِ الشعوب، وارتباط الوضع الاقتصادي ارتباطاً وثيقاً مع تصاعد العمليات العسكرية والاشتباكات الدائرة قبل وبعد سيطرة التنظيم على المنطقة الشرقية بشكل عام، وعلى ديرالزور بشكل خاص.

أمنياً:

وقبل دخول تنظيم الدولة كان السلاح منتشراً في الشارع كأي سلعة من الأدوات المنزلية تباع وتشترى وتحمل دون حرج أو حساب، ولعلَّ استخدامه في الأفراح كان مصدر قهر للمدنيين الذين يقولون في سرهم لماذا لا يُوجَّه هذا الرصاص إلى عناصر قوات النظام، وتطورت الأمور فقد أصبح بعض الأشخاص يستخدم مضاد الطيران  في الأعراس !، وعلى الرغم من انتشار السلاح إلا أنَّ الانتهاكات كانت قليلة بحق المدنيين ولكنّه بقي مصدر تهديد وخطر عليهم.

كانت هناك مشكلة أمنية أخرى وهي مسألة اغتيالات القادة التي كانت تحدث في معظم المدن والقرى التي حررها الجيش الحر، ولعلّ اغتيال القياديين في الجيش الحر "علي مطر وشحوارة" خير مثال على ذلك، مضافاً إليها محاولة اغتيال قائد الجيش الحر رياض الأسد في مدينة الميادين.

بعد دخول تنظيم الدولة تم سحب السلاح من الشارع، ولم تعد تلك الظاهرة منتشرة في جميع المناطق التي يسيطر عليها، ولكنَّ الخوف والرعب انتشر في صفوف المدنيين، وأصبحت القاعدة الأمنية التي اعتمدها التنظيم تعمل على بث الرعب والخوف، وعادت إلى الشارع مقولة (الحيطان لها آذان).

التمييز بين عناصر التنظيم والمدنيين أو كما يسميهم التنظيم "العوام" أحد المشاكل الأمنية التي ظهرت بعد دخول التنظيم وكانت سبباً في ظلم الكثيرين، ويأتي فوق هذا وذاك استهداف الطيران سواء كان تابعاً للتحالف الدولي أو للنظام والاحتلال الروسي، للسجون التابعة للتنظيم، ولعل أقرب الأمثلة على ذلك ضربة السجن الأمني بمدينة الميادين التي قتل فيها أكثر من أربعين مدنياً معتقلاً بتهمٍ مختلفة وعلى رأسها مخالفة التنظيم بالرأي أو بالفعل.

ملاحظة.. لم يخلُ المشهد في الفترتين قبل دخول التنظيم وبعدها من حالات الخطف وعدم إبلاغ الجهة الخاطفة لذوي المخطوف عن مكان خطفه، وبعد دخول التنظيم أصبح المعتقل لدى فروعه الأمنية مفقوداً والخارج مولوداً، وأكثر المراجعين لا يتم إبلاغهم بمكان اعتقاله، وخاصة إذا كان معتقلاً بتهمة أمنية.

اقتصادياً:

أما الوضع الاقتصادي فقد أثر كثيراً فيه إيقاف التنظيم لعمل المنظمات الإنسانية والإغاثية، وظهر ذلك على أوضاع معظم المحتاجين الذين كانوا يقتاتون من هذه المنظمات و لا سيما النازحين منهم، أما وضع التجار فالجميع يعلم أن هناك تجاراً استفادوا من الوضع طيلة فترة الثورة السورية في عموم محافظة دير الزور، وعملوا على زيادة ثروتهم على حساب المواطن المدني.

ويضاف إلى ذلك قيام تنظيم الدولة بقطع الراتب عن عشرات آلاف الموظفين وذلك عن طريق عدم السماح لهم بالدخول والخروج من مناطق سيطرته، كما إن فتح الحدود بين سورية والعراق ساهم في رفع أسعار المواد الغذائية والخضار والفواكه في أسواق المدينة وذلك بسبب الغنى النسبي للعراقيين على حساب فقر وجوع السوريين في المنطقة الشرقية عموماً ومحافظة ديرالزور على وجه الخصوص.

ولعلَّ العمليات العسكرية في الآونة الأخيرة من التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة أدت إلى وقف النشاطات الاقتصادية كافة وهذا ترك تداعياته في زيادة نسب البطالة و يضاف إلى ذلك عمليات النزوح الواسع بسبب القصف العشوائي الذي يستهدف مناطق سيطرة التنظيم.