الأحد 2016/11/13

الشرق الأوسط في نظر ترامب رهان أم مغامرة ؟

وسط زحمة التوقعات وبين أحاديث السياسة جاء نبأ انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية كالصاعقة ولاسيما بعد الخطابات التي دعم بها حملته الانتخابية وحديثه عن سياسة أشبه ما تكون بسياسة الجنون؛ فالرجل بعيد كل البعد عن السياسة وهذا ما أثار حفيظة العالم إلا ان الأحاديث تبقى أسيرة التوقعات وخفايا المستقبل خاصة وأن ما تم تلمسه في خطاب ترامب عقب فوزه بالانتخابات حيث بدا الرجل كالشتاء المتقلب لا يمكن استشفاف ما يدور في خلده خاصة اتجاه قضايا الشرق الأوسط.

ففي الوقت الذي ينتظر فيه العالم ما سيقدمه ترامب من رؤية جديدة للسياسة الخارجية فإن ما قاله أثناء الحملة الانتخابية يقدم دليلاً على مواقفه المقبلة ولاسيما ما يتعلق بالحرب على الإرهاب إلا أن مرشح الحزب الجمهوري لا تروق له الديمقراطية ولا حتى تغير الأنظمة فإذا ما تحدثنا عن مصر نرى أن ترامب أثنى على قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي وتحدث عن الكيمياء بينهما عندما التقيا على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة حينها وصف ترامب اللقاء قائلاً: "أعتقد أنه كان مثمراً وهو رجل رائع" طبعاً حديثه عن السيسي وأضاف: "اعتقد أنه كان لقاءً عظيماً وجلسنا لمدة طويلة وكانت هناك كيمياء حيث كان الشعور جيداً بيننا" وهنا يظهر ترامب مثنياً على السيسي وداعماً للحرب التي تخوضها مصر ضد الإرهاب الافتراضي .

وإذا ما انتقلنا إلى النزاع الفلسطيني الإسرائيلي نحاول ان نتلمس ما وعد به ترامب حين وعد بالبداية أن يكون محايداً تجاه إسرائيل وعبر عن شكوكه بتقديم مليارات الدولارات سنوياً كمساعدة عسكرية كما دعم حل الدولتين ورفض الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل إلا أنه ومع تقدم الحملة الانتخابية غير ترامب موقفه سريعاً وعندما تسربت مسودة لبرنامج الحزب الجمهوري في اجتماعه السنوي قال ترامب: " إنه كان الأكثر تأييداً لإسرائيل من أي وقت مضى" وتجنب ذكر حل الدولتين ومضى قائلاً: "إن دعم إسرائيل هو تعبير عن الهوية الأمريكية ونرفض الفكرة الخاطئة التي تعد إسرائيل محتلة" بل أنه عرض دعم التوسع الاستيطاني غير القانوني في الضفة الغربية وهذا بالطبع أمر متوقع من رئيس يحظى بدعم اللوبي اليهودي وبالتالي ستكون سياسة واشنطن ازدواجية اتجاه هذه القضية وهو ما يدعمه ترامب أكثر من أي رئيس مضى إن صح القول.

أما إذا ما نظرنا إلى سياسة ترامب اتجاه الملف الأكثر تعقيداً في الشرق الأوسط ولاسيما الملف السوري فنجد أن ترامب تمسك طوال حملته الانتخابية بالفكرة التي تنص على أن الأسد وحلفاءه يقاتلون الإرهاب في سوريا وبالنسبة له فإن الإطاحة بالأسد من السلطة ليست مهمة بقدر أهمية مواجهة تنظيم الدولة قائلاً: "الأسد ثانوي بالنسبة لي" ومحاربة تنظيم الدولة هو الأهم وبهذا يختزل ترامب سياسته الخارجية في ظروف ضبابية لا يمكن المراهنة عليها خاصة أن تعامله مع روسيا قد يزيد الأمور تعقيداً وكذلك التعامل مع قضايا عديدة في المنطقة ولاسيما الاتفاق النووي الإيراني الذي يعتبره ترامب خطأً ارتكبته إدارة أوباما بالإضافة إلى قانون جاستا الخاص بضحايا هجمات سبتمبر وتداعياته مع دول الخليج إلا أن ترامب أفاد برغبته في مساعدة السعودية إلا أنه يريد منها المساعدة الاقتصادية فهو يعتبرها مصدراً للمال فقط لذا تبقى التوقعات رهينة بما سيقدم عليه ترامب خاصة اتجاه الشرق الأوسط الأمر الذي يجعل كل الاحداث رهينة بقضايا ومصالح واجندات رُسمت لهذا الرجل الذي لا يفقه إلا لغة المغامرة والتحدي كما قال.