السبت 2016/10/08

الحزام الشيعي وتخوفات تركيا من معركة الموصل

تحذيرات رئيس وزراء حكومة بغداد حيدر العبادي بحدوث حرب إقليمية في المنطقة في حال بقاء القوات التركية في بغداد، وقرار البرلمان العراقي باعتبار القوات التركية قوات محتلة، كل هذه التصريحات والتصعيد مع اقتراب معركة الموصل دليل على أن دوائر صنع القرار الإيراني التي تسيِّر القرار العراقي تسعى إلى إبعاد تركيا عن المشهد، لتستحوذ على المنطقة طائفيا، وتصبغها بولاية الفقيه.

تصريحات الحكومة التركية وإصرارها على عدم الانسحاب من معسكر بعشيقة، ناهيك عن تحفّظها واستيائها من الأخطاء التي ترتكبها واشنطن في إعداد الخطة العسكرية لمعركة الموصل، والتي من شأنها إشعال فتيل الصراعات المذهبية، وفي إطار البحث عن وسائل التعاون بين واشنطن وأنقرة واللقاءات المستمرة بين الجانبين، لخّص المسؤولون الأتراك تحذيراتهم وأسباب اعتراضهم على الخطة العسكرية التي تحضر لمعركة الموصل بخمس نقاط.

(عودة الحرب المذهبية ضد التركمان في تلعفر) 

تصدّر وضع تركمان قضاء تلعفر قائمة التحذيرات التركية، فالإدارة الأمريكية قدّمت ضمانات لتركيا بعدم السماح لميليشيا الحشد الشعبي الشيعية بالدخول إلى مركز مدينة الموصل، إلّا أنّ أنقرة حذّرت من النتائج السلبية في حال دخول الميليشيات الشيعية إلى القضاء أثناء عودة أهالي تلعفر إلى بيوتهم.

هذا وكانت الصراعات المذهبية حدثت في قضاء تلعفر عقب اشتداد الحروب المذهبية إبّان الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، حيث نفّذت المليشيا الشيعية الطائفية حروباً مذهبية، أدت إلى مقتل الآلاف من التركمان.

وبحسب الدراسات الميدانية التي أجراها مركز الشرق الأوسط للبحوث الإستراتيجية ، فإنّ قرابة 510 آلاف شخص تركماني كانوا يقطنون ضمن حدود تلعفر قبل سيطرة تنظيم الدولة في العام 2014، بينما انخفض الآن إلى أقل من 50 ألفًا.

هذا وتعد القومية التركمانية، ثالث أكبر قومية في العراق بعد العرب والأكراد، ويقدر عددهم نحو 3 ملايين نسمة.

(الحزام الشيعي بين إيران وسوريا مرورا بالعراق)

التحذير التركي الثاني يتمثّل في عزم مليشيا الحشد الشعبي تأسيس حزامه الشيعي الواصل بين إيران وسوريا مروراً بالعراق، عبر تلعفر، لا سيما أنّ هذا الممر انقطع عقب سيطرة تنظيم الدولة، الأمر الذي أدّى إلى قطع الطريق البرية التي تصل سوريا بإيران.

ولكون المناطق الحدودية لقضاء تلعفر تخضع لسيطرة البيشمركة فإنّ الميليشيات الشيعية بحاجة إلى مساعدة حلفائهم في ميليشيا بي كا كا التي تنشط في بعض مناطق سنجار؛ التي تعدّ المنفذ الوحيد لهم إلى الأراضي السورية؛ فوصول ميليشيا الحشد الشعبي إلى سوريا عبر بوابة ميليشيا بي كا كا سيسهّل عملية تزويد نظام بشار الأسد بالميليشيات العراقية والإيرانية ونقل المعدات العسكرية واللوجستية إلى سوريا.

(سيطرة ميليشيا بي كا كا على سنجار)

أما التحذير التركي الثالث فيتمثّل في إمكانية ترسيخ مليشيا "بي كا كا" أقدامها في منطقة سنجار، وتبقى فيها بشكل مستمر، حيث إنها استولت على أجزاء من سنجار في آب/ من عام 2014، بدعم من نظام الأسد وحجة تطهيرها من تنظيم الدولة.

وفي حال تزايدت قوة الميليشيات الشيعية في تلعفر، فإنّ هذا سيؤدي إلى إلحاق الضرر بوجود البيشمركة في سنجار وسينتهي الأمر ببقاء ميليشيا بي كا كا في سنجار.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن قرابة نصف مساحة سنجار ما زالت تخضع لسيطرة تنظيم الدولة، فيما تستولي عناصر منظمة "بي كا كا" على المركز والمناطق المتاخمة للحدود السورية، وتتواجد قوات البيشمركة في المناطق الجبلية.

(إفشال معركة درع الفرات)

القيام بحملة عسكرية متزامنة ضدّ تنظيم الدولة في كل من مدينة الموصل ومحافظة الرقة السورية، يستحوذ على أهمية بالغة بالنسبة لأنقرة التي تؤكّد بأنّ تزامن الحملتين ستسرع في القضاء على تنظيم الدولة، كون تركيز الحملة على الموصل، سيدفع بعناصر تنظيم الدولة إلى الانسحاب باتجاه الرقة السورية، بل ومن الممكن أن يحشد التنظيم قواه في مدينة الباب التابعة لريف حلب الشمالي، ما يجعل أنقرة متخوفة من انعكاس المعركة في الموصل بشكل سلبي على عملية درع الفرات التي أوشكت أن تصل إلى مدينة الباب بريف حلب.

(تسليم الموصل إلى الميليشيات الشيعية)

وكانت تركيا بدأت بتدريب قوات محلية من سكان الموصل في منطقة بعشيقة التابعة لمحافظة نينوى مطلع 2015، بطلب من الحكومة العراقية، حيث تلقى نحو ثلاثة آلاف شخص تدريبات عسكرية صارمة لغاية الوقت الراهن.

وأغلب المتدربين بمعسكر بعشيقة هم من أهالي الموصل تطوعوا لقتال تنظيم الدولة، وينتظرون يوم عودتهم إلى مناطقهم في المحافظة، إلا أن حكومة بغداد التي تسيطر على قرارها إيران، لا تريد أن يكون للمتطوعين المتدربين دور في معركة الموصل، لكونهم من السُّنة.

استهداف تركيا في هذه المرحلة هو دعم للمشروع الإيراني الطائفي والقضاء على السنة، بذريعة الإرهاب الذي يبدأ من إيران وتغذّيه قوى الاستخبارات العالمية لرسم شرق أوسط جديد خال من أي مشروع سنّي يهدد الوجود الإيراني والمصالح الدولية.