الخميس 2017/07/06

الأزمة الخليجية و”الحاجب الأشقر”

الخلاف بين السعودية وقطر بدأ بعد انقلاب السيسي في مصر؛ ذلك الانقلاب الذي رعته السعودية وعارضته قطر، فوقفت قناة الجزيرة منذ ذلك الوقت مع الرئيس الشرعي المنتخب من الشعب المصري محمد مرسي، وعرّت انقلاب السيسي الذي حاولت السعودية والإمارات ومن لف لفهم بكل إعلامهم الذي يصرف عليه المليارات أن تُجَمّلهُ وتقدمه للعالم على أنه إرادة شعب وليس انقلاباً، ولكنها لم تستطع أن تقف أمام عملاق إعلامي مثل الجزيرة، فتدخل الملك السعودي آنذاك وطلب من أمير قطر الضغط على الجزيرة لتخفيف هجومها على حكومة السيسي الأمر الذي تم رفضه، فزادت الخلافات التي وصلت لحد سحب السعودية وبعض الدول الخليجية لسفرائها، ولكن تم احتواء ذلك الخلاف وقتها وتجاوزه.

لكن قناة الجزيرة ذلك العملاق الإعلامي الذي حاولت السعودية بكل مجموعة الـ mbc التابعة لها صمدت، فكان لا بد من الخطة البديلة وهي العمل على إغلاق قناة الجزيرة..

نعم قناة الجزيرة التي أرّقت أصحاب السعادة والفخامة والسمو الخائفين على عروشهم، وخاصة بعد انطلاق الربيع العربي الذي دعمته تلك القناة؛ ووقفت مع تطلعات شعوبه التي ضاقت ذرعاً بحكامها الدكتاتوريين، فخشي من يمارس الدكتاتورية نفسها من أن يطاله ذلك الربيع الذي تؤيده قناة الجزيرة.

ولكن المشكلة كانت بالطريقة التي يجب اتباعها للقيام بذلك فكان الهجوم على الدولة الراعية لتلك القناة هو الحل؛ فشُنّت الهجمة على قطر بدعم ترامبي بدأه بتغريداته على تويتر، ولكنه أي ترامب اصطدم بالجناح السياسي المناهض له والذي لا تعجبه تصرفاته التي وصفوها بالمتسرعة، تلك الصدمة لم تكن لترامب فقط بل الدول المقاطعة نالها نصيبها أيضا ولكنها كانت من تركيا التي بعثت بقواتها إلى القاعدة القطرية، تلك القوات التي أفشلت محاولات الانقلاب العسكري التي كانت تجري من تحت الطاولة على غرار ما حصل بمصر، وبعثت تركيا بأطنان من المواد الغذائية التي أفشلت الحصار.

باختصار الحرب على الجزيرة التي أصبحت تقض مضاجع الذين يخافون على عروشهم؛ والطريقة هي بمحاربة الدولة التي تبث تلك القناة من أرضها، ولكن من أعلن تلك الحرب كان يعتقد أنه يحارب دولة صغيرة جغرافياً والتغلب عليها سهل، ولكنهم لم يعرفوا أن تلك الدولة قد زرعت الخير في كل مكان وستحصده لا محالة، وأنها وقفت مع أحلام شعوب ذاقت المرار بكل أنواعه من حكوماتها الظالمة، ونسوا أو تناسوا أن هناك عملاقاً إعلامياً يقف مع قطر يجيد الحرب بأقوى سلاح في القرن الواحد والعشرين وهو سلاح الإعلام، ويصعب التغلب عليه في ميدانه ألا وهو قناة الجزيرة التي فندت وعصفت بكل مزاعم وافتراءات تلك الدول بحق قطر.

تلك الهجمة التي ازدادت بتغريدة لترامب، وتخبط القائمون عليها (أي الهجمة) بسبب اتصال هاتفي من على متن طائرته الرئاسية، ذلك الاتصال الذي سبق المؤتمر الصحفي لوزراء خارجية دول السعودية ومصر والإمارات والبحرين، والذي يبدو أنه أعطاهم خلاله تعليمات جديدة لا تتناسب مع تغريدة بداية تلك الحرب، ما جعلهم يتخبطون ويتأخرون ببداية المؤتمر، ويظهرون خلاله كالتائهين ليعطوا تصريحات فضفاضة ويتهربوا من الإجابة عن أسئلة كثيرة، كسؤال الخطوات القادمة التي سيقومون بها ليعرف المتابع أنهم ينتظرون تعليمات جديدة قد ترد بتغريدة أو باتصال سريع أو ربما بحركة من حاجب الرجل الأشقر.