الأربعاء 2016/11/16

أيها الثورجي الفيسبوكي.. قل خيراً أو اهتم بالكابتشينو

لا تكاد صفحات العالم الافتراضي "الفيس بوك" أو "تويتر" وغيرها تهدأ مع كل حدث حيوي يخص الثورة السورية وخاصة فيما يتعلق بالمعارك، فمن منظّرٍ إلى متفلسفٍ إلى "متفهمن" على الأرجح؛ كلٌ يهرف بما لا يعرف ويرسم خططا استراتيجية وأفكاراً تناسب تحليلاته التي يرى النجاح فيها وما سواها فهو فاشل، وللعلم فإن تلك الخطط استلهمها من وحي جلساته أمام أزرار هاتفه أو لابتوته في إحدى الدول الأوربية أو في تركيا وغيرها، فتجده يستفيض في التنظير على الخطط العسكرية التي ترسمها الفصائل الثورية في معركةٍ ما، وهو متسكع في شوارع تقسيم أو ملتحفًا الفراش في أحد البيوت أو الكامبات بألمانيا و النمسا وغيرها من الدول المحتضنة للفسابكة الثورجيين.

معركة حلب الأخيرة خير نموذج على هؤلاء الفسابكة، فبعد أن توقفت لأسباب خارجة عن سيطرة الفصائل فُتح الباب لهواة "العالم الافتراضي" الذين يرون أنفسهم الأوفياء الأمناء للثورة إلى المسارعة بإلقاء الشتائم والتهم على قائد بعينه أو فصيل بأكمله، ملقياً بالخيانة على هذا، وبالعمالة على ذاك، وبانعدام الرؤية العسكرية على آخرين، ومغمضاً عينه في ذات الوقت عن التضحيات الكبيرة التي قدمتها الفصائل، وما فعلته من ترغيم أنف النظام وحلفائه الروس والإيرانيين بالتراب.

هل غاب عن هؤلاء المغردين أن الفصائل بإمكاناتها المتواضعة كانت في مواجهة غير متكافئة مع أعتى آلة عسكرية معروفة بشدة البطش والتنكيل ومع ذلك تمكنت من تحقيق انتصار عسكري على الرغم من العدة والعتاد الذي تمتلكه مقارنةً بتجييش النظام وحلفائه لمئات من المرتزقة من المليشيات الإيرانية و حزب الله والنجباء العراقية، وكذلك المساهمة المباشرة لسلاح الجو الذي يتبع سياسة الأرض المحروقة ويحرق النقاط التي يتمركز بها الثوار، كل ذلك لم يمنعهم من دخول منطقة ما تسمى "بضاحية الأسد" والتوغل في أحياء حلب الغربية لأول مرة في تاريخ الثورة السورية، إلا أن ذلك لم يدم بسبب السياسة التدميرية التي انتهجها الروس بالمنطقة المحررة، ولا يمكن إحصاء الغارات التي شملت جميع أنواع الأسلحة المحرمة وغير المحرمة على مواقع الثوار الذين اضطروا على إثرها إلى الانسحاب، وفي عينهم أحياء حلب الشرقية التي ترزح تحت وطأة القصف والحصار.

إن ربحتم في ملحمة حلب فأنا معكم وإن فشلتم فأنتم تفتقرون إلى الخبرة والرؤية العسكرية وإن لم تقاتلوا فأنتم خونة وعملاء... تلك هي وجهة نظر الفسابكة والمغردين إلى الثوار ومعاركهم، ففي الوقت الذي يعيشون فيه مترفين منعمين في دول المهجر وربما أغلبهم لا يذكر أهله المحاصرين في حلب بمعونة مالية تساعدهم، غاب عنهم ما قد خسره الأعداء من جنود وما قدمه الثوار من تضحيات جسيمة، في محاولة الوصول إلى الأحياء الشرقية..

زميلي الفيسبوكي لو كان باستطاعة ثوار ملحمة حلب التوغل أكثرَ والمتابعة لما انتظروا ملاحظاتك ولايكاتك المباركة على أخبار انتصاراتهم، لقد حسموا أمرهم بأن "لا رجعة في قرار فك الحصار"، وهاهم قد طرقوا الباب مرتين، الأولى من جهة الكليات الحربية أعتى النقاط العسكرية في الشمال السوري، والثانية من جهة المناطق الغربية التي لم يطؤوها منذ اندلاع الثورة، وفي كلتا الحالتين سطروا ملاحم ستعجز الأقلام عن تأريخها من اقتحام وانغماس وسط جموع المرتزقة، ومصابرة وتحملٍ فوق جحيم الغارات المكثفة...لذلك أيها الفيسبوكي والمغرد الثورجي.. "قل خيراً أو اخرس"... فأقل ما صنعه ثائر في أرض المعركة لا يعادل أفضل ما عملته بلايكاتك وشيراتك وتغريداتك.. ولتترك شيئاً منها للملحمة القادمة.