الأحد 2016/11/20

أوباما……رحلة وداع وعار السنوات الرئاسية

سنوات مضت من حكم الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما ولا شيء يمكن أن يشيد بسياسة أول رجل من أصول أفريقية يصل البيت الأبيض، ولعل هذا ما كان سبباً في انكفائه على الداخل الأمريكي محاولاً ترك بصمة يتحدث عنها الأمريكيون كخطوة مهمة أنجزها رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.

اليوم وفي الأيام الأخيرة من ولاية أوباما نجد أن السنوات الرئاسية الثمانية لم تحمل للعالم سوى وعود لم يستطع تحقيقها كإغلاق معتقل غوانتنامو وخطابه الشهير في جامعة الدول العربية الذي بنى عليه العرب الكثير من الآمال التي لم تتحقق.

ففي أخر ولايته التي لم تتوج بأي شيء يمكن أن يذكّر العالم بهذا الرئيس يبدو أن الخيار الوحيد أمامه هو الحفاظ على ماء وجهه حيال كل الملفات التي خاضها فالاتفاق النووي الذي أبرمه مع إيران ورغم كل الانتقادات التي وجهت له كان بمثابة ثغرة جديدة قد تهيل التراب على إرث أوباما بعد فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي أثار العديد من التساؤلات حول سياسته التي لم تنضج بعد إلا أن خطابه وتعقيبه على الاتفاق النووي مع إيران يدلان على أن الرجل قد ينسف هذا الاتفاق في أي لحظة.

أوباما الذي يزور الاتحاد الأوربي كأخر زيارة له والتي يفترض أن تكون زيارة الوداع بدا كأنه مثقل من فوز دونالد ترامب حيث تحول خطابه إلى خطاب مليء بالمخاوف؛ فالرئيس المنتهية ولايته اختار قلعة الأكروبوليس اليونانية ليخاطب العالم وربما ليخاطب خلفه المنتخب ترامب مؤكداً على المخاطر والتحديات التي تواجهها قيم الديمقراطية والتعايش السلمي في العالم حيث قال من اليونان مهد الديمقراطية إن أوربا غرقت منذ وقت قريب في حمام دم بسبب السياسات الخلافية وعلى العالم الحرص من الانجرار مجدداً إلى مستنقع القوميات العرقية والعصبيات الوطنية الصاعدة والتي لن نجني منها سوى العودة إلى المزيد من الخلافات والصراعات كما كان حال أوربا في القرن العشرين وبالإشارة إلى الخوف والغضب اللذين تجليا بعد فوز ترامب المفاجئ يحذر أوباما من العودة إلى أشكال العنصرية والتعصب التي كانت تقسم الأمريكيين في السنوات التي خلت معتبراً أن سياسة التقسيم يمكن أن تشل إمكانات وطاقات دول مثل الولايات المتحدة.

هو الوداع إذاً ولربما أراده أوباما أن يكون من مهد الديمقراطية في اليونان محاولاً في هذه الزيارة وهذا الخطاب أن يعيد رسم ملامح ستار سياسي يخفي كل الإخفاقات السياسية التي منيت بها إدارته في مختلف الملفات ولربما أراد هذا الرئيس أن يوجه رسالة للعالم يقول فيها إن سياستي كانت الخيار الأفضل بالتوازي مع سياسة سلفه جورج بوش وما بات يلوح من سياسة خلفه دونالد ترامب إلا أن ويلات الحروب التي اجتاحت المنطقة وتراجع الدور الريادي في العالم لأمريكا أمام روسيا كل ذلك قد لا يغيب عن ذاكرة العالم عامة والأمريكيين خاصة مهما حاول أوباما أن يغير من المفاهيم الدولية والسياسات الواضحة التي سار عليها؛ فوصمة العار قد وُشمت في سجلات تاريخه الذي لا يمكن لجائزة نوبل للسلام التي منحت له أن تغير من التاريخ الأسود الذي بات حقيقة يدركها العالم ولا يمكن لها أن تغيَّب مهما حاول أن يقدم من أعذار عن أخطاء ارتكبتها إدارته؛ وحديثه عن فشله في إيجاد حل للملف السوري الدموي أكبر دليل على ذلك الإخفاق.