الجمعة 2016/05/20

أعمدة سقف الوطن المهترئ

للحكومات الدكتاتورية حوامل فكرية تقوم عليها ،وتكون هذه الحوامل الأساس البنيوي لاستمرارها ، وقد مر على الذهنية السورية؛ أثناء حقبة البعث كثير من هذه الاصطلاحات ، من مثل : الاشتراكية ، والتقدمية ، والقومية العربية ، وجبهة الصمود والتصدي ، التضامن العربي ،إلى نظام المقاومة والممانعة .

وكان ظهور هذا الاصطلاح مرهونا بالعاصفة السياسية التي تمر بالمنطقة ، وقد تلاشت كل هذه الاصطلاحات ،أمام تغير الواقع الجيوسياسي ، ولكن النظام كان يمتلك من المرونة والديناميكية الفلسفية الكثير ، حتى يستطيع تطويع مصطلح، يتناسب مع أزمته ، وآخر هذه المصطلحات ، (سقف الوطن )، الذي يخوض معركته ضد الشعب السوري متمترسا خلفه .

ولكن هذا السقف بدأ يتهاوى تدريجيا ؛لأن استمرار سقف الوطن يتوقف على عدد الأعمدة ، وهي :

العمود الأول: أجهزة المخابرات وأذرعها الأخطبوطية ؛ وقد أصابها تهتك عظيم، وربما اضمحلال ، نستطيع إدراك مستواه وعمقه بعد السقوط .

العمود الثاني : الخوف والهلع، الذي كان يفترس السوريين ، وكان يختصر بعبارة ، الحيطان لها آذان. وقد تجاوزوه بتقديمهم أنشودتهم الخالدة ( يلعن روحك يا حافظ ).

العمود الثالث : وجود شخصيات بعينها كان لها تأثير الصنم على استسلام الشخص الوثني، وانعدام قدرته على الممانعة والتفكير، وهؤلاء هلكوا في خليه الأزمة ؛ كآصف شوكت وأضرابه .

العمود الرابع : البروبغاندا الإعلامية لنظام المقاومة والممانعة ، وسادن القومية العربية ، وقد تمزقت هذه الصورة، بعد انكشاف النظام أمام العالم بوصفه جسرا لعبور المشروع الإيراني ، وحاميا لإسرائيل ، ومثبطا لأي مشروع لمقاومتها، كما حدث في تآمره على إخراج الفلسطينيين من بيروت عام 1982، وتسليم ملف حدود لبنان الجنوبية لحزب الله، الذي منع أي فصيل مقاوم من الاقتراب من هذه الحدود .

العمود الخامس: سقوط المؤسسة الدينية الصوفية بذراعيها الدمشقي والحلبي ، حيث خرجت حلب من عباءة حسون ، وسقط البوطي صريعا ،وهو الذي كان يعطي للنظام الميكانيزم الديني .

العمود السادس : تفسخ الجيش العقائدي ، وانفضاض الناس من حوله : بوصفهم منشقين ، أو رافضين الدخول في الخدمة أصلا ،ونفوق الكثير من جنده في ساحات المعارك .

العمود السابع : تغير المزاج العام في الشرق الأوسط ، حيث لم يعد مقبولا جماهيريا حكم العسكر ، واستمرار الدولة الأمنية في التدخل في مقاسات أحذية الأطفال . ما تبقى هو استكمال لإزالة بقايا حقبة ردئية من تاريخنا الأسود ، وظل هذا السقف معلقا بحديدة ناتئة ،من بناء مجاور في روسيا وإيران ، ودول القائد الذي جعلكم بشرا مثل كوريا الشمالية والصين .