الأحد 2017/06/11

أزمة الخليج تكشف سوأة الاستبداد

كل شيء كان هادئاً في صحراء الخليج العربي التي تخفي تحت رمالها ثروات لا تحصى، المُعلن منها هو تصدّر دوله تصنيف استثمارات الحكومات والصناديق السيادية على دول العالم، ولعبها دور المنافس المقلق لاقتصادات قوية، وعلى رأسها الأمريكية.

قرار مقاطعة دولة قطر دبلوماسياً واقتصادياً من قبل المثلث الخليجي (السعودية والإمارات والبحرين)، إلى جانب مصر واليمن، ودول أخرى شكل أسوأ صدع تشهده المنطقة منذ سنوات، ويهدف بشكله الحالي إلى محاولة فرض الوصاية على الدوحة، والضغط عليها لتتنازل عن قرارها الوطني.

لكن السؤال الأهم هو في صالح من يصب فعل تلك الدول؟، وفي سبيل من تُلقي هذه الدول بنفسها إلى التهلكة؟، ولا سيما أن ما أظهرته الوقائع على مدى أسبوعين يشيب له الولدان، لما تتضمنه من مزاعم وافتراءات الدول المقاطعة للدوحة من تناقضات جلية لا تنطلي على عاقل.

وأغربها اتهام الدوحة بدعم الإرهاب، والمقصود هو اعتبار دعم حركة المقاومة الإسلامية حماس بأنها "منظمة إرهابية"، على الرغم من أن مجلس التعاون الخليجي لا يصنفها كمنظمة إرهابية، بل يعتبرها حركة مقاومة شعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي، فماذا حدث اليوم إذاً وكيف اختلطت عليهم الأوراق، وكيف تشابه عليهم الأمر؟؟.

ثم لماذا لم يعقد مجلس التعاون اجتماعاً لبحث القضايا التي تزعم دول المقاطعة أن قطر أخلّت بها حتى باتت تشكل تهديداً لاستقرارها، ألم يكن حرياً بهم أن يُفعِّلوا هيئة تسوية النزاعات المشكّلة منذ تأسيس المجلس عام 1981، ومكاشفة قادة قطر حول ما يتوجسون منه خيفة، ويعملوا على رأب الصدع وعدم شق الصف، وهم أهل الحل والعقد والحكمة وأرباب الصحراء وشيوخ المضارب، أم إن هناك أياديَ خارجية تعبث بقراراتهم كي يرجعوا للجاهلية الأولى يضرب بعضهم رقاب بعض ؟.

لم يعد ثمة شك أن الدول المقاطعة للدوحة هم ينفِّذون أوامر خارجية، وبات واضحاً أن هناك جهاتٍ تقف وراء تلك الأزمة، هي الطرف الوحيد المستفيد من تأجيج الخليج وتأليب حكامه على بعضهم، فأين العلماء والمثقفون وأهل الفطنة والكياسة من أبناء السعودية والإمارات والبحرين؟، أين مجموعات الضغط المدنية، أين كلمة الحق عند السلطان ؟، أين الشعراء والأمراء، أين أهل الدواوين والقهوة، لماذا لا تتحرك الأنساب، والبطون والأفخاذ العربية والقبائل، أليس فيكم عرق ينبض، أليس فيكم رجل رشيد ؟!.

لا شك أن الشعب الخليجي ليس مغيَّباً سياسياً بل يعرف كل ما يجري من حوله لكنه يواجه اليوم أنظمة كشفت عن وجه الاستبداد فيها وتكميم الأفواه السائرة نحوه، أيعقل أن تُفرَض غرامات مالية وعقوبات بالسجن لمن يبدي تعاطفه مع قطر؟، ما هذا وربِّ الكعبة سوى درس كشف عمالة بعضِ حكام الخليج لأياد خفية وللوبيات صهيونية تحركها كقطعان الماشية كيفما شاءت يكون هدفها حلبَ المزيد من الأموال بحجة صكوك الحماية ولعب دور الشرطي من جديد في المنطقة.