الأحد 2020/05/17

نيويورك تايمز: كورونا والنفط سحبا البساط من تحت خطط ابن سلمان

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن وباء فيروس كورونا وتراجع أسعار النفط، سحبا البساط من تحت خطط التنمية التي رسمها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ووضعا حدا للسخاء الحكومي.

وذكرت الصحيفة في تقرير أعدته الكاتبة "فيفيان يي" وترجمته "عربي21"، إن السعودية تواجه أصعب وقت في عهد محمد بن سلمان، مؤكدة أن الأخير لم يعط مؤشرا على اختزال خطط بعينها، بل صرح وزير ماليته محمد الجدعان لموقع بلومبيرغ، بأن بعض المشاريع مثل نيوم قد تتأخر.

وأشار التقرير إلى أن السعودية كانت تعلق آمالها على النفط لتمويل المرحلة الانتقالية، بحيث تدفع من إيراداته تكاليف جلب المغنين الأجانب وتنظيم المناسبات الرياضية، وتعليم الشباب السعوديين في الخارج، وكفالة صناع السينما السعودية، وتطوير مواقع السياحة الصحراوية، والمزيد من مثل هذه الأمور.

ولفت التقرير إلى أنه بعد أن ألغيت السياحة ولم يعد وارداً إقامة الحفلات الموسيقية والغنائية، ومع انهيار أسعار النفط، بات البلد الذي كان قبل شهور قليلة ينبض بالإثارة في مواجهة مستقبل مختلف تماماً عن ذلك الذي وعد به الأمير محمد بن سلمان.

ويقول مايكل ستيفنز، الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى معهد الخدمات الملكية المتحدة في لندن: "أعتقد أن رؤية 2030 لم يعد لها وجود. أعتقد أنها قد انتهت".

وقال إن المملكة تواجه "أصعب وقت مرت به حتى الآن، وهي بالتأكيد أصعب فترة تمر بها المملكة في عهد محمد بن سلمان".

وأضاف التقرير أن السعوديين الذين طالما تعودوا على تلقي دعم سخي لأسعار الوقود والكهرباء، وعلى وظائف حكومية مريحة، وعلى تعليم ورعاية صحية بالمجان، قد يضطرون للعيش بمستوى أقل رغداً مما كان عليه حال الأجيال السابقة، الأمر الذي قد يستدعي إعادة صياغة العلاقة بين السعوديين وحكامهم.

ويوم الثلاثاء الفائت صرحت شركة نفط أرامكو السعودية بأن أرباحها للربع الأول من هذا العام انخفضت بحوالي 25 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

تقول كريستين سميث ديوان، الخبيرة في معهد دول الخليج العربي في واشنطن: "كثير من الأشياء التي كانت مجانية قد لا تبقى كذلك من الآن فصاعداً. إنه اختبار للقومية الجديدة، وسيكون لسان حال الحكومة، أنتم جزء من هذا البلد، وعليكم أن تساهموا من أجل البلد".

في هذه الأثناء لا يواجه السعوديون مخاطر فقد وظائفهم، كما عرضت المملكة قروضاً بلا فوائد وتخفيضات على أسعار الكهرباء وغير ذلك من المحفزات.

ولكن بالمستوى الحالي من أسعار النفط والمستويات الحالية من الإنفاق الحكومي، سوف تصبح جيوب المملكة خاوية من المال خلال ما بين ثلاثة إلى خمسة أعوام، ما سيضطرها إلى تحمل مزيد من الدين، كما تقول كارين يونغ، زميلة معهد دول الخليج العربي في واشنطن.

يقول بعض الخبراء إن المملكة في وضع يمكنها من استئناف إنتاج النفط بسرعة بمجرد أن يتحسن الطلب عليه في النهاية. ولكن، لا يتوقع أحد أن تعود أسعار النفط إلى المستويات التي كانت عليها في الفترة من 2004 إلى 2013.

ما من شك في أن حياة السعوديين باتت اليوم أصعب مما كانت عليه من قبل. فبعد أن هبطت أسعار النفط في عام 2014، قطعت الحكومة بعض الدعم على السلع، وفي عام 2018 أدخلت ضريبة القيمة المضافة، إعداداً للسعوديين لكي يستقبلوا اليوم الذي سيعتمدون فيه على الدخل من العمل في القطاع الخاص وليس من الهبات النفطية.

ولكن من خلال رفع الضريبة إلى ثلاثة أضعاف ما كانت عليه، تسرع السعودية من عملية الانتقال بعيداً عن الدولة الرعوية، كما يقول المعلق السعودي علي الشهابي، مضيفاً أن الرواتب السخية التي يتقاضاها العاملون في وظائف مستقرة داخل القطاع الحكومي سوف تخفف من وطأة هذا الارتفاع ناهيك عن أن الناس تنفق أقل بكثير الآن بسبب وباء فيروس كورونا.

إلا أن خبراء آخرين اعتبروا الخطوة ضارة، إذ بدلاً من مساعدة المشاريع التجارية والمستهلكين على تنشيط الاقتصاد، كما يقول السيد ستيفنز، فقد اختارت الحكومة تحميل عبء التقشف على كواهل الناس الأقل قدرة على تحمله.

عبر وسائل التواصل الاجتماعي تجاوب بعض السعوديين مع الخطوة بالإذعان أو بالتعبير عن الوطنية. في نفس الوقت تساءل آخرون: لماذا يمول صندوق الثروة السيادي السعودي عملية شراء نادي نيوكاسيل يونايتد لكرة القدم في إنجلترا بمبلغ 370 مليون دولار بينما تقوم الحكومة بتخفيض الإنفاق داخل البلاد؟

يقول الخبراء إنه فيما لو استمرت مثل تلك الاستثمارات الصارخة والإنفاق على الحفلات الغنائية التي يجلب إليها النجوم من أرجاء العالم، فقد تشهد المملكة تذمراً شعبياً، ولكن ربما لا شيء أكثر من ذلك.