الجمعة 2021/08/20

لعدم قدرة أصحابها على تأمين حاجاتها.. تزايد بالكلاب الشاردة في لبنان

مع تفاقم الأزمة الاقتصاديّة في لبنان، زادت ظاهرة الكلاب الشاردة على الطرقات، لعدم قدرة أصحابها على تأمين حاجاتها من مأكل ولقاحات وغيرها.

وهذه الظاهرة انعكست على ارتفاع نسبة تعرّض أشخاص لعضّات كلاب، وظهور أزمة عدم توافر اللقاح المضاد لعضة الكلب في لبنان.

وارتفعت مؤخرا مناشدات ومطالبات، على مواقع التواصل الاجتماعي، بتأمين لقاح الكلب، لعدم توفره في الأسواق.

وقبل نحو شهر، أصيب طفل بجروح جراء عضّة كلب هاجمه قرب منزل جده في بلدة الدوير الجنوبيّة.

وكان "صبرا" (عامان) برفقة جدّه في المنزل، عندما هاجمه كلب شارد وعضّه في يده، فنقله والده إلى مدينة النبطية (جنوب).

لكن تبين أن اللقاح المضاد لعضة الكلب غير متوفر في مستشفياتها كافّة، فنقله الأب إلى مقرّ الكتيبة الهنديّة، ضمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، في مرجعيون، فاكتشف أيضا أن اللقاء لم يعد متوفرا.

وبعد بحث طويل، علِم الأب أن اللقاح متوفر في المركز الطبّي التابع لقيادة "اليونيفيل" في الناقورة، فتوجّه إلى هناك، وتولّى فريق طبّي إعطاء اللقاح للطفل، وراقب حالته لبعض الوقت مع تقديم علاج إضافي له.

** ما هو داء الكلب؟

وقال البروفيسور في العلوم الجرثوميّة والغذائيّة عصمت قاسم، من جامعة جورجيا الأمريكية، للأناضول، إن "داء الكلب هو مرض فيروسي ينتقل من الحيوانات الثديّة إلى الإنسان، عبر عضّة أو خدش أو بعد التعرّض لسوائل الحيوان الّذي يحمل الفيروس".

وأوضح أن "الداء يصيب الجهاز العصبي للإنسان، ثمّ ينتقل إلى الدماغ، ما يسبّب عوارض مختلفة، ومعظم الحالات تنتهي بالموت".

وأبرز العوارض التي تظهر على المصاب هي: ارتفاع درجة الحرارة، الغثيان، التقيّؤ، صعوبة البلع، كثرة اللّعاب، والخوف من المياه"، بحسب قاسم.

وأفاد بأن "60 ألف حالة وفاة يسبّبها داء الكلب سنويا في العالم، ومعظمها في الدول النامية".

وأوضح أن "99 بالمئة من حالات الوفاة تكون نتيجة التعرّض لكلب مسعور حامل للفيروس، وهو مرض يمكن السيطرة عليه، في حال تواجد اللقاح والدواء المناعي".

** القاح متوفّر.. ولكن

في يوليو/ تموز الماضي، لم يعد لقاح الكلب متوفرا في لبنان بشكل شبه كامل، وفق وسائل إعلام محليّة.

وأوضحت رئيسة مصلحة الطب الوقائي بوزارة الصحّة اللبنانيّة، الدكتورة عاتكة بري، أن "سبب انقطاع اللقاحات هو غياب التحويلات الماليّة من قِبل مصرف لبنان المركزي، من أجل شرائها واستيرادها من الخارج".

ومنذ أشهر، يشهد لبنان شحا في الأدوية والوقود وغيرها؛ بسبب عدم توفر النقد الأجنبي، الذي كان يؤمنه المصرف المركزي لواردات البلاد من السلع الأساسية.

وأضافت عاتكة للأناضول أن "مشكلة اللقاح مشابهة لمشكلة الدواء المقطوع (غير المتوفر)".

وتابعت أن "وزير الصحّة، حمد حسن، قام بجهود كبيرة لتأمين لقاح الكلب عن طريق شركات خاصّة".

وأفادت بأن "اللقاح اليوم متوفّر بالإجمال في المستشفيات الخاصّة، أمّا في المستشفيات الحكوميّة فهو غير موجود حتى الآن".

وسنويا، يحتاج لبنان إلى 10 آلاف لقاح كلب، وكلّ شخص مصاب يحصل على 3 إلى 4 جرعات، وفق عاتكة.

وأضافت أنه "على كلّ شخص تعرّض لخدش أو عضّة حيوان من الثديات، بريا كان أو شاردا، الحصول على اللقاح".

** تسميم الكلاب

ووفق نشطاء، يتجاوز عدد الكلاب الشاردة في لبنان 40 ألفا، ويزداد يوما بعد آخر مع تصاعد الأزمة الاقتصاديّة، وتخلي الناس عن مزيد من الكلاب.

وفي كل بلدة وشارع في لبنان، يلاحظ المارة ارتفاع عدد الكلاب الشاردة.

وقالت عضوة مجلس إدارة "جمعيّة بيروت للمعاملة الأخلاقيّة للحيوانات" (بيتا- خاصة)، سيفن فاخوري، للأناضول، إن "مشكلة الكلاب الشاردة ليست بجديدة، لكنّها ازدادت مع تفاقم الوضع الاقتصادي".

وأشارت إلى أن بعض "الناس يلجؤون إلى وضع السمّ للكلاب على الطرقات، أو يطلقون النار عليها للتخلّص منها"، معربة عن استنكارها لهذه التصرّفات.

وتطّرقت إلى الطريقة الأنسب للتعاطي مع هذه الحيوانات، موضحة أنه "يجب خصي الكلاب الشاردة (لمنعها من التناسل) على الطرقات، وتطعيمها، ثمّ إعادتها للطرقات، وبالتالي لا تعود تشكل خطرا على الناس".

أما بالنسبة إلى الكلاب الأليفة داخل المنازل، فشددت على "أهميّة تطعيمها بين الحين والآخر، ومراقبتها جيدا عند خروجها من المنزل".

وذكّرت سفين بقانون "حماية الحيوانات والرفق بها"، الذي وقّعه رئيس البلاد، ميشال عون، في 16 أغسطس/ آب 2017، بعد إقراره في مجلس النواب.

ويتضمّن القانون، وهو مؤلف من 30 مادّة، قواعد عامّة للتعامل مع الحيوانات، سواء على صعيد فردي أو ضمن منشآت، بالإضافة إلى قتل الحيوانات وشروط نقلها وتملّكها.

ولفتت سفين إلى أن المادّة 12 من هذا القانون تفسّر كيفيّة التعامل مع الكلاب الشاردة، عبر تعاون وزارة الزراعة والبلديّات.

صحيح أن لبنان يعاني من أزمات سياسيّة واقتصاديّة ومعيشيّة هي الأصعب بتاريخه، إلّا أنّ هذا الأمر، بحسب نشطاء، لا يلغي أهميّة إبداء الاهتمام وإظهار "الإنسانيّة" خلال التعامل مع الحيوانات.