الجمعة 2019/02/08

فورين بوليسي: جيوش عربية “فاشلة” بددت مليارات أمريكا

وصف باحث ومؤلف أمريكي جيوشاً عربية بـ"الفاشلة"، داعياً الولايات المتحدة التي "بددت مليارات الدولارات على هذه الجيوش" لإعادة النظر في الطريقة التي تتعامل بها مع العسكر العرب.

جاء ذلك في تقرير بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، كشف من خلاله الباحث بمعهد إنتربرايس الأمريكي، كينيث بولاك، أن الولايات المتحدة أنفقت خلال 70 عاماً عشرات المليارات من الدولارات في تدريب جيوش عربية، "لم تجنِ من ورائها أي شيء تقريباً".

وأضاف أن واشنطن إذا أرادت الاستمرار في انخراطها بالشرق الأوسط فعليها أن تعيد النظر في شكل ارتباطها بتلك الجيوش، وأن تستبدل "أحلامها الطموحة" في جيوش حديثة، وتضع خططاً واقعية تبني على نقاط القوة الحقيقية للحلفاء، بدلاً من إقحام الجنود في علاقة لم تكن لتناسبهم إلى حد كبير؛ بسبب المجتمعات والثقافة التي نشؤوا في حضنها.

بولاك يرى أن واشنطن إن لم تضع ذلك في الاعتبار، فإنها ستستمر في تبديد أموالها، وسيواصل حلفاؤها العرب السير في طريق الفشل.

وطوال عقود من الزمن، كان التدريب العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة عنصراً حاسماً في علاقاتها مع حلفائها بالشرق الأوسط، ويعكس التزامها بأمنهم عبر تأهيلهم لمساعدة أمريكا في حماية بلدانهم، طبقاً لكاتب التقرير.

وفي الآونة الأخيرة، بدأ الأمريكيون يفكرون في مغادرة الشرق الأوسط، لكن قلة منهم- كما يزعم بولاك- لا يرغبون في ذلك؛ حتى لا يفسحوا المجال لإيران ومليشيا حزب الله وتنظيم الدولة والقاعدة، أو غيرهم من أعداء الولايات المتحدة لكي يحلوا محلهم.

تجربة فاشلة مع مصر

جهود الولايات المتحدة لتدريب الجيوش العربية لطالما كانت "مخلصة ودؤوبة"، بيد أن مآلها كان الفشل، بحسب تقرير فورين بوليسي. وضرب بولاك مثالاً على ذلك بجهود القوات الجوية الأمريكية في تدريب الطيارين الحربيين المصريين على طائرات "إف 16".

وأشار إلى أن أنماط الهجوم القياسية التي يتبعها سلاح الجو المصري تقتضي بأن تقترب طائرتان قادمتان من اتجاهين مختلفين بعضهما من بعض في وقت متزامن وفي مسار تصادمي. وفي تلك التدريبات، كانت إحدى الطائرتين تضطر إلى الانحراف عن مسارها في آخر لحظة لتفادي الاصطدام في الجو؛ وهو ما يجعل القنابل التي يطلقها قائد الطائرة تحيد عن الهدف.

ولأن الجنود المصريين- كما يدعي كينيث بولاك- لا يدونون تفاصيل المهام التي يضطلعون بها، أو يستخلصون النتائج والدروس منها، دع عنك إخضاع أدائهم للنقد، فقد أضحت تلك الممارسات راسخة في تدريبات سلاح الجو المصري.

طيارون أمريكيون أعربوا عن خيبة أملهم إزاء محاولاتهم المستمرة لإقناع سلاح الجو المصري بأن الأساليب التي يتبعها ليست خاطئة فحسب، بل قد تكون "مميتة"، وفق التقرير.

وكشف بولاك أن طياراً أمريكياً كان يتدرب مع أفراد سلاح الجو المصري، أبلغه أن من حسن الطالع ربما أن المصريين لم يستخدموا الذخائر الحية في التمارين، فلو أنهم فعلوا لفقدوا عدداً كبيراً من طائراتهم وطياريهم؛ بسبب أساليب التدريب "السخيفة والمشوهة"، حسب وصف تقرير بولاك.

وبرأي الكاتب، فإن الطيارين وخبراء التكتيك الحربي المصريين الذين يضعون خطط التدريب "السخيفة"، ظلوا أسرى العلل التي تحيط بالجيوش العربية في العصر الحديث، التي تنبثق من المجتمع العربي المعاصر نفسه.

ولعل العلاقات المتوترة بين المدنيين والعسكريين في العالم العربي- على حد زعم التقرير- تشي بأن العديد من الحكام العرب تنتابهم مخاوف جمة من أن يطيح بهم جنرالات طموحون؛ فعمدوا إلى كبح القوات المسلحة وإضعافها.

بولاك خلص إلى أن العالم العربي لم يتبنَّ التصنيع نهجاً؛ وهو ما جعل العديد من مواطنيه يلتحقون بالسلك العسكري دون فهم لطبيعة المعدات الآلية المتقدمة.

ونتيجة لذلك، غالباً ما يخفق العسكريون العرب في استيعاب الإمكانيات المتوفرة في الأسلحة التي بحوزتهم وفي صيانتها على النحو المطلوب؛ وهو ما جعلهم ينشرون عدداً من الدبابات والطائرات وقطع المدفعية أقل كثيراً مما اشترته دولهم.