الأربعاء 2021/10/27

بعد انقلاب السودان.. شلل تام في الخرطوم والعصيان المدني سلاح في مواجهة “الطوارئ”

 

بدت ملامح الشلل واضحة في كل مناحي العاصمة السودانية الخرطوم اليوم الثلاثاء، بعد يوم من إعلان القائد العام للجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان حالة الطوارئ في البلاد في ما أسماه بـ"تصحيح مسار الثورة".

وكانت العديد من القوى السياسية والهيئات النقابية ولجان التسيير دعت الشعب أمس الاثنين للعصيان المدني والإضراب العام لمواجهة ما وصفته بـ"الانقلاب العسكري".

ولم يغير ظهور البرهان في مؤتمر صحفي ظهر اليوم من الوضع الذي استيقظت عليه العاصمة ومدنها الثلاث (الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان) صباح اليوم الثلاثاء، فقد ظلت الشوارع الرئيسة والطرق الداخلية مغلقة تماما بعد أن وضع المحتجون الحواجز وإطارات السيارات المشتعلة منعا لحركة المرور.

الشلل سيد الموقف

وامتد الشلل ليشمل كثيرا من المرافق العامة وحركة المواصلات العامة والمؤسسات الخدمية بما فيها الصيدليات، في حين اضطرت المدارس والجامعات إلى إغلاق أبوابها، ولا تزال خطوط الإنترنت والهواتف مقطوعة، على الرغم من إعلان البرهان اليوم أنها ستعود بالتدريج.

وخرجت العديد من المحطات الإذاعية عن دائرة البث، في حين تجمدت شاشة تلفزيون السودان الرسمية عند برنامج واحد وبث مجموعة من الأغاني منذ أمس بعد اقتحام مجموعة من القوات المشتركة لمباني التلفزيون وطرد العاملين فيه، حسب بيان صادر عن وزارة الثقافة والإعلام المحلولة.

وفي مدينة بحري لا يزال شارع السكة الحديد مفتوحا أمام حركة المرور، في حين يحتشد المحتجون من منطقة شمال الحلفايا وصولا إلى شارع المؤسسة، أما الشوارع الداخلية للأحياء فوضعت لجان المقاومة فيها الحواجز.

يقول حامد إدريس -أحد قادة المحتجين- للجزيرة نت إن هناك استجابة واسعة لدعوات العصيان المدني والإضراب العام، وأضاف أن المحتجين في أحياء شمال بحري يتأهبون للتظاهر وكثير منهم جاؤوا إلى شارع المعونة في وسط المدينة.

تعطيل الدراسة

ورصدت الجزيرة نت عودة طلاب المدارس إلى منازلهم في إعلان غير رسمي لتعطيل الدراسة استجابة لدعوات العصيان المدني والإضراب العام في وقت لم تصدر فيه وزارة التربية والتعليم قرارا بتعطيل الدراسة.

ويقول أحمد المبارك، مدير إحدى مدارس أم درمان، للجزيرة نت، إن عودة الطلاب إلى المنازل أمر طبيعي نتيجة عدم قدرة جميع الطلاب على الوصول إلى المدارس في ظل هذا الوضع، ووصف ما يحدث في مدينة أم درمان بالشلل التام لكل مؤسسات الدولة والقطاعات الخدمية.

وأشار إلى عدم تسلّمه دعوة رسمية من لجنة المعلمين للإضراب، ولكن على الرغم من ذلك فإن كل المدارس أغلقت، وأكد أحد المحتجين للجزيرة نت أن الحركة متوقفة تماما بين مدينة أم درمان ومدينتي الخرطوم والخرطوم بحري.

شارع الستين

وفي شارع الستين، أحد أهم الشوارع في مدينة الخرطوم التي شهدت حشودا غير مسبوقة في تظاهرات الخميس الماضي (21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري)، لا يختلف الأمر كثيرا بعد أن استيقظ المارّة على إغلاق كامل الطريق بالحواجز في كل التقاطعات الجانبية.

يقول رئيس حزب التحالف الوطني السوداني كمال إسماعيل، للجزيرة نت، إن الحركة مشلولة تماما في شارع الستين، وأضاف أن الدعوة للعصيان المدني التي أطلقتها قوى إعلان الحرية والتغيير نجحت بدرجة كبيرة في اليوم الأول.

وأوضح أن "الحرية والتغيير" كوّنت غرفة للمتابعة، وأن هناك طرقا مختلفة للمقاومة السلمية لإعلان حالة الطوارئ.

تظاهرات ليلية

وتزامنا مع دعوة العصيان المدني، دعا تجمع المهنيين السودانيين إلى مواصلة التظاهرات الليلية في الأحياء، وكانت العاصمة الخرطوم ومدن أخرى شهدت تظاهرات حاشدة صباح أمس الاثنين واستمرت حتى وقت متأخر من الليل، واستطاع المحتجون الوصول إلى محيط القيادة العامة "الجيش السوداني".

وأفادت تقارير طبية بوقوع ضحايا بين قتلى وجرحى وسط المحتجين نتيجة إطلاق القوات الأمنية الرصاص الحي على تجمعاتهم.

وفضلا عن العاصمة الخرطوم، فقد شهدت مدن عديدة تظاهرات مندّدة بما عدّته "انقلابا" نفذه الجيش بقيادة البرهان.

وكان من أبرز التظاهرات ما شهدته مدن الأبيض في ولاية شمال كردفان، وبورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر، ومدني عاصمة ولاية الجزيرة.

وعلى الرغم من أن حركة المواصلات من مدن السودان لم تتوقف نحو العاصمة، فإن وسط العاصمة الخرطوم يشهد توقفا شبه تام للحركة، في حين تنعدم مظاهر الحياة باستثناء افتتاح بعض المخابز والمتاجر أبوابها، أما محطات الوقود فقد أغلقت معظمها أبوابها نتيجة النقص الحاد في الوقود الذي تشهده البلاد.