الأحد 2019/12/01

الغارديان: العراقيون يدعون “للثأر” من جماعات إيران

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريراً لمراسلها بالشرق الأوسط "مارتن شولوف" حذّر فيه من إمكانية تفكك العراق، في وقت باتت فيه القبائل بمواجهة المليشيات التي تدعمها إيران، تدعو "للثأر" من قتلاها.

وقال الكاتب إن رئيس الوزراء "عادل عبد المهدي" قدّم استقالته إلى البرلمان فيما سيواجه خليفته حالة من العنف الخطيرة التي انتشرت من بغداد إلى مدن الجنوب ووضعت قوات الأمن ضد المتظاهرين على مدى الشهرين الماضيين. وأضافت أن هناك مخاوف من تفكك البلد كله، بعد مقتل 45 مدنياً تظاهروا في مدينة الناصرية يوم الخميس، في واحد من أسوأ حالات القتل منذ اندلاع التظاهرات المعارضة للحكومة.

وكان تصرف قوات الحكومة محاولة لإظهار القوة الغاشمة بعد حرق القنصلية الإيرانية في النجف يوم الأربعاء، وهو أبرز تعبير عن المشاعر المعادية لإيران بين المتظاهرين.

إلا أن القمع أثار المشاعر الساخطة في وسط وجنوب العراق بين المتظاهرين ضد الحكومة والطبقة السياسية التي تحاول الحفاظ على مكاسبها.

والرهان اليوم هو عن النظام الذي أقامته الولايات المتحدة قبل 16 عاما بعد الإطاحة بصدام حسين، والذي حرف ميزان السلطة، والسؤال هو: هل سيظل هذا النظام قائماً أم سيتداعى؟.

ونقل الكاتب عن الطبيب بسام الكاظمي من بغداد: "عندما خرج الأمريكيون عام 2011 اعتقدنا أن هناك بنى قائمة تركوها" و"ثم بدؤوا بالسرقة أكثر من الماضي وغض الجميع النظر.

وحصلت بعض الانتخابات التي لم يكن يهم فيها لو كنت شيعياً أم سنياً أم مسيحياً.

وبدت جيدة، ثم انكشف الأمر لأن كل طائفة سُرقت. ولو ظهر أي شيء من التظاهرات فهو ليس الطائفة ولكن الوطنية التي تقودها".

فمنذ عام 2003 تم تقسيم الحكومة العراقية بناء على الخطوط الطائفية بحيث تحولت فيها المؤسسات إلى إقطاعيات بناء على المسؤول فيها ومن هي الجماعة التي ينتمي إليها وتفوقت على الدولة. والنتيجة من ذلك هي الفساد والمحاباة اللذان انتشرا في كل مجالات الحياة العراقية.

قام المسؤولون بسرقة ثروة النفط وتركوا بقية العراقيين بدون فرص. ولهذا فالدافع الرئيسي وراء حركة الاحتجاج هو نهب موارد الدولة.

ويقودها المحرومون والشباب الذي انضم إليهم آخرون وحشدت في أيام أكثر من 200 ألف شخص ببغداد ومدن أخرى.

ويقول توبي دودج، أستاذ الشؤون الدولية بمدرسة لندن للاقتصاد والباحث في شؤون العراق، إن نظام ما بعد 2003 الذي جسد الفساد في داخل الدولة العراقية وكذا الطائفية والقمع، بدأ بالتحطم، وانتشر العنف نتيجة لذلك.

وكتب في موقع "سيباد" التابع لجامعة لانكستر: "فرض نظام قاسٍ وجاهز في هذا المجال من خلال التعاون بين النخبة" و"وضعت أمريكا المنفيين السياسيين الذي لعبوا دورا في حملة الإطاحة بنظام صدام حسين في السلطة".

وقال دودج لصحيفة "أوبزيرفر" في شهر تشرين الأول – أكتوبر الماضي: "لقد انهار البناء الأيديولوجي الذي يدعم النظام، وهو تقسيم المجتمع العراقي بناء على الخطوط الطائفية.

فيما برزت وفضحت عملية تقسيم الغنائم بين النخبة الحاكمة التي قامت بها، وهو ما أفقد النظام شرعيته. ولم يعد السكان ينظرون إليهم كحماة لهم بل كانتهازيين.

وعندها بدأت النخبة الحاكمة بالاعتماد على الميليشيات لقمع التعبئة ضدها والبقاء في السلطة، ووصل هذا إلى الذروة كما شاهدنا اليوم".

وبدأت العشائر العراقية في الجنوب حيث تركز حمام الدم الأخير بالرد على قوات الأمن، خاصة إنها رأت يد إيران وراء العنف الذي تقوم به.

ولعبت إيران دورا في شؤون العراق بعد الغزو الأمريكي وبخاصة بعد خروج القوات الأمريكية عام 2011.

وكان الجنرال قاسم سليماني، من "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، محوريا في محاولات قمع المتظاهرين واستخدام العنف المفرط ضدهم.

وفي نفس الوقت تواجه إيران ضغطا من جبهة ثانية في لبنان حيث لعب الحزب الذي ربته ودعمته بالمال والسلاح دورا في السياسة اللبنانية.

ويقول مسؤول إقليمي عارف بالشؤون الإيرانية: "في لبنان والعراق يخوضون معركة"، أي الإيرانيين.

و"ربما استطاعوا تهدئة الأوضاع في لبنان ولكن عليهم التعامل مع القبائل في العراق وهم غير جاهزين".

وأضاف: "ما أطلق العنان له، خاصة في الجنوب، هو الثأر وهم (السكان) يلومون إيران والجماعات الوكيلة. وهذا أمر خطير ومنطقة مجهولة لطهران".

ودعا مشائخ "ذي قار" لتحميل قوات الأمن والميليشيات المسؤولية عن القتل في الناصرية.

ويضيف الموقف طبقة جديدة من التعقيد في المواجهة التي تلوح بالأفق، وهي الأخطر منذ سقوط نظام صدام حسين. وقال المسؤول: "هم مقتنعون أن أمريكا تقف وراءها" و"لم أرهم في حالة من الصدمة مثل اليوم".

ومن المرشحين لخلافة عبد المهدي، هادي العامري، زعيم كتلة الفتح وقائد الحشد الشعبي الذي لعب دورا في هزيمة تنظيم الدولة، ولكنه محسوب على إيران. ولدى البرلمان 15

يوما لتسمية خليفة، إلا أن القرار عادة ما يتخذ بعد أشهر من المناورات. والفشل في هذا يعني سير العراق نحو الهاوية. ويقول محمود القيسي (عامل الفولاذ في بغداد): "لو فعلوا هذا لانتهوا" و"أقسم أن هؤلاء اللصوص حصلوا على ما يريدون ولن نعود إلى بيوتنا ولن نسمح لهم بالاستمرار، هذه ثورة".