الأثنين 2019/07/08

أ ف ب: الإمارات تعيد ترتيب أولوياتها في اليمن

أكدت وكالة الأنباء الفرنسية معلومات كشفتها قبل أيام صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، حول بدء الإمارات الانسحاب فعلياً من الحرب التي تشارك فيها مع السعودية في اليمن منذ آذار 2015.

ونقلت الوكالة اليوم الإثنين عن مسؤول إماراتي كبير (لم تسمه) قوله، إنّ هناك خفضاً في عديد قوات بلاده في مناطق عدة في اليمن ضمن خطة "إعادة انتشار" لأسباب "استراتيجية وتكتيكية"، موضحاً أنّ أبوظبي تعمل على الانتقال من "استراتيجية القوة العسكرية" إلى خطّة "السلام أوّلاً" في هذا البلد.

وقال المسؤول خلال لقاء مع صحفيين في دبي مشترطاً عدم الكشف عن هويته: "هناك خفض في عديد القوات لأسباب استراتيجية في الحديدة (في غرب اليمن) وأسباب تكتيكية في مناطق أخرى". وأضاف "الأمر يتعلّق بالانتقال من (...) استراتيجية القوة العسكرية أولا إلى استراتيجية السلام أولا".

كما أفاد مسؤول عسكري في حكومة عبد ربه منصور هادي اليمنية (لم تكشف الوكالة عن اسمه أيضاً)، أن الإمارات "أخلت معسكر الخوخة جنوب الحديدة تماما وسلّمته قبل أيام لقوات يمنية، وسحبت جزءاً من أسلحتها الثقيلة". وتابع "لكنّها (القوات الإماراتية) لا تزال (...) تدير الوضع العسكري في الساحل الغربي بشكل كامل مع القوات اليمنية ضمن عمليات التحالف بقيادة السعودية".

وفي الرياض، قال المتحدث باسم التحالف العسكري باليمن "تركي المالكي" رداً على سؤال لوكالة الأنباء الفرنسية حول إعادة الانتشار الإماراتية إنّ "الإمارات العربية مستمرة (...) ودول التحالف مستمرة في تحقيق أهدافها العملياتية و الاستراتيجية."

ورغم نفي المسؤول الإماراتي أن تكون خطوة بلاده مرتبطة بالتوتر المتصاعد مع إيران، إلا أنه قال: "لا يمكننا أن نغض النظر عن الوضع الجيواستراتيجي بشكل عام".

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية قالت قبل أيام، إن الإمارات سحبت جزءاً كبيراً من قواتها المقاتلة في اليمن، خشية من ردة فعل انتقامية قد تطالها في حال اندلعت الحرب الأمريكية على إيران.

وأوضحت الصحيفة أنه في الأسابيع الأخيرة بدأت أبوظبي بسحب الدبابات والطائرات العمودية الهجومية، بحسب مسؤولين غربيين، مؤكدين أن الإمارات سحبت أيضاً مئات الجنود من ساحل البحر الأحمر، ومن ضمنهم مقاتلون قرب مدينة الحديدة الساحلية التي تعد البوابة الرئيسية للمساعدات الإنسانية في البلاد.

وأوضحت الصحيفة أن الإمارات بدأت تشعر بالصدمة بسبب المعارضة المتزايدة في واشنطن للحملة العسكرية في اليمن، كما إنها تخشى أن تكون واحدة من أولى أهداف طهران الانتقامية إذا أمر الرئيس دونالد ترامب بشن ضربات عسكرية على إيران، حسبما قال المسؤولون وآخرون مطلعون على خطط الإمارات.

وأكدت الصحيفة الأمريكية أن الإمارات كانت قد سعت إلى تقليص دورها في حرب اليمن منذ عام تقريباً، وذلك بعد أن باتت هذه الحرب تؤثر على مكانتها داخل واشنطن.

الانسحاب بمثابة "دوزنة" لا تراجع:

وتعليقاً على الخطوة الإماراتية، سلط الباحث "جيمس دوروسي" في موقع "لوبلوغ" الضوء على الأسباب التي دعت الإمارات إلى سحب قواتها من اليمن. وقال إن قرار الإمارات يكشف عن "الحقائق الصعبة للجيوسياسة" في الشرق الأوسط.

ويرى الباحث أن سحب القوات يشير إلى أن الإمارات تحضر لإمكانية مواجهة بين الولايات المتحدة وإيران والتي ستكون السعودية والإمارات ساحتين رئيسيتين فيها.

ويرى الكاتب أن الانسحاب هو بمثابة "دوزنة" لا تراجع عن سياسة الإمارات في مواجهة إيران والإسلام السياسي، المتمثل في دعمها للجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر والمجلس العسكري الانتقالي في السودان والديكتاتوريين مثل عبد الفتاح السيسي في مصر.

الانسحاب يعزل السعودية:

أما "معهد واشنطن للدرسات، فوصف الانسحاب الإماراتي من اليمن بأنه "نقلة إستراتيجية" ربما تؤدي إلى عزل السعودية هناك، مرجحاً أن يكون إقراراً من أبو ظبي بأنها لم تعد قادرة على تحمل مأزقها السياسي والعسكري والمالي باليمن.

وكتبت الباحثة في برنامج بيرنشتاين للسياسة الخليجية والطاقة بالمعهد "إلانا ديلوزييه" بموقع المعهد؛ أنه من المؤكد أن يؤدي قرار الإمارات إلى توتر مع السعودية، التي يجب عليها الآن مراجعة نهجها إزاء الحرب في اليمن.