الأحد 2020/06/07

أيهما أكثر فتكاً بالعراق فيروس كورونا أم تنظيم الدولة؟

مع انتشار فيروس كورونا المستجد في العراق والارتفاع الأخير في عدد الحالات المسجلة، تساءل العراقيون أيهم أكثر خطورة العدو الجديد المميت المتمثل في الفيروس أم العدو القديم المألوف المتمثل في تنظيم الدولة؟

ووفقاً لموقع صوت أميركا، وجد العديد من العراقيين في الأسابيع الأخيرة أن تنظيم الدولة أكثر فتكًا من كوفيد -19، خاصة في المحافظات الشمالية المتنازع عليها بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل.

فقد أعلن العراق عن أول حالة إصابة بالفيروس في أواخر شباط، وأبلغت وزارة الصحة في البلاد منذ ذلك الحين عن 13 حالة وفاة بسبب الفيروس في محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين ونينوى المتنازع عليها.

إلا أن عمليات قتل المدنيين والقوات الأمنية المبلغ عنها على يد تنظيم الدولة في تلك المحافظات، وصلت إلى 50 شخصًا على الأقل.

وقال هشام الهاشمي، خبير الإرهاب في مركز السياسة العالمية في بغداد: "اليقين، داعش أقوى هنا".

وصرح لموقع صوت أميركا: "في بعض هذه المناطق، لا توجد قوات أمن سواء من الحكومة الفيدرالية أو القوات العسكرية الكردية (البشمركة)".

ولمنع انتشار الفيروس التاجي بشكل أكبر، فرضت السلطات العراقية حظراً صارماً، ومنعت حركة المرور "غير الضرورية" والتجمعات العامة والشركات على الصعيد الوطني.

وقد أسفرت هذه القيود عن نتائج جيدة، إلا أن الوضع تغير في أيار حيث شهدت البلاد ارتفاعًا كبيرًا في حالات الإصابة، عندما خففت الحكومة حظر التجول.

وحتى يوم الجمعة، أعلنت وزارة الصحة تسجيل 9846 حالة إصابة ونحو 258 حالة وفاة.

وبينما يكافح العراق لاحتواء الموجة الجديدة للفيروس المعدي، يبدو أن المناطق المتنازع عليها هي الأقل عرضة لهذه الموجة، ويرجع ذلك وفقًا لبعض الخبراء، إلى الإغلاق الصارم ما يحد من حركة السكان في المنطقة.

وفي عام 2014، عندما سيطر تنظيم الدولة على الموصل في هجوم كبير، سيطرت البيشمركة على المحافظات الشمالية بعد أن تخلت وحدات الجيش العراقي عن مواقعها، إلا أنها أٌجبرت على الخروج في تشرين الأول 2017 عندما اقتحمها الجيش العراقي وميليشيات "الحشد الشعبي".

ويسيطر الجيش العراقي ومليشيات "الحشد الشعبي" الآن على المناطق الحضرية، لكن معظم التضاريس الريفية على طول سلسلة جبال حمرين لا تزال أرضا محظورة، وتشير مصادر المخابرات المحلية إلى أن ما يصل إلى 3000 مقاتل من تنظيم الدولة قد يستخدمون هذه المنطقة كمعقل حيث يختبئون ويتدربون ويخططون للهجمات.

ومع تحول انتباه العراق إلى حد كبير إلى محاربة فيروس كورونا، يحذر الخبراء من أن تنظيم الدولة يواجه ضغوطًا أقل في الأراضي المتنازع عليها ومستعدة لإعادة تنظيم خلاياه النائمة.

وبالرغم من أن تنظيم الدولة لم يعلن مسؤوليته عن كل حادث في المنطقة، إلا أنه تبنى الهجمات الرئيسية، بما في ذلك سلسلة من الهجمات المنسقة في أيار الماضي والتي أودت بحياة ما يقرب من اثني عشر من أعضاء مليشيات "الحشد الشعبي".

وفي تسجيل صوتي صدر في أواخر أيار، شجع المتحدث باسم تنظيم الدولة "أبو حمزة القريشي" مقاتلي التنظيم والمتعاطفين معهم على زيادة أنشطتهم ضد أهداف الحكومة العراقية.

وقال محسن دوسكي، عضو الحزب الحاكم في اللجنة الأمنية في برلمان كردستان: "خلال الشهرين الماضيين، كانت أنشطة داعش تحدث بشكل شبه يومي".

وأوضح: "لا يوجد حاكم في تلك المنطقة، عودة البيشمركة إلى المنطقة كانت ضروري لاستعادة الاستقرار وضمان هزيمة دائمة لتنظيم داعش"، وتابع: "العراق لا يستطيع السيطرة عليه ولا يسمح البيشمركة بالعودة إليها".

لكن الحكومة العراقية تقول إن أمن المناطق الحضرية في المحافظات لا يزال تحت السيطرة إلى حد كبير، كما أرسلت الحكومة بقيادة رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي تعزيزات من قوى الأمن الداخلي إلى كركوك لمواجهة فلول تنظيم الدولة.

وأكد بعض مراقبي العراق أن تصاعد الهجمات على المناطق المتنازع عليها لا يعني عودة الخلافة المادية لتنظيم الدولة، ومع ذلك، فإنهم يحذرون من أن التنظيم يمكن أن تزيد من التوترات العرقية والطائفية.

وبحسب ديفيد بولوك، خبير الشؤون الكردية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فإن استراتيجية أكثر ديمومة لهزيمة تنظيم الدولة في المنطقة تتطلب من بغداد وأربيل التوصل إلى حل وسط بشأن المنطقة وتوحيد قواها ضد التنظيم.

وقال إن وجود القوات الأميركية يوفر فرصة لكلا الجانبين للتوصل إلى حل، مضيفا: "عاجلاً أم آجلاً، ستبدأ القوى الخارجية في الابتعاد تدريجياً عن هذا مما يقلل من وجودها ودعمها لذا عليك الاستفادة من ذلك أثناء وجودها هناك".