الأحد 2020/03/22

ناشيونال أنترست: تركيا فرضت على محور الأسد واقعاً جديداً بإدلب

في حين يتصارع العالم مع وباء كورونا المستجد، لا تزال رحى الصراع في إدلب تدور ما بين الأطراف هناك، وقد أصبحت أيضاً محوراً للتحركات الدبلوماسية.

خلال الأشهر القليلة الماضية وبعد توتر بين أنقرة ودمشق وموسكو، إلا أن جميع الأطراف عادت قسراً إلى الدبلوماسية، خاصة بعدما أصبحت المنطقة على شفير حرب كبرى.

وكانت قوات نظام الأسد، وبدعم من روسيا، قد بدأت عملية عسكرية في شمال البلاد منذ بداية ديسمبر كانون الأول الماضي بهدف استعادة السيطرة عليها. الأمر الذي تسبب في نزوح نحو مليون شخص، وأثار مخاوف تركيا والفصائل المسلحة التي تدعمها هناك، ودفع أنقرة لإرسال تعزيزات عسكرية للمنطقة.

وكانت المواجهات العسكرية، التي تسببت بمقتل أكثر من 500 مدني والعشرات من الجنود الأتراك وقوات الأسد، قد كشفت لأنقرة عيوب نظام الأسد المدعوم من روسيا، وأن العودة إلى طاولة المفاوضات ليست ممكنة إلا من خلال القوة العسكرية التي استخدمتها تركيا، وأن أي استمرار للعمليات العسكرية للنظام وحلفائه في شمال البلاد، لا يمكن أن يتم إلا باتفاق بين أنقرة وموسكو، وفق تحليل نشره موقع "ناشيونال إنترست".

كما إن الصراع في إدلب، أعاد الزخم للعلاقات بين واشنطن وأنقرة، وإن لم يكن مستداماً، لكنه عزز الموقف التركي في الأزمة هناك، وجعل أنقرة تتحرك بثبات واستقرار، للاستمرار بجولة أخرى من الصراع مع نظام الأسد.

دمشق تنظر إلى إدلب على أنها أخر معقل للفصائل المسلحة، وأن الانتصار فيها يعني عودة سيطرتها، وذلك بعد 9 سنوات من الحرب، التي شردت ملايين السوريين وجعلتهم لاجئين في شتى أقطار العالم.

ويشير التحليل إلى أن تركيا استطاعت أن تعيد نفسها كطرف أساسي في الصراع، بعدما سعت دمشق وموسكو إلى تحييدها.

لكن ما حصل في الشهر الأخير من عمليات عسكرية على الأرض وفي الجو، ودعم واشنطن لأنقرة، مكَّن تركيا من تعزيز موقفها التفاوضي ومنع سقوط إدلب، ليصبح بمثابة خط أحمر أمام النظام وموسكو.

وخلال أسابيع ماضية ألحقت أنقرة الضرر بقوات الأسد على الأرض وفي الجو، وسط غياب للطائرات الروسية ومنظومتها الدفاعية، خاصة وأن موسكو ربما لا تريد أن تبالغ في عملياتها العسكرية هناك، إذ إن وجودها كان بحجة محاربة تنظيم الدولة، لكنها الآن أصبحت تساعد نظام بشار الأسد في قمع وتشريد شعبه، وهو ما يمكن أن يضع روسيا تحت ضغط من المجتمع الدولي مثلما حصل في 2015.

وربما لم تحقق أنقرة جميع أهدافها في إدلب، لكنها استطاعت وقف تقدم الأسد وحلفائه في المنطقة، وأعادت موسكو إلى الالتزام باتفاقيات وقف إطلاق النار بالمنطقة، وهي تقوم بتسيير دوريات مشتركة معها.

الدبلوماسية القسرية التي يتبعها جميع الأطراف حالياً، ستكون مختلفة عما سبق من دبلوماسية تقليدية فيما بينها، خاصة وأن الجميع استخدم القوة العسكرية، وأصبح كل طرف يعرف استراتيجية الردع التي يمكن أن يستخدمها تجاه الآخر.

وهذا يعني أن تركيا ربما ستستمر في هذا النهج من الدبلوماسية الممزوجة بالقوة العسكرية لمنع سقوط إدلب، وهو ما لم يكن في حسابات روسيا والأسد.

كما تعلم نظام الأسد أنه لن يكون وحده قادراً على منع تركيا من التدخل العسكري في شمال البلاد، ما لم يكن مدعوماً من جهات خارجية، وهو ما يعني استمرار اعتماده على طهران وموسكو.

ويظهر ما يحدث في إدلب أن واشنطن تدعم أنقرة في مواجهة موسكو ودمشق، ولكنها غير راغبة في دعم استمرار وجود الفصائل المسلحة في شمال البلاد، وهذا الأمر لا يعني أنها ستدعم التدخل التركي في سوريا أو أن تعود للاشتراك في أزمة إدلب، ولكن الأحداث الأخيرة ربما تشكل فرصاً عديدة للولايات المتحدة بطريقة غير متوقعة.