الخميس 2022/07/07

من أجل الأكل و”السترة”.. نصف السوريين يبيعون ممتلكاتهم

لمواكبة التضخم الذي ينمو يوميا بعد يوم، وللحصول على السيولة التي تسمح لهم بتلبية احتياجاتهم الأساسية، يميل العديد من السوريين داخل البلاد إلى بيع أقل ما تبقى لديهم من الأملاك والعقارات، بدءا بالذهب وانتهاء بالأصول، إذ اضطر الكثيرون إلى بيع كل ما تبقى لديهم مقابل كسرة خبز، وسقف فوق رؤوسهم بسبب ارتفاع الأسعار اليومي، الذي أصبح كابوسا.

 

البيع من أجل المال

بعد الارتفاع الحاد في الأسعار، أصبح بيع السيارات، هو الخيار الأول بالنسبة لمن يملكونها، يليه بيع البيوت بهدف الإيجار في مكان يقدم خدمات بأقل التكاليف والاستفادة من فارق الأسعار، ومن ناحية أخرى، يميل بعض الأشخاص الذين يملكون منازل في قلب العاصمة إلى بيعها لصالح الشراء في الأحياء والضواحي الشعبية.

 

وبحسب حديث عضو "مجلس التصفيق" التابع لنظام الأسد، زهير تيناوي، لصحيفة “البعث” الموالية للنظام، اليوم الخميس، فإن المواطنين الذين باعوا أملاكهم سيشكلون فجوة ركود في المستقبل بسبب السيولة، إذ يمكّن فرق السعر أحيانا من شراء منزلين في منطقة مخالفة بدلا من مسكن وسط المدينة، مما سيؤدي إلى مشاكل عقارية على المدى الطويل.

 

وبحسب تيناوي، فإن 30-40 بالمئة من السكان يميلون لبيع ممتلكاتهم، سواء لتحسين ظروفهم المعيشية “مؤقتا” أو للحصول على مساكن جديدة بأسعار أقل، وقد أصبح العثور على أي منزل متواضع والحصول على أبسط المقومات، على رأس أولويات المواطن نظرا للظروف الصعبة، وارتفاع معدلات التضخم.

 

وأيّا كان نوع المساكن (ادخار، أو شبابي، أو جمعيات)، فإن جميعها واكبت التضخم بأسعارها لتصبح بعيدة المنال يوماً بعد آخر، في كل المناطق، سواء كانت شعبية أو متوسطة أو جيدة.

 

العقارات على رأس المبيعات

عدم اهتمام "وزارة الإسكان" بحكومة النظام بحل ارتفاع الأسعار، ساهم في عزوف ذوي الدخل المحدود عن شراء العقارات، فبحسب تيناوي “مهما كانت القيم التي يحاول أي شخص تأمينها لتوفير مسكنه، يقابلها ارتفاع أسرع وأكبر، نتيجة تزايد سعر المواد الأولية الأساسية كالإسمنت والحديد”.

 

وحتى السكن الشبابي، لفت تيناوي إلى ظلم كبير وقع على المواطنين، لأن التسجيل على هذا المشروع كان في عام 2004، على أن يكون التسليم خلال 10 سنوات، ولكن عدم نجاح القائمين على المشروع بالتسليم خلال 20 سنة، تحمّل المواطن المسؤولية وفرق الأسعار، ما تسبب بمشاكل عقارية موجودة حتى الآن.

 

وبيّن عضو "مجلس التصفيق"، أن غالبية الأموال والسيولة التي كانت متاحة للمواطنين كانت تستثمر في العقارات، وحتى بيع المدّخرات والممتلكات يتم عادة لدفع تكاليف ضرورات الحياة، أو بالعقارات التي تجاوزت التوجه لادخار الذهب الخاضع لبورصة تذبذب سعره، أو شراء القطع الأجنبي الذي أصبح سوقه مضبوطاً إلى حد كبير.

 

قرض السكن يتضاعف

وسط الارتفاع الكبير في الأسعار الذي يشهده سوق العقارات في سوريا، سواء لشراء مسكن، أو ترميمه، أو إكسائه، فإن القروض التي تغطيها المصارف العقارية، لم تكن تتلاءم مع السوق خلال الفترة الماضية، لذلك اتجه المصرف العقاري التابع لنظام الأسد بعد دراسات أجراها مؤخرا لرفع سقف القروض العقارية، وإن كانت بعد رفعها لا تزال دون مستوى أسعار السوق.

 

مدير عام المصرف العقاري مدين علي، قال أمس الأربعاء، إن رفع سقوف القروض تم، بناء على حالة التقييم التي يجريها العقاري للسقوف الحالية للقروض، وقدرتها على تحقيق المنفعة من التمويل الذي يحصل عليه الأفراد أو الجمعيات من المصرف، خاصة مع حالة التضخم التي حصلت خلال الفترة الماضية، بينما استبعد، أن يسهم رفع سقوف القروض في رفع حالة التضخم الحالية، لأن عمليات التمويل التي يمنحها المصرف هي، لتمويل عمليات شراء وإكساء وغيرها، وهي عمليات حقيقية وتتم وفق معايير ومتابعة لدى المصرف.

 

وبحسب خبراء في سوق العقارات، فإن أسعار العقارات أغلى مما تبدو عليه، وذلك نتيجة انهيار الليرة السورية، والقدرة الشرائية لدى السوريين، وهذا ما يجعل القرض العقاري الجديد حتى بعد تضاعفه غير قادر على تلبية احتياجات السوريين لتأمين مسكن، سواء شراء أو ترميما أو إكساء.