الخميس 2018/03/22

مقاتلو “مجموعة فاغنر” في سوريا أداة موازية للجيش الروسي

كشف موت عدد من عناصر "مجموعة فاغنر" شبه العسكرية الروسية في سوريا في شباط/فبراير الماضي الدور الذي يلعبه هؤلاء الجنود السريون الذين تستخدمهم موسكو في بعض الأحيان لكنهم يتجاوزون عند الحاجة الجيش الروسي.

ووسط نزاع بالغ التعقيد بين قوى عالمية ومجموعات محلية، تكمل هذه المجموعة الغامضة على الأرض مهمة العسكريين الروس المنتشرين في سوريا في إطار حملة الضربات الجوية التي بدأها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 2015 دعما لنظام الأسد.

وباتت في صلب الاهتمام منذ أعلنت واشنطن في السابع من شباط/فبراير أنها قتلت ما لا يقل عن مئة مقاتل موالين للنظام في منطقة دير الزور ردا على هجوم استهدف المقر العام للمليشيات الكردية الانفصالية التي تدعمها واشنطن.

وبعد صمت استمر بضعة أيام، أقرت موسكو بمقتل خمسة من مواطنيها في تلك الهجمات وسقوط "عشرات" الجرحى، موضحة أنهم جميعا "توجهوا إلى سوريا بمبادرة منهم".

من جهتها، تداولت وسائل الإعلام أرقاما مختلفة تجاوز بضعها مئتي قتيل.

وحددت مجموعة "كونفليكت انتليجنس تيم" للتحقيق هويات عشرة منهم كانوا جميعا في سوريا لحساب "مجموعة فاغنر".

وأوضح كيريل ميخائيلوف من مجموعة التحقيق المذكورة لوكالة فرانس برس أنه رغم إن لا وجودا قانونيا لهذه المنظمة كون الشركات الأمنية الخاصة محظورة في روسيا، فقد شكلت "مكونا أساسيا للعمليات الروسية في اللاذقية وفي شرق سوريا".

ونشطت فاغنر أيضا في عملية استعادة مدينة تدمر الأثرية من تنظيم الدولة في آذار/مارس 2016.

وأوضح بافيل باييف الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية أنها "جيش ظل روسي (...) ينطوي على فائدة مزدوجة لجهة نفي" الحجم الواسع للانتشار الروسي في سوريا و"الاقلال" من الخسائر. لكنه أضاف إن "المشكلة مع مقاتلين مثل فاغنر إنه لا يمكن السيطرة عليهم على الدوام".

- استقبال في الكرملين -

انشأ فاغنر الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية الروسية ديمتري أوتكين الذي كان في عداد مجموعة أولى من المرتزقة الروس أرسلوا إلى روسيا في خريف 2013.

لكن مهمتهم فشلت بسبب عدم الاستعداد كما يجب.

شارك اوتكين بعدها، اعتبارا من حزيران/يونيو 2014، في معارك في شرق أوكرانيا مع الانفصاليين الموالين لموسكو، بحسب وسائل إعلام وأجهزة أوكرانية.

وشكل النزاع في هذا البلد الولادة الفعلية لـ"مجموعة فاغنر".

ونفت روسيا على الدوام أي وجود عسكري لها في شرق أوكرانيا رغم تأكيدات كييف والدول الغربية وإقرار فلاديمير بوتين فقط بأن الجنود الروس يمكنهم التوجه إلى هناك خارج إطار خدمتهم.

وتوجه أوتكين إلى سوريا في خريف 2015 حين بدأت موسكو تدخلها العسكري دعما للأسد.

أما ممول المنظمة فهو رجال الأعمال يفغيني بريغوجين القريب من بوتين والذي جنى ثروته من ورش الترميم قبل أن يوقع عقودا عدة مع الجيش والإدارة الروسيين.

ويشتبه القضاء الأميركي بأنه يقف وراء نشر رسائل على الإنترنت لتسهيل فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016.

- اتفاق نظام الأسد -

عدد مقاتلي المنظمة في سوريا ليس ثابتا. لكن صحيفة "ريبابليك" الإلكترونية نقلت عن مصادر أمنية روسية وجود 2500 من المرتزقة في سوريا في آذار/مارس 2016 بينهم 1600 مقاتل خصصت لهم موازنة بقيمة 350 مليون دولار منذ بدء العملية.

ونقلت اسبوعية "سوفيرشينو سيكريتنو" (سري للغاية) عن مسؤول في المنظمة قوله إن "أربعين في المئة من هؤلاء أوقفوا لارتكابهم جرائم خطيرة".

ويبدو أن فاغنر خسرت في 2016 ثقة وزارة الدفاع بعدما كانت تمولها وتزودها الأسلحة والمعدات وذلك بسبب توترات مع الجيش الروسي على الأرض وصراعات نفوذ في موسكو.

وأورد كيريل ميخائيلوف أنه بفضل القوات الروسية  فإن القدرات العسكرية لفاغنر تجاوزت "نظيراتها لدى أي شركة أمنية غربية خاصة" وخصوصا بلاك ووتر، الشركة الأميركية التي عملت لحساب الحكومة الأميركية في العراق وحيث اتهمت غالبا بالتحرك من دون أي محاسبة.

وأضاف ميخائيلوف أن هذه الصعوبات "دفعت يفغيني بريغوجين إلى السعي لعقود أخرى، وخصوصا ذلك الذي وقع مع الأسد ونص على أن تستعيد فاغنر السيطرة على حقول وبنى تحتية نفطية مقابل 25 في المئة من الإنتاج".

ولهذا الغرض، أسس بريغوجين شركة اسمها "ايفرو بوليس" وقعت الاتفاق المذكور مع نظام الأسد في كانون الاول/ديسمبر 2016. ومذاك، تتولى هذه الشركة دفع رواتب المرتزقة التي تراوح بين 200 ألف و300 ألف روبل شهريا وفق وسائل الإعلام الروسية.

وعلق بافيل باييف أن "عدد المرتزقة والفترة الزمنية للعمليات يتطلبان تمويلا يتجاوز بكثير قدرة رجل أعمال متوسط الحال، ومن المرجح جدا أن تكون شركات بريغوجين واجهة لمصادر تمويل أخرى".