الخميس 2021/07/22

ماذا وراء تكثيف الغارات الإسرائيلية على مواقع النظام ومليشيات إيران بسوريا؟

 

يثير تجدد القصف الإسرائيلي على أهداف في سورية خلال أقل من يومين، تساؤلات عن مغزى ذلك وحقيقة الموقف الروسي المستاء من الغارات، وذلك بعد إصدار بيان روسي أمس الأربعاء تعليقاً على الغارات الإسرائيلية على منطقة السفيرة بريف حلب.

 

ووفق مصادر متطابقة، فقد استهدف القصف مواقع عسكرية لـ"حزب الله" اللبناني في منطقة القصير بريف حمص على الحدود السورية اللبنانية، إضافة إلى مطار الضبعة العسكري في ريف حمص الجنوبي الغربي، الذي يعتبر من أبرز المواقع العسكرية للحزب على الحدود بين لبنان وسورية، حيث يستخدمه لتخزين الأسلحة والصواريخ، كما سبق أن تعرض مطار الشعيرات لضربات جوية إسرائيلية وأميركية.  

 

وكان آخر قصف إسرائيلي استهدف ريف حمص في 9 يونيو/ حزيران الماضي، وأدى وقتها إلى مقتل 11 شخصاً من قوات النظام ومليشيا الدفاع الوطني، بينهم ضابط برتبة عقيد، حيث استُهدِف مركز للبحوث العلمية في منطقة خربة التينة ومواقع ونقاط عسكرية أخرى في ريف حمص الغربي، إضافة إلى مستودع ذخيرة تابع لحزب الله اللبناني جنوبيّ مدينة حمص.

 

وكانت قوات النظام قد استعادت مدينة القصير من المعارضة المسلحة 2013 بعد هجوم عنيف استمر 17 يوماً، قادته مليشيا حزب الله اللبناني.

 

وتمثل المدينة أهمية استراتيجية كبيرة للنظام لأنها تقع قرب طريقين رئيسيين لربط العاصمة دمشق بالساحل، إضافة إلى محاذاتها للحدود اللبنانية، ما جعلها نقطة رئيسية لتبادل الممنوعات على طرفي الحدود، بما في ذلك السلاح والمخدرات، حيث يهيمن عليها حزب الله اللبناني.

 

وكانت انفجارات عنيفة قد هزت منطقة السفيرة في ريف حلب الجنوبي، ليلة الاثنين - الثلاثاء، جراء قصف إسرائيلي استهدف مواقع عسكرية تتبع لمليشيات إيرانية، ما أدى إلى مقتل خمسة من مقاتلي المليشيات الإيرانية.

 

وأعلنت وكالة "سانا" الرسمية، أن الدفاعات الجوية التابعة للنظام تصدت لقصف جوي إسرائيلي في أجواء مدينة السفيرة في ريف حلب الجنوبي، وأسقطت معظم الصواريخ المعادية، كما قالت.

 

وخلال الأعوام الماضية، شنت "إسرائيل" مئات الغارات في سورية، مستهدفة مواقع لقوات النظام وأهدافاً إيرانية وأخرى لحزب الله اللبناني، إلا أن "إسرائيل" نادراً ما تعلن مسؤوليتها عن هذه الضربات، لكن جيش الاحتلال الإسرائيلي ذكر في تقريره السنوي الأخير أنه قصف خلال عام 2020 نحو 50 هدفاً في سورية.

 

وتكرر "إسرائيل" القول إنها ستواصل مواجهة ما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سورية، مدعية إن ضرباتها أبطأت وتيرة التوغل الإيراني في سورية.

 

ورأى القيادي في المعارضة السورية، العميد فاتح حسون، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تكثيف الغارات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سورية "يأتي ضمن سياسة الضغط الفاعل على إيران من قبل الولايات المتحدة لإدخال موضوع الصواريخ الإيرانية متوسطة وبعيدة المدى ضمن الاتفاق النووي المزمع عقده معها"، مشيراً إلى أن هذا "يصبّ في مصلحة إسرائيل التي تحاول الاستفادة من الموقف ونقيضه في آن واحد". 

 

وأضاف حسون: "صحيح أن إسرائيل ترى أن الاتفاق النووي مع إيران لن يصب في مصلحتها، لا بل قد يطلق يد إيران في سورية، وبالتالي يزداد الخطر الإيراني عليها، لكنها تضع نفسها بذات الوقت أداة بيد الولايات المتحدة لتشكيل ضغط فاعل على إيران، وبالتالي تأخذ الضوء الأخضر منها لتكثيف هذه الغارات". 

 

وبشأن موقف روسيا من هذه الغارات، قال العميد حسون إن روسيا تشعر بالامتعاض لأن الضوء الأخضر والتنسيق يحدث بين إسرائيل والولايات المتحدة، وليس بين إسرائيل وبينها، مشيراً إلى أن هذا التنسيق يُفقد روسيا دورها التي تحاول لعبه بالاتفاق النووي.

 

وأوضح أن "الدول الفاعلة في الملف السوري وعلى الأراضي السورية، لا تتبع منهجاً واحداً ثابتاً، بل "تتبدل أفعالها بشكل آني وتتقلب بشكل يتناسب مع أي تراخٍ أو ثغرة تحدث بموقف دولة أخرى تقف في الصف المقابل، ولا سيما أن هناك أهدافاً تكتيكية وأخرى استراتيجية، وتوجد جهات متعددة تعمل على تنفيذها، وهذا قد يحدث بعض التداخلات والتناقضات للناظر من قرب".

 

وأضاف حسون في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه وفق المتابعة الأمنية، فقد كانت هناك معلومات تشير إلى وجود خبراء إيرانيين في السفيرة عند تنفيذ الضربة الإسرائيلية الأخيرة عليها، ما أدى إلى مقتل واحد منهم وإصابة ثلاثة آخرين، لافتاً إلى أن وجود الخبراء من الأكاديميين والمهندسين المختصين، كان بعلم روسيا وموافقتها، ما قد يشير إلى أن روسيا تبدو موافقة على هذه الغارة، ما أدى إلى دفع حزب الله اللبناني إلى التحرك في جنوب سورية وجنوب لبنان، والتهديد باستهداف مصالح إسرائيلية، مؤكداً أن زيادة التوتر بين إيران وروسيا في هذا الملف، جعل الأخيرة مستاءة من التنسيق الإسرائيلي الأميركي.

 

 وبعد الغارات الأخيرة على السفيرة في ريف حلب، تحدثت مصادر إعلامية إسرائيلية عن قلق إسرائيلي بشأن منظومة التنسيق بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والقوات الروسية في سورية، بحسب موقع "ديبكا" الإسرائيلي، الذي أشار إلى أن هذا القلق أثاره صدور بيان روسي تطرق لأول مرة إلى تفاصيل الغارة الإسرائيلية الأخيرة على السفيرة في ريف حلب.

 

وتحدث البيان الروسي الذي صدر باسم نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة في سورية، اللواء البحري فاديم كوليت، عن نجاح الدفاعات الجوية التابعة للنظام في اعتراض 7 صواريخ من أصل 8 أطلقتها المقاتلات الإسرائيلية، وهو ما اعتبره الموقع أنه "يحمل دلالات مهمة". 

 

وأوضح أن القوات الروسية تتغاضى عادة عن الهجمات التي تشنها مقاتلات إسرائيلية على أهداف إيرانية في سورية، "لكن يبدو أن شيئاً ما تغير هذه المرة".

 

وخصّ البيان الروسي بالذكر صواريخ "بانتسير" روسية الصنع التي قال إن الدفاعات الجوية بالنظام استخدمتها لإسقاط الصواريخ الإسرائيلية، فيما أصاب الصاروخ الأخير مبنى مركز للأبحاث في مدينة السفيرة بريف حلب. 

 

ووفق الموقع، فإن مصادر عسكرية إسرائيلية قالت إن البيان الروسي يعني أن الغارة الإسرائيلية فشلت، إضافة إلى أنه يحمل دلالات مهمة، منها أنه يحمل إنذاراً روسياً لإسرائيل، بأن الرادارات الروسية في سورية قادرة على كشف المقاتلات الإسرائيلية التي تتسلل للمجال الجوي السوري، وهو ما يشير إلى أن القوات الروسية في سورية طورت أسلوباً يمكّن بطاريات الصواريخ الدفاعية من طرازي "بانتسير" و"بوك ام2" روسية الصنع، من اعتراض الصواريخ الإسرائيلية.

 

ويُعَدّ هذا التطور بمثابة "رسالة روسية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت، تحذره من استمرار الغارات الإسرائيلية على أهداف عسكرية في سورية، سواء تخصّ قوات النظام السوري أو الحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى أن روسيا ستشارك من الآن فصاعداً في التصدي للغارات الإسرائيلية"، بحسب الموقع.

 

ورأى مراقبون أن البيان العسكري الروسي مجرد محاولة للترويج لمنظومتي "بانتسير" و"بوك" الروسيتين، اللتين تقول موسكو عنهما إنهما من أفضل أنظمة الحماية للمنشآت ضد الهجمات القريبة أو المتوسطة، رغم أن قوات النظام السوري أخفقت في استخدامهما بشكل فعال لمواجهة هجمات إسرائيلية سابقة، ما أثار انتقادات داخل أوساط عسكرية روسية.

 

 وعادة ما تلتزم وزارة الدفاع الروسية الصمت حيال الهجمات الإسرائيلية في سورية، فيما يشجب دبلوماسيون روس بين الفينة والأخرى هذه الغارات، خاصة حين تُستهدف وحدات عسكرية تابعة للنظام السوري، أو تُنفَّذ دون تنسيق كافٍ مع القوات الروسية.