الأحد 2018/03/11

كيف انهارت المليشيات الكردية في عفرين أمام الجيش السوري الحر

مع بداية عملية غصن الزيتون، تفاجأ الجميع بمحاور الهجوم والتي تم اختيارها على مبدأ "التكنيس" ليتم طرد عناصر المليشيات الكردية الانفصالية من الحدود التركية وصولا إلى مدينة عفرين.

لكن فتح 7 محاور هجومية في دفاعات المليشيات الحصينة عوضا عن محور أو محورين واستخدام هجوم البليتزغريغ للوصول فورا إلى عفرين من سهل جنديرس، آخر عمليات غصن الزيتون خاصة خلال الشهر الأول، لكنه أيضا شتت دفاعات المليشيات وسمح للجيش الحر بمسح الأراضي وتثبيت النقاط وتجنب الخسائر التي كانت قد تنجم من خبرة المليشيات بالأرض أكثر من القوات المهاجمة.

خلال العملية، اتضح أن المليشيات كانت قد أعدت تحصينات دفاعية قوية جدا على الحدود، فيما يشبه "قشرة البيض"، استغرقت سنوات في بناءها وكلفتها ملايين الدولارات (قد تكون من أموال الدعم الأمريكي) وما أن انهارت هذه القشرة حتى أصبح التوغل في منطقة عفرين أسهل.

تجنبت المليشيات حرب المدن حيث لم تسجل أي مقاومة تذكر خاصة في بلدات توقعنا من المليشيات أن تدافع عنها بشراسة كجنديرس وراجو وشيخ الحديد إلا أنها آثرت الانسحاب تجنبا للحصار ويبدو جليا الآن أن المليشيات اعتمدت بشكل رئيسي على تحصيناتها وهذا ماتسبب بانهيارات متتالية ومفاجئة فور خرق هذه الدفاعات.

اعتمدت المليشيات أيضا بعد سقوط خطوط دفاعها الرئيسية على حرب العصابات في المناطق المفتوحة، خاصة في المناطق الجبلية، باستخدام تكتيكات الكمائن والتسلل والتفخيخ، من خبرة اكتسبتها من المعارك مع تنظيم الدولة، لكنها لم تكن كافية لوقف الهجوم لذلك آثرت لاحقا الانسحاب نحو مدينة عفرين وقد رأينا بدء تحصين مدينة عفرين حتى قبل اقتراب المعارك منها مما يدل على وجود قناعة مسبقة لدى قيادة المليشيات أنها ستنهزم من كامل منطقة عفرين وستضطر للدفاع عن المدينة.

لم يسعف المليشيات مساندة المليشيات الإيرانية والتي قامت بتزويد المليشيات بالمقاتلين والعتاد، كذلك الأمر مع القوات الشعبية التابعة للأسد والتي لم تلعب إلا دور معنوي، بالإضافة إلى استلام نقاط المليشيات الكردية الانفصالية حول تل رفعت لتتفرغ المليشيات للدفاع عن منطقة عفرين.

تكبدت المليشيات خسائر كبيرة جدا في معركة غصن الزيتون، تراوحت بين 1000 و3000 واستفادت من سماح روسيا بدخول تعزيزات لها من المناطق التي تحتلها في القامشلي والحسكة ودير الزور، لتتحول عفرين إلى ثقب أسود يبتلع هذه المليشيات.

بعد وصول الحر مشارف المدينة تفصلنا أيام قليلة وربما ساعات عن مواجهات يتوقع أنها ستكون المرحلة الثالثة والأصعب وهي السيطرة على مدينة عفرين.

يشير هذا إلى سيناريو حصار المدينة، وقطع طرق إمدادها عن مناطق سيطرة الأسد كخطوة أولى لمنع وصول الإمداد ولمنع هرب المقاتلين منها، كما يتقدم الجيش الحر من محور سهل جنديرس ليكمل الإطباق على المدينة من الجهات الأربعة.

أما باقي دفاعات المليشيات في "مناطق عفرين" كالمعبطلي فيتوقع أن تنهار سريعا الآن.

قيادة حزب العمال الكردستاني أصبحت في ورطة كبيرة، فعفرين بالنسبة لها هي أكثر منطقة محصنة في سوريا، وقد تتفوق على تحصينات الحزب في جبال قنديل، ومع انخفاض معدل عمليات الحزب في تركيا منذ بدء عملية غصن الزيتون، فهذا لايدع للشك أن الحزب مشغول جدا الآن بمعركة غصن الزيتون.

إن خسارة الحزب لمنطقة عفرين والتي تعد الحاضنة الأكبر لمناصريه في الشرق الأوسط سيؤثر على شعبية الحزب بشكل كبير، وقد يكون نذيرا لبدء أفول الحزب ليكون المدنيين المناصرين له في منطقة عفرين أمام خيارين وهما إما التحرر من الحزب والذي جند وقتل أولادهم وسرق أموالهم لتحقيق أهدافه والعودة لصف الثوار، أو القتال مع الحزب حتى النهاية ومواجهة خطر الرحيل عن عفرين نهائيا.

بالعودة لمعركة مدينة عفرين، فقد نشهد أيضا انهيارات مفاجئة وهروبا للمليشيات باتجاه المناطق الشرقية، وقد تطول المعركة بسبب تجمع مقاتلي الحزب المنسحبين من مناطق عفرين فيها قبل أن يقوم الحزب بتسليمها رسميا لقوات الأسد، مقابل خروج آمن.

في كلتا الحالتين لن يغفر الحزب لروسيا ولا للأسد تخاذلهما في تسليم المنطقة ولن يشفع للأسد إرسال قوات شعبية لم تقدم ولم تؤخر في المعركة وأراد التخلص منهم حتى يخفف من العصابات التي تعيث في حلب فسادا، وسينتقم من تبقى من هذه المليشيات من الأسد وروسيا في دير الزور والقامشلي والحسكة على خسارة الحزب لأهم مناطقه في الشرق الأوسط وستكون أمريكا التي يسعدها مايحصل الآن الورقة الأخيرة للحزب في سوريا.

مايهم أيضا بعد معركة مدينة عفرين هو مصير مناطق تل رفعت والتي يتوقع أن تبقيها المليشيات مع قوات الأسد.