الأحد 2020/03/08

قبل مقتله بأيام.. رسائل مؤثرة من جندي تركي لأمه حول أطفال إدلب  

"نتقاسم المؤون الخاصة بنا مع هؤلاء الأطفال، ونوزع عليهم الشوكلاته، إنهم وحيدون، لا أتحمل حينما أراهم، يتألم قلبي بشدة، ملابسهم ممزقة، لا أحذية أو شرابات بأقدامهم، عيونهم تطلق هنا وهناك نظرات كلها خوف؛ فلا مدارس هنا ولا محال تجارية".

كان هذا جزءاً من رسالة إلكترونية بعثها الرقيب في سلاح المشاة التركي، محمد يلماز، إلى أمه، قبل أسبوع واحد فقط من مقتله بقصف لقوات الأسد على إدلب يوم 27 فبراير/شباط المنصرم، ليحكي لها مأساة يعيشها أطفال قرية قصفتها قوات بشار الأسد، مرفقة بصور لهؤلاء الأطفال.

الجندي يلماز، ابن ولاية كوتاهية غرب تركيا، انخرط في عمله العسكري قبل عامين إثر حصوله على قسط من التعليم بولاية إسبرطة (جنوب غرب)، وانتقل إلى إدلب ضمن القوات التركية منذ فترة.

وقبل أسبوع واحد من وفاته، بعث يلماز برسالتين إلكترونيتين إلى والدته خديجة يلماز، مرفقة بصور له مع جنود أتراك آخرين، وأطفال بالمنطقة.

ومضيفا في رسالته السابقة، أكمل يلماز سرد الحالة المزرية التي يعيشها الأطفال في إدلب، قائلاً: "بعض هؤلاء الأطفال لا عائلات لهم، ومعظمهم كانت لا توجد شرابات في أقدامهم. جمعناهم كلهم وألبسناهم من شراباتنا، وأعطيناهم كذلك ملابس. أمي الحرب هنا تدمر حالتهم النفسية جميعاً. هم يعيشون بهذا الشكل بسبب ما يفعله الآخرون، وعندما يروننا ينظرون إلينا وعيونهم كلها أمل، ونحن قدر المستطاع نعمل على إسعادهم، ونتقاسم معهم المأكل وكل ما نملك".

وتابع: "هؤلاء الأطفال يا أمي لا غصن لهم يتمسكون به سوى الجنود الأتراك، ونحن بينما كنا في تركيا قبل المجيء إلى هنا كنا نتبطر ولا يعجبنا هذا الطعام أو ذاك. أما الناس هنا يا والدتي فلا يجدون لقمة الخبز، ولا أحد يهتم بهم".

واستطرد: "نحن مرابطون هنا يا أمي حتى تأتينا الأوامر، وطيلة وجودنا هنا لن يمس هؤلاء أي ضرر، ولن يستطيع أحد أن يمس شعرة من هؤلاء الأطفال، العالم أجمع يسأل عن سبب وجودنا، ولولا وجودنا من كان ليساعد هؤلاء الأطفال؟".

وفي رسالة أخرى أرسلها الرقيب يلماز بعد يومين من الرسالة المذكورة أعلاه، كتب أن عناصر النظام قاموا بقصف القرية التي يعيش بها أولئك الأطفال الذين يساعدونه، وقص الأمر بقسوته ومرارته.

وأسفر هجوم لقوات الأسد في 27 فبراير عن مقتل 34 جنديًا تركيًا، ما دفع الجيش التركي لإطلاق عملية "درع الربيع" العسكرية، ضد قوات نظام الأسد في إدلب.