الأحد 2020/09/13

المونيتور: من المستفيد من الدوريات الروسية التركية شمال غرب سوريا؟

أبرمت روسيا وتركيا اتفاق "سوتشي" في أيلول 2018 وكان من أهم بنود هذا الاتفاق "إنشاء منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب شمال غرب سوريا" لوقف الاشتباكات بين قوات النظام وفصائل المعارضة.

وبحسب مقال نشره موقع "المونيتور" لم تصمد هذه الاتفاقية لفترة طويلة، وشهدت المنطقة تصعيدا عسكريا أواخر أبريل/نيسان 2019، بعد قيام قوات النظام مدعومة بغطاء جوي روسي، بشن هجوم على شمال غرب سوريا.

وتمكن النظام من التقدم إلى معرة النعمان جنوب محافظة إدلب، وهو انتهاك واضح للمادة الثانية من اتفاق "سوتشي" التي تنص على أن "روسيا ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان تجنب العمليات العسكرية والهجمات على إدلب وأن الوضع الراهن سيتم الحفاظ عليه".

وتسبب التصعيد العسكري والاقتتال في نزوح أكثر من 400 ألف شخص بين أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول 2019. وبحلول مارس/آذار 2020، زادت أعداد النازحين لتصل إلى أكثر من 1.3 مليون.

عاودت أنقرة وموسكو الاتفاق في 3 مارس/آذار الماضي على وقف إطلاق النار في شمال غرب سوريا، وبدأ الطرفان في تسيير دوريات مشتركة في 15 مارس/آذار. تسيير الدوريات الروسية التركية على الطريق السريع M4 الذي يربط مدينة حلب شمال سوريا باللاذقية على الساحل السوري في الغرب.

هذا الطريق السريع يحظى بأولوية عالية لنظام الأسد وحلفائه، كونه طريقا حيويا يربط بين مدينتين رئيسيتين يسيطر عليهما النظام.

وقال فراس فحام، الباحث في مركز جسور للدراسات والتنمية، وهو مؤسسة مستقلة مقرها إسطنبول تركز على الشؤون السياسية والاجتماعية السورية، قال لموقع المونيتور إن "الدوريات المشتركة أوقفت التصعيد العسكري الذي استهدف بشكل أساسي المناطق السكنية بضربات جوية، مما تسبب في مفاقمة حدة الوضع الإنساني من خلال التسبب في موجات كبيرة من العنف والنزوح باتجاه الحدود التركية وأدت الدوريات إلى انخفاض تدريجي في العنف".

وقال الناطق باسم جبهة التحرير الوطني ناجي مصطفى للمونيتور "لقد شهدنا انتهاكات ارتكبتها قوات النظام منذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار. فشلت مليشيات الأسد والقوات الروسية في احترام الاتفاق، وترافق ذلك مع خروقات ومحاولات للتقدم على عدة محاور، مثل محور حدادة بجبل الأكراد، وقرى دير سنبل وبينين وحرش بينين وفطيرة وفليفل".

وأشار مصطفى إلى أن "اتفاق وقف إطلاق النار وخفض التصعيد قلل من وتيرة القصف، وساهم بتوقف استهداف المدنيين، باستثناء الانتهاكات التي ترتكبها قوات النظام والميليشيات الطائفية والمنفعة الوحيدة كانت تقليل معاناة أهلنا لأن الأسد قلل من استهدافه للمستشفيات والأسواق والقرى".

لكن مع استمرار الهجمات والقصف، وجهت انتقادات للدوريات المشتركة الروسية التركية من مختلف السكان والجماعات في المنطقة.

عدنان الإمام، ناشط إعلامي يعمل في مدينة إدلب وريفها، ويتابع عن كثب الأحداث في هذه المنطقة، قال للمونيتور "أرى رفضاً واسعاً للدوريات المشتركة في المناطق المحررة، لا سيما في مناطق جبل الزاوية وجبل الأربعين وجبل شحشبو وغيرها، كما شهد طريق M4 عدة احتجاجات ضد هذه الدوريات أيضا".

واحتج بعض الأهالي على الدوريات الروسية التركية التي يعتقدون أنها لم توقف هجمات النظام، كما تعرضت هذه الدوريات لعدة تفجيرات وهجمات من قبل مجموعات مجهولة بشكل متكرر.

ونتيجة لذلك توقفت الدوريات المشتركة في نهاية مارس/آذار الماضي، لتستأنف عملها في 22 يوليو/تموز الماضي. وخلال هذه الفترة، شهدت المنطقة اعتصاما شبابيا على الطريق السريع M4 في مناطق شرق إدلب، لإجبار االقوات الروسية على الانسحاب باتجاه منطقة الترنبة جنوب شرق إدلب.

وواجهت الدوريات المشتركة العديد من التحديات، كان آخرها في 25 أغسطس/آب الماضي، عندما تعرضت قافلة روسية لانفجار أدى إلى إصابة جنديين روسيين. كما تعرضت دورية مشتركة في 18 أغسطس/آب لهجوم من قبل مجموعة مجهولة.

وعلى الأرض، يبدو أن ميزان القوى يميل نحو النظام. ووفقا لخريطة توزع القوى في سوريا، تبين أن نظام الأسد يسيطر على 60.3٪ من سوريا، وفي آخر تحديث لهذه الخريطة نشر في مايو/أيار الماضي، يسيطر نظام الأسد على 63.38٪ من الأراضي، بعد سيطرته الكاملة على ريف حماة الشمالي وعدة مناطق بريف إدلب الجنوبي، بما في ذلك معرة النعمان.

وهذا دليل على أن الاتفاقات والدوريات لم تمنع نظام الأسد من التقدم شمال غرب سوريا، مما قد يعني أن وقف تصعيد النظام لم يكن الهدف الرئيسي للدوريات، بل كان الهدف منها منع أي اشتباكات بين القوات التركية والروسية.

وقال فحام "يمكننا القول إن الدوريات المشتركة هي خطوة أولية للتهدئة، وتجنب الاشتباكات المباشرة بين الجيش التركي الذي انتشر بكثافة في شمال غرب سوريا، وبين القوات المدعومة من روسيا ومع ذلك، فإن الدوريات المشتركة حتى الآن تتعرض لعقبات".

وبعد هجوم 18 أغسطس/ على الدورية المشتركة، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن روسيا علقت الدوريات المشتركة مع القوات التركية على الطريق السريع "أم 4" بسبب "الاستفزازات المسلحة" لكن الدوريات استؤنفت في 25 أغسطس/آب، ليتم استهدافها مرة أخرى.

وقال مصطفى: "نلاحظ دائما أن روسيا تستحضر الحجج والأكاذيب، مستخدمة الدعاية والمعلومات المضللة، بعد قيام الفصائل باستفزاز الدوريات. وغالبا ما يشن النظام غارات جوية على مناطق قريبة من الطريق السريع M4، ولهذا يحاول الجانب الروسي الالتفاف على الاتفاق، نحن نرد فقط على الانتهاكات، ويحق لنا القيام بذلك".

وحتى الآن لا يوجد اتساق في أداء الدوريات المشتركة التي جرت آخرها في 25 أغسطس/آب، ومعظم الناس ليسوا واثقين تماما من الوضع الأمني، ويأملون بأن تنسحب قوات النظام من المناطق التي دخلت إليها مؤخرا وأن يعود النازحون إلى ديارهم.

ويعيش مئات آلاف النازحين في شمال غرب سوريا، بعد أن أجبروا على ترك بيوتهم في المناطق التي سيطر عليها النظام في السنوات الماضية، مثل حمص والغوطة الشرقية وبعض مناطق ريف دمشق.