الأثنين 2021/05/24

المليشيات الإيرانية تضبط إيقاع انتخابات الأسد في دير الزور

تقود إيران عبر المليشيات التابعة نهجا واضحا في دعم مسرحية انتخابات رئيس النظام بشار الأسد، من خلال التنظيم والإشراف وحتى الضغط على السكان لإجبارهم على الإدلاء بأصواتهم، فالنفوذ العسكري والسطوة الأمنية يتيحان لها تنسيق هذه العمليات بكل أريحية بعيدا عن أي ضغوطات أخرى.

 

الناشط الإعلامي عمر البوكمالي أوضح آليات إشراف المليشيات والشخصيات التابعة لإيران على عملية الدعاية للمشاركة في الانتخابات في مناطق دير الزور، الخاضعة لسيطرتها والتابعة شكليا للنظام.

 

وقال في تصريح لـ"العربي الجديد": "بالنسبة لمسألة مسرحية الانتخابات، الجميع يعرف ما الذي يحدث، كانت أجهزة المخابرات تخرجنا من الجامعة، ننتخب بإشرافها في المكان المطلوب، وتنتهي عملية الانتخاب"، مضيفا: "الآن في هذا الوقت، الأمر مشابه ولكن هناك ضغط أكثر وتوجد جهة راعية، وهي إيران التي تريد بقاء الأسد لأجندات تخصها".

 

وتابع قائلا: "هناك أشخاص تابعون لإيران، منهم علاء الشويش وهو رجل إيران الأول في المنطقة، وهو سفير سابق فيها، ينفذون أجندات وأوامر بهذا الخصوص".

 

أما الآلية المعتمدة فتتم، وفق البوكمالي، عن طريق الموظفين وأقاربهم، وبالوقت نفسه تم تبليغ أصحاب المحال التجارية بوجوب المشاركة بالانتخابات.

 

ولفت الناشط الإعلامي إلى أن ما يميز "الخيمة الانتخابية" التي أطلقوا عليها تسمية "خيمة وطن" في دير الزور وحلب أنها كانت بإشراف الإيرانيين الذين تقدموا على الروس في رعاية الانتخابات بحلب ودير الزور وأرياف الرقة التي تسيطر عليها قوات النظام.

 

وشدد بالقول: "ظهرت المليشيات الإيرانية كراعية بشكل أكبر، كون روسيا لها قاعدة حميميم، ولا تدخل بالنقص الذي تواجهه إيران، كون هذه القاعدة تمت بموافقة دولية، وقواعدها العسكرية موجودة ولم تستهدف، هي تشعر بوجودها تحت شرعية دولية، على عكس إيران التي دخلت بشكل خلافي حيث تتعرض مقرات المليشيات التابعة لها وأرتالها العسكرية للاستهداف".

 

وتوقع البوكمالي أن تكون أكبر نسبة مشاركة في انتخابات الأسد في ريف حلب الشرقي والرقة ودير الزور، بسبب وجود المليشيات المتحكمة هناك، مشيراً إلى أن لدى الأخيرة إحصائيات عن أعداد السكان في تلك المناطق.

 

وأوضح أنه في البوكمال مثلا عندما سمح بدخول الأهالي لها، تم الأمر بقيود على الاسم وبعد الحصول على كافة المعلومات للسيطرة على الوضع تماما، مع تزويد المليشيات أيضا برقم هاتف، مضيفا الجميع سيتم تبليغهم بضرورة المشاركة، وهذا ينطبق على أرياف البوكمال والميادين وأريافها ودير الزور. 

 

وخلص إلى أن "إيران عملت على استغلال الأزمات ودائما تنقل المعركة لصالح النظام"، موضحا أن من يتولى إقامة "الخيم الانتخابية" والمصاريف المرتبطة بها هم أشخاص يحضرون بامتيازات ولديهم استثمارات، وشخصيات أخرى بادرت لدعم "الخيم" للتقرب من المليشيات الإيرانية.

 

بدوره، أكد الباحث في مركز "جسور" للدراسات، عبد الوهاب عاصي، لـ"العربي الجديد" أن "إيران قّدمت وعوداً للنظام السوري بمراقبة الانتخابات، ويبدو أنّ إحدى أدوات المراقبة هي انتشار المليشيات المسلّحة في مراكز الاقتراع لإجبار الأهالي على المشاركة وللحيلولة من انتشار مظاهر الاعتراض والرفض، لا سيما أنّ النظام السوري اعتقل قبل شهر عدداً من أئمة دير الزور بسبب رفضهم الحديث عن الانتخابات في خطب الجمعة".

 

وشدد بالقول: "من المعلوم أنّ النظام السوري يعتمد في الانتخابات على ضمان غياب مظاهر الرفض وليس على القبول الذي لطالما ضمنه شكلياً وأمنياً في كل الاستفتاءات التي شهدتها البلاد".

 

وأضاف عاصي: "لا يوجد ما يدعو للاعتقاد بأنّ لدى روسيا الاهتمام ذاته الذي يشغل إيران في سورية، فموسكو تعتني أكثر بحمل النظام السوري على تطبيق خطة الإصلاح المؤسساتي التي يقود جهودها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ مطلع عام 2020، ومواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية والسيادية".

 

وأشار إلى أن "قيام طهران بافتتاح قنصلية في حلب يعكس تركيزاً على ممارسة دور أكبر في المدينة والمحافظة عموماً من ناحية مراقبة ومتابعة الأنشطة السياسية والاقتصادية والأمنية، على غرار الدور الذي يؤديه مكتب ممثل المرشد العام في دمشق، ولا يعني ذلك بالضرورة وجود تنافس بين هذا الأخير والخارجية الإيرانية بقدر ما يعكس محاولة إيران لإظهار الدور الدبلوماسي الذي تشغله في سورية بحيث لا يبدو دورها مقتصراً على الجانب الديني والعسكري".

 

وأشار  عاصي إلى أنه "أمام المعارضة السورية خيارات منها التركيز على مبدأ المساءلة القانونية لملاحقة مجرمي الحرب وكذلك قوانين مكافحة الإرهاب، فتعقّب الجماعات المسلّحة والأفراد الذين تدعمهم وتموّلهم إيران وتوثيق جرائمهم والتدليل على خطر أنشطتهم على الأمن المحلي والإقليمي والدولي يساعد في إدانة إيران وتشديد العقوبات الاقتصادية عليها ودعم الجهود الدولية لتقويض نفوذها في المنطقة وسورية".

 

وتتمتع المليشيات الإيرانية بتحكم شبه كامل بكافة المفاصل العسكرية بمحافظة دير الزور مع سيطرتها على البوكمال على الحدود مع العراق، التي تسهل على المليشيات التابعة لها التنقل بين سورية والعراق، دون التعرض لضغوطات دولية.