الأثنين 2021/08/09

العقوبات الأميركية.. هل تمكّن نظام الأسد من التأقلم ومن ساعده؟

أجرى "معهد الشرق الأوسط" في واشنطن في دراسة للباحثين السوريين كرم شعار ووائل العلواني، بعنوان "فعالية العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على سوريا"، تقييماً شاملاً لفعالية العقوبات على نظام الأسد بدراسة تاريخها منذ فرضت أول مرة وحتى حزيران/يونيو 2021.

 

وأظهرت الدراسة أن الأوروبيين اعتمدوا بشكل أكبر على العقوبات من نظرائهم الأميركيين وخصوصا في الأيام الأولى من الانتفاضة السورية، وعزت ذلك إلى معرفة الأوروبيين بأبرز المؤثرين في الاقتصاد السياسي السوري بحكم العلاقات الاقتصادية العميقة قبل عام 2011، وفق ما ذكر موقع "المدن".

 

كما لاحظت الدراسة وجود بعض الأخطاء في البيانات الرسمية وعلاقات أفراد غير دقيقة وحالات تضارب في صحة المعلومات الواردة في نصوص العقوبات، ما يثير من وجهة نظر الدراسة أسئلة عن آليات إدارة البيانات وتحديثها ومدى فجوة التنسيق بين الجهود الأميركية والأوروبية.

 

وقال الباحثان إن العقوبات تميل لاستهداف قمة جبل الجليد، والجزء الظاهر من النظام، تاركة بذلك الكتل الشبكية المترابطة محلياً ودولياً والتي برع النظام في نسجها لعقود بغرض تسيير أنشطته المارقة، حتى بعد الطرح الحاسم للعقوبات الثانوية عبر قانون "قيصر"، والذي سهّل استهداف أي شخص وكيان -بغض النظر عن جنسيته- ممن يملك تعاوناً ملحوظاً مع أي شخص أو كيان مدرج في قوائم العقوبات الأميركية المرتبطة بسوريا.

 

ووفق الدراسة، فإن نظام الأسد قارب العقوبات بشكل عقلاني، بحيث اتضح لدى النظام أن كلفة الحل السياسي المطلوبة كشرط لرفع العقوبات أفدح من كلفة العقوبات في ميزان الربح والخسارة.

 

وتأسيساً على مقاربة النظام، دعت الدراسة إلى تغيير حقيقي في آلية العقوبات الغربية حتى تؤتي ثمارها، مقدمة أربعة توصيات، وهي أولاً: إيقاف العمل بنوعين من أنواع العقوبات، الحظر الاقتصادي الواسع على الدولة السورية، والعقوبات المستهدفة للقطاعات وخصوصاً القطاع المالي والصرافة، لما لذلك من كلفة باهظة على المدنيين في الداخل والخارج، بحيث لا بد وأن يتم ذلك بعد عقد مساومة مع النظام تدفعه لتقديم مقابل مجزٍ جراء وقف العمل بهذين النوعين، كإطلاق سراح المعتقلين.

 

والتوصية الثانية تتلخص في توسيع استهداف الأفراد والكيانات المرتبطة بالنظام على مختلف المستويات التنفيذية، وليس فقط تلك الموجودة على قمة الهرم الإداري، من خلال زيادة استخدام تجميد الأصول وحظر السفر.

 

أما التوصية الثالثة، فترى الدراسة أنه يجب تطبيق سياسة متكاملة نحو سوريا تهدف لتقويم سلوك النظام، وتتبنى الترغيب والعقاب معاً بشكل أكبر، لأن "أداة" العقوبات لا ترقى لأن تكون فاعلةً لوحدها في تغيير سلوك النظام.

 

وأخيراً، نبهت الدراسة في توصيتها الأخيرة، إلى زيادة فعالية العقوبات عبر تبني منهج متعدد الأوجه، يستهدف الشبكات العميقة للنظام والمستترة، وتوظيف العقوبات الثانوية بأعلى نطاق، وتأسيس برنامج حوافز ومكافآت للمُبلغين عن الانتهاكات، والتعاون مع منظمات سورية لجمع الأدلة ورسم خرائط وشبكات السلطة.

 

وتعقيباً، يقول معد الدراسة كرم شعار ل"المدن"، إن التأثير الأكبر للعقوبات ظهر على القطاع المالي، مما أثر على كل السوريين دون استثناء، وخصوصاً أن العقوبات صعبت عملية إرسال الحوالات، وصحيح أن العقوبات حدت من نشاطات النظام الاقتصادية، إلا أنها أدت إلى رفض عدد من البنوك وشركات الصرافة المالية التعامل مع سوريا.

 

ويضيف شارحاً تأثير العقوبات على السوريين، أن العقوبات أدت كذلك إلى إغلاق عدد من البنوك لحسابات السوريين، تجنباً للإرهاق المرتبط بإثبات الالتزام بالعقوبات، وهو ما سُجل في ماليزيا على سبيل المثال، حيث أغلقت البنوك هناك آلاف الحسابات البنكية للسوريين.

 

وبسؤاله، هل استطاع النظام التأقلم والتعايش مع العقوبات المفروضة عليه؟ يقول شعار: "تعد إيران الداعم الأبرز للنظام، وإيران تمتلك خبرة غير مسبوقة بمجال التحايل على العقوبات، وهو ما أفاد النظام كثيراً".

 

ويضيف أن مدى تأقلم النظام مع العقوبات، مرتبط بالزمن مع مدى قدرة العقوبات اللاحقة على إغلاق القنوات التي فتحها النظام للتحايل على العقوبات السابقة، ويقول: "بعبارة أخرى في حال بقيت العقوبات ثابتة، ولم يتم فرض حزم جديدة منها على شخصيات جديدة، فإن مقدرة النظام على الالتفاف عليها ستكون أكبر، وهو ما شاهدناه في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن، حيث لم تُفرض عقوبات منذ تسلم إدارته إلا قبل أيام".