الأحد 2018/05/27

الجزيرة نت تحاور أول مسؤول سياسي لهيئة تحرير الشام

افتتحت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقا) مكتبا سياسيا يمثل رؤيتها، وذلك في طريق ما يسميه مناصروها بالاتجاه نحو "الاعتدال الأيديولوجي" بعد أن كانت موسومة بـ "الإرهاب والتطرف".

ويرى مراقبون أن هيئة تحرير الشام بدأت تتعامل بعقلية "الحركات المفتوحة" على عكس الحركات السلفية الجهادية السابقة، ويتمثل ذلك في الهيئة من خلال افتتاحها لمكتب سياسي يدير شؤونه الدكتور يوسف الهجر.

الجزيرة نت التقت الهجر وأجرت معه الحوار التالي:

 _بما أنكم تديرون الشؤون السياسية لهيئة تحرير الشام حاليا، نستذكر بداية ما أعلنه المبعوث الروسي لمؤتمر أستانا ألكسندر لافرينتيف أن العمليات العسكرية في سوريا شارفت على الانتهاء وذلك بعد التزام تركيا بمنع حدوث مواجهات عسكرية بين النظام وفصائل المعارضة في إدلب، وإنهاء وجود هيئة تحرير الشام شمال وجنوب ، كيف تنظرون إلى هذا التصريح؟

قبل أن نحلل الكلام يجب أن نعرف المصدر، فهذا المبعوث يمثل دولة الاحتلال الروسي التي قتلت من الشعب السوري الآلاف وهجرت الملايين، والتي تعمل للحفاظ على نظام بشار الأسد بالقصف والتدمير.

وبالتالي فإن دولة الاحتلال منذ تدخلها العسكري نهاية 2015 وهي تقاتل وتحارب كافة أبناء الشعب السوري من المدنيين والعسكريين ومشهد الكيماوي في الغوطة مؤخرا لا يزال يطرق الأذهان.

ثم إن خيار إسقاط النظام كان خيارا شعبيا صرفا منذ بدايته، وهو مطلب حق سندافع عنه ونقاتل حتى تحقيقه بإذن الله، فالثورة ماضية طالما هناك أسير خلف القضبان ومشرد خلف البحار وآخر يسكن الخيام.

ولن تستطيع أي قوة دولية أو إقليمية منع العمل على إسقاط  الأسد ونظام حكمه بكل الوسائل الممكنة وهذا من أولى أولوياتنا، ولن يقدر أحد أن يثني ثائرا حرا حمل سلاحه للدفاع عن قضيته للحيلولة دون تحقيق هدفه نصرا مؤزرا أو استشهادا مشرفا.

 _دار حديث وجدل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي حول موضوع حل هيئة تحرير الشام نفسها واندماجها مع كيانات أخرى؟

ننفي ما تم تناقله مؤخرا حول وجود جولات اندماجية أو جبهوية بين الهيئة مع أي من الفصائل السورية المقاتلة في هذه المرحلة، وأن الأمور التي تخص البنية التنظيمية لهيئة تحرير الشام غير خاضعة للتفاوض أو المساومة خارج البيت الداخلي للهيئة وضمن الثوابت والمبادئ التي قامت عليها، مع استمرار حرصنا وإصرارنا على تحقيق مصلحة شعبنا الثائر بما يصون جهادهم وثورتهم الشريفة.

وإننا في هيئة تحرير الشام حرصنا كل الحرص و في كل المحطات البارزة للثورة السورية إلى المسارعة لتحقيق الدعوات الشعبية المطالبة بإنهاء الفوضى الثورية التي يعيشها الشمال السوري المحرر وتوحيد الصف الثوري لحمايته من التعرض للضغوط الدولية والإقليمية والتجاذبات التي ستنال من قوة الثورة وتوازنها الداخلي وهذا يستوجب منا تحمل مسؤولياتنا أفضل من أي وقت مضى.

_ماذا دار بينكم وبين الجانب التركي وعلى ماذا اتفقتم أو تفاوضتم؟

إن العلاقة مع الجانب التركي متوازنة ومستمرة بما يحقق الاستقرار والأمن في الشمال السوري المحرر، وإن الروابط التاريخية المشتركة بين الشعبين المسلمين التركي والسوري لها امتداد عميق بعمق التاريخ نفسه.

وإن أبرز تجليات تلك الروابط ما حصل خلال سنين الثورة السورية حيث شكلت تركيا عمقا حقيقيا للثورة السورية رغم تبدل مواقفها السياسية، ناهيك عن احتضانها لملايين اللاجئين السوريين وصون كرامتهم.

_ ما مواقفكم من نقاط المراقبة التي أنشئتها تركيا أخيرا داخل سوريا؟

موقفنا من نقاط المراقبة يطابق موقف الثورة السورية منها لتحقيق مصالح عليا، فنحن من ساهم بإدخالها وتثبيتها، وقد أفشلنا أصحاب الثورة المضادة الذين أرادوا أن يحصل اصطدام بين الثورة وحليفتها حين وضعوا الجانب التركي أمام اتفاق دولي يفضي لوضعهم نقاط مراقبة.

وكون الهيئة الفصيل الأكبر في الساحة السورية كان عليها أن تكون هي المعنية بالأمر، فبعد المشاورات بين أصحاب الرأي والحكمة، اتخذنا هذا القرار، واستطعنا الحفاظ على خيارنا الثوري إضافة إلى تقوية الحليف التركي.

ولن تكون هذه النقاط عائقا أمام استمرار تحقيق أهدافنا بإسقاط الأسد ونظامه ، وما زال السلاح هو حائط الصد المنيع والركن الشديد للحيلولة دون تمكن النظام وحلفائه روسيا وإيران من إعادة فرض سيطرة الأسد عسكريا وإعادة إنتاجه سياسيا.

_ هل بالفعل انتهت المواجهات العسكرية مع النظام؟ وهل أنتم ملتزمون بمخرجات مؤتمر أستانا حول مناطق خفض التصعيد؟

لم تكن الهيئة طرفا أو جزءا مشاركا بأي تفاهمات دولية وإنما كان خيارها واضحا صريحا حيال المنصات السياسية ومخرجاتها كأستانا وسوتشي، التي تهدف إلى تصفية الثورة السورية وإعطاء دولتي الاحتلال الروسية والإيرانية الحق بالتهجير القسري لخلق مناطق متجانسة منزوعة من سلاح الثورة، بل من الثورة نفسها وفكرها ومبادئها بموجب رعاية المجتمع الدولي.

وهذه هي حقيقة اتفاق أستانا الذي غاب تفسير بنوده تماما عن عقول شخصيات قوى المعارضة السياسية، وطالما أن هناك رجالا وشبابا يحملون أفكار وقيم ومبادئ وأهداف الثورة فلن تتوقف مسيرة الجهاد والكفاح حتى يتحقق المأمول ويتنزل النصر الإلهي الموعود لقضيتنا العادلة.

_ما مصير هيئة تحرير الشام بعد التفاهمات الدولية الأخيرة؟ وما رؤيتكم لتجنيب شمال سوريا مصيرا كارثيا مشابها لمصير الرقة؟

بعد الانحياز الجغرافي للثورة السورية وتهجير شعب الثورة قسريا وحصر ثقلها السياسي والعسكري في إدلب فهذا يستلزم منا وضع خطة شاملة لإنقاذ الحواضن الثورية ولحماية شعب الثورة الأصيل لبناء قدراته وإعادة تأهيله وتحقيق العيش الكريم والتخفيف من معاناته وتضميد جراحاته النازفة والحفاظ على كرامته وحريته والمساهمة في تحقيق أهداف ثورته وذلك بتمسكه وثباته وإيمانه الحتمي بانتصار الثورة ومبادئها.

ونحن مصرون على رفض نقل الصراع الدولي والإقليمي إلى الداخل السوري وجعله ميدانا للأحداث وتصفية للحسابات المصلحية المفضية لتقسيم سوريا لمناطق نفوذ وسيطرة بعيدا عن مصالح وطموحات الشعب السوري الثائر والحيلولة دون تحقيق أهداف أعظم ثورة شعبية على مر الزمن.

وإننا في هيئة تحرير الشام كجزء أصيل من الثورة السورية نقول بمنتهى الوضوح لن نسمح بتكرار سيناريو الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي في الشمال السوري المحرر وسنبذل دون ذلك الدماء والأرواح.

وسنسعى لتحقيق المصالح العليا للثورة السورية وهي بمثابة الأمن القومي لها، متجسدة بالحفاظ على أمن وسلامة شعب الثورة صاحب القيم الأصيلة والمبادئ السامية في معركتيه الأساسيتين: معركة التحرير من كل صور الاحتلالات الداخلية والخارجية، ومعركة البناء والتشييد للنهوض بتجربة حضارية راقية تمثل الثورة السورية خير تمثيل.

وذلك بتوحد قرارها السياسي والعسكري وإدارة المناطق المحررة بما يحقق طموحات الثائرين ويتناسب مع تضحياتهم العظيمة.