الأثنين 2019/07/15

الأسد أو نحرق البلد.. كيف دمرت شهوة عائلة واحدة للسلطة سوريا؟

في تعليقها على كتاب "الأسد أو نحرق البلد.. كيف دمّرت شهوة عائلة واحدة للسلطة سوريا"؟ قالت صحيفة الغارديان إن هذا الكتاب يقدم رواية مقنعة من الداخل عن الطموح المميت للأسد، خاصة أن كاتبه "سام داغر" كان الصحفي الوحيد في دمشق مع بداية الأحداث بين 2012 و2014.

وفي عرضه للكتاب قال "إيان بلاك" إن رواية "سام داغر" الكئيبة والمفصلة بشكل مثير للإعجاب عن تدمير سوريا، ترتكز على عاملين وثيقي الصلة فيما بينهما، وهما وجوده مع بداية الأزمة ثم دقة مصادره، خاصة ما قدمه له الجنرال السوري المنشق مناف طلاس وآخرون من رؤى عن بشار الأسد ودائرته الداخلية، وكذلك عن نشطاء المعارضة البارزين.

وأوضح الكاتب أن طلاس الذي انشق عن نظام الأسد في صيف 2012، كان أحد جنرالات الحرس الجمهوري النخبة في سوريا وأحد المقربين من بشار الأسد، وأنه لم يكن مجرد لاعب يشارك الأسد لعبة التنس، بل كان صديقه الحميم والمقرب بالفعل.

وقد انشق طلاس -كما يقول الكتاب- عندما شعر بالقلق من القمع الوحشي الذي قام به الأسد منذ اندلاع الاحتجاجات في مدينة درعا في مارس 2011، بعدما قام شباب -تحت تأثير التغييرات التي حدثت في تونس ومصر وليبيا- مطالبين بالكرامة والحرية والإطاحة بنظامهم القمعي، وبدا حينها أن سوريا كانت متجهة منذ البداية إلى وجهة مختلفة وقصة أكثر دموية، حسب الكاتب.

النعل فوق الرؤوس

ونبه "بلاك" إلى عنوان الكتاب، الذي هو في الحقيقة شعار تهديدي لأنصار الأسد، وكذلك إلى العنوان الفرعي "كيف دمرت شهوة عائلة واحدة للسلطة سوريا؟"، كما ذكّر بما نقل عن الأسد من قوله قبل بدء الاضطرابات وبعدها من أنه "لا توجد وسيلة لحكم مجتمعنا إلا بالنعال فوق رؤوس الناس".

وأوضح "داغر" أن رد فعل الأسد على أطفال درعا، كان بناء على نصيحة شقيقه الأصغر ماهر وابن عمه حافظ مخلوف، بمضاعفة القمع وبإطلاق سراح المئات من الإسلاميين الذين تم تشجيعهم في السابق على محاربة الاحتلال الأميركي في العراق بعد سقوط صدام حسين، لكنهم سجنوا عندما عادوا إلى ديارهم.

وكانت النتيجة -كما يصورها داغر- أن شعار "سلمية" الذي حملته الثورة السورية منذ البداية قد تلاشى تحت ضجيج الهجمات بالقنابل والتفجيرات الانتحارية الجهادية التي قال الكاتب إن بعضها مزيف من قِبَل النظام.

وفي الأيام الأولى من الثورة -كما يقول الكاتب- كان هناك جدل في العواصم الغربية حول كيفية رد فعل الأسد، خاصة أن صعوده إلى السلطة عام 2000 رافقه "ربيع في دمشق" قصير العمر، كما رافقه الحديث عن إصلاح فيما يتعلق خصوصا بالتحرير الاقتصادي، ولكن كل ذلك لم يشمل "حاجز الخوف" الذي تحافظ عليه فروع مختلفة من شرطة المخابرات السرية في كل مكان.

وقال الكتاب إن أصل زوجة الأسد الناطقة بالإنجليزية أسماء كان لا يقدر بثمن، حتى عندما كانت سوريا في مأزق بسبب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، فقد شكلت مصدر دعاية وفي عام 2008، تم تكريم الزوجين من قبل الرئيس الفرنسي وقتها نيكولا ساركوزي، وفي العام التالي استضافا أنجلينا جولي وبراد بيت في دمشق.

ورأى الكاتب أن الردود الدولية والإقليمية تعد جزءا مهما من هذه القصة القاتمة والمستمرة، إذ دعا الرئيس الأميركي وقتها باراك أوباما في أغسطس/آب 2011 الأسد إلى التنحي، وتلته في ذلك بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى.

وبحلول نهاية ذلك العام، كان عدد القتلى في سوريا قد تجاوز خمسة آلاف، وقد بلغت احتمالات التدخل الغربي، ذروتها عندما وصل طلاس إلى باريس بمساعدة عملاء المخابرات الفرنسية.

الحرب من أجل البقاء

غير أن الصورة الكبيرة -حسب الكاتب- هي أن ردود الفعل الغربية المترددة قابلها عزم إستراتيجي من قبل إيران، لدعم كل من الأسد وحزب الله اللبناني، وتدخل من روسيا التي أغضبها دور الناتو في الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي، في حين أن الدعم الإقليمي غير المنسق لجماعات المعارضة السورية من قبل السعودية وقطر وتركيا المتنافسة على النفوذ، ساعد في تغيير المشهد العسكري والرواية الرسمية.

وهكذا -يقول الكاتب- تحول ما رآه داغر صراعا متحركا من أجل الحرية، إلى حرب على الإرهاب، وذلك كما كتب داغر "ما يتماشى مع تقليد النظام الراسخ المتمثل في رعاية الوحش ومن ثم تقديم نفسه للغرب باعتباره الوحيد القادر على ذبحه، ومن ثم يطرح شروطه المسبقة".

وبنقله رواية مناف طلاس (سني خدم النظام مثل والده الذي حضر مجزرة حماة 1982) التي لا تخلو من تبرير لأمور شخصية، لا يكتفي داغر (مراسل صحيفة وول ستريت جورنال) بتقديم رواية تربط بين التطورات بطريقة يمكن فهمها من قبل جمهور غير خبير، بل ينثر قصصا يؤكد كثير منها على قسوة نظام كان يقتل الشعب من أجل البقاء.

وقد أوضح المؤلف أن مقتل الصحفية ماري كولفين وزميلها الفرنسي في حمص كان "له ما يبرره" بالنسبة للنظام كما أخبره جنرال سوري، كما أظهر دون أدنى شك أن الأسد هو من رتّب لقتل صهره "آصف شوكت" وغيره من كبار الشخصيات الأمنية، فيما وصفته وسائل الإعلام الرسمية بأنه "هجوم إرهابي".

ونقل داغر عن "مطلعين من داخل النظام" قولهم إن الأسد أمر قادة الجيش بالتخلي عن نقاط على الحدود العراقية مع ظهور تنظيم الدولة.

وكشف أن طلاس مدعوما من حكومة المملكة المتحدة، نصح المراقبين -للبرنامج السوري السري- من وكالة المخابرات الأميركية بتغطية اجتماعاته مع منشقين محتملين آخرين.

وقد خصّص داغر مساحة كبيرة لمرويات "مازن درويش"، المحامي العلوي وناشط حقوق الإنسان الذي تعرض للتعذيب في سجن صيدنايا السيئ السمعة، وكذلك للشابة الدرعاوية "سالي مسالمة"، وقد فر كل منهما إلى ألمانيا.

وفي نهاية كتابه، خلص داغر إلى أن موافقة أوباما على استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية، الذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 1400 شخص بالغوطة في أغسطس/آب 2013، كان نقطة تحول حاسمة، وقال إنه "لا يوجد حدث واحد في تاريخ الصراع السوري ساعد المتطرفين الإسلاميين في تبرير إرهابهم ورسالة الكراهية أكثر من الهجوم، والطريقة التي تعامل بها المجتمع الدولي مع آثاره".

أما اللحظة الحاسمة الأخرى فتمثلت في التدخل العسكري الروسي في سبتمبر/أيلول 2015، ومنذ ذلك الحين، استعاد الأسد السيطرة على معظم أنحاء البلاد باستثناء محافظة إدلب، حيث يجري الآن النظر إلى ما يبدو أنه الفعل الأخير في مأساة سوريا.

وختم الكاتب عرضه بأن النظام في الأشهر الأخيرة، نشر شهادات وفاة الأشخاص الذين اختفوا وتعرضوا للقتل، مُلقياً اللوم على النوبات القلبية أو السكتات الدماغية، في حين بدأ بإعادة بناء تماثيل حافظ الأسد التي دمرت منذ عام 2011 في درعا وفي أماكن أخرى، ما يؤكد أن العنوان الفرعي للكتاب يبدو موضوعيا، وفقا للكاتب.