الأحد 2019/04/28

الأردن.. “الدعم النفسي” يكسر الحواجز لدمج الأطفال السوريين بالمجتمع

أطفال اللاجئين السوريين في الأردن، هم الأكثر تأثرًا بما تشهده بلادهم؛ لا سيما وأنهم يحتاجون لدعم نفسي يخفف من وطأة الألم الذي يعيشونه وينسيهم حالة نفسية صعبة مروا ولا يزالون يمرون بها.

ويُشكّل الأطفال النسبة الأكبر من أعداد اللاجئين السوريين في المملكة، إذ تبلغ لمن هم دون السابعة عشر 47.8 بالمائة، بعدد إجمالي 364 ألف و732 لاجئًا من أصل 762 ألف و420، مدرجين في سجلات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

وشمال الأردن هي أكثر مناطق المملكة التي يتواجد بها اللاجئون السوريون، الذين فروا من ويلات الحرب المستعرة في بلادهم؛ بحكم قربها الجغرافي.

سعى أهالي الأردن لمحاولة إدماج السوريين في مجتمعاتهم، من خلال تعايش بيني فرضته طول الأوضاع في جارتهم الشمالية سوريا.

ورغم كل ذلك، لا يزال السوريون وخاصة الأطفال منهم، ينقصهم الدعم النفسي، الذي يؤهلهم للاندماج في أماكن لجوئهم.

ركزت الجمعيات الخيرية في الأردن، بالتنسيق مع المنظمات الدولية العاملة في مجال دعم السوريين على الجانب الإغاثي، مقدمة إياه على النفسي، ولكن بعد مرور سنوات طويلة على الأوضاع السورية، بات بعضها يميل باتجاهه؛ لصعوبة الحالات النفسية التي يمر بها الأطفال السوريون من اللاجئين.

في مدينة "الشجرة" التابعة للواء الرمثا (تقسم إداري يتبع محافظة إربد)، بأقصى شمال الأردن، اختارت جمعية "الأماكن الصديقة" (غير ربحية تأسست 2017)، أن تساعد الأطفال السوريين على الاندماج بالمجتمع المحلي، من خلال برامج خاصة تنفذها بالتنسيق مع منظمة "يوهانتير" الألمانية (منظمة إنسانية تطوعية مقرها برلين).

وخلال جولة ميدانية، اطلعت وكالة الأناضول على مرافق المنظمة الأردنية والخدمات التي تقدمها في مجال الدعم النفسي للأطفال السوريين.

أنشأت المنظمة الأردنية رياضًا للأطفال، جمعت فيه الأردنيين والسوريين معًا، في محاولة لكسر الحاجز النفسي لدى السوريين، وإدماجهم بالمجتمعات الأردنية، بعيدًا عن حالة القلق، و"فوبيا" الغربة التي يعيشونها بعيدًا عن موطنهم.

وقال مدير المنظمة، على جيت، للأناضول: "أدركنا أن حاجة السوريين تتعدى الملبس والمأكل والمسكن، وأن حاجتهم للدعم النفسي تفوق ذلك، وقد استطعنا بحمد الله العمل على تغيير حالتهم النفسية وزيادة تفهمهم للواقع".

وأضاف: "مشروعنا الذي عملنا به كان مع منظمة يوهانتير الألمانية، ونطمح لعقد شراكات جديد في هذا المجال، خاصة مع دولة تركيا الشقيقة، التي عُرفت بجهدها العظيم في الأوضاع  السورية، فهي تستضيف ما يزيد عن 3 مليون لاجئ سوري".

وأوضحت مديرة رياض الأطفال، التابع للمنظمة الأردنية، واسمها أم محمد أن "الروضة تضم مائة طفل أردني وسوري، وتخدم حالات صعوبات التعلم فئة 4 و5 سنوات، يتم اختيارهم بناءً على معايير من الأطفال الأكثر حاجة، ممن فقد والديه ويعاني من حالة نفسية صعبة".

وتابعت: "لدينا أكثر من حالة تحتاج لدعم نفسي، ولمساعدتهم على التعايش مع الواقع الجديد".

"أم وئام"، لاجئة سورية التقتها الأناضول، قالت إن "أولادي الثلاثة وأولاد أختي يتعلمون هنا في المركز، كانوا يعانون من حالة نفسية سيئة، ولا يرغبون في التعليم، لكنهم بعد أن التحقوا بالمركز هنا، تغيرت نفسيتهم بشكل كلي وبدأوا يتلقنون تعليمهم على أكمل وجه وبشكل مجاني".

أما اللاجئة السورية سلطانة محمد "أم آلاء"، فقالت للأناضول، إن ابنتها الملتحقة ببرنامج الدعم النفسي في المنظمة تحسنت بشكل كبير، لافتة إلى أنها "كانت تعاني من صعوبات في التعلّم، والخوف المستمر، وقد تجاوزت ذلك بحمد الله وبدأت تتعلم كل شيء".

وتابعت أم آلاء: "لا أدفع شيئًا، التعليم مجاني، وما يتلقاه الطالب الأردني من تعليم لا يختلف عما يعلمونه لابنتي".

من جهته، قال محمد الحواري، المتحدث باسم مفوضية شؤون اللاجئين بالأردن، خلال حديثه للأناضول، إن "تحسين العامل النفسي للأطفال السوريين شيء مهم جدًا؛ لا سيما وأنهم مروا بظروف عصيبة في رحلة اللجوء".

وأضاف: "لا تختلف أهمية العمل على الدعم النفسي عن الجانب الإغاثي، الجانبان متلازمان، لا يمكن الفصل بينهما".

وأوضح أن "المفوضية لها دور كبير في هذا المجال، وهي تدعم وتشجع مشروعات الدعم النفسي، وتخصص جانبًا كبيرًا من عملها لتعزيزه".

وشدد المسؤول الأممي على أن "الأطفال يشكلون النسبة الأكبر من أعداد اللاجئين السوريين في الأردن، وهم الفئة الأكثر تأثرًا، ويجب حماية هذه الاجيال من الضياع".

ويرتبط الأردن مع جارته الشمالية سوريا بحدود طولها 375 كلم، ما جعل المملكة من بين الدول الأكثر استقبالًا للسوريين، بعدد بلغ 1.3 مليونًا، نصفهم يحملون صفة لاجئ.