الخميس 2015/08/27

مع اقتراب العودة المدرسية في الكاميرون.. حقائب التلاميذ تبحث عمن يصنعها

يقبل طلاّب المدارس في الكاميرون على شراء الحقائب المعدنية مع اقتراب العودة المدرسية المقررة في السابع من سبتمبر/ أيلول المقبل، غير أنهم باتوا يجدون صعوبة في العثور عليها حيث بدأت صناعة هذه الحقائب في الانحسار تدريجيا جرّاء الصعوبات التي يلاقيها الناشطون فيها.

 

 

بيد حازمة، يمسك جون ماري سيوي صفيحة معدنية، ثم يقوم بتخليصها من جملة الشوائب التي قد تعبث بلمعان أطرافها، قبل أن يشرع في بريها. وبطريقة خبر أسرارها على مرّ السنين، يقوم الحرفيّ الكاميروني بتطويع القطع المعدنية، ثم ينكبّ على تشكيلها وصقلها وإزالة الفوائض، لمدة تتراوح من 3 إلى 4 ساعات، قبل أن تتشكّل معالم حقيبة معدنية فريدة من نوعها، تنضاف إلى مثيلاتها المصطفات على الرفوف، في انتظار حلول العودة المدرسية.

 

 

"الكانتين".. هكذا يسمونها في الكاميرون، وهي عبارة عن حقيبة مدرسية معدنية يستخدمها الطلاّب المقيمون في المعاهد (بالسكن الذي توفّره هذه المؤسسات التربوية للطلاب المقيمين بعيدا)، ومثل هذه الحقائب تجد –لصلابتها- رواجا كبيرا في صفوف الطلاّب. أما الأولياء فيحبّذونها لميزاتها المتعدّدة، فهي، وخلافا لنظيرتها الجلدية، أو حتى تلك المصنوعة من القماش "تحفظ جيّدا الأدوات والكتب المدرسية سواء من السرقة، بما أنّها حين تغلق بالمفتاح، فإنّ لا يمكن بأيّ حال فتحها والاستيلاء على محتوياتها، أو لمزاياها فيما يتعلّق بحماية الكتب من التلف جراء الأمطار، لأنها مصنوعة من المعدن الذي يمنع تسرّب المياه"، بحسب سيوي العامل في مجال صناعة الحقائب المعدنية منذ 1972.

 

 

وتعرض "الكانتين" للبيع بسعر يتراوح من 12 ألف فرنك افريقي (21.80 دولار) إلى 25 ألف فرنك افريقي ( 45.45 دولار)، وفقا لحجمها. أسعار تؤمّن للناشطين في القطاع إيرادات مرضية، ومع ذلك، يمضي القطاع تدريجيا نحو الإندثار. سيوي قال للأناضول، متحدّثا بهذا الشأن: "تجاوزت الـ 65 من عمري، ويخامرني شعور بأنّني حين أتوقّف عن القيام بهذا العمل، فإنّ لا أحد سيتسلّم المشعل عنّي".

 

 

إحساس تدعمه حيثيات الواقع.. ففي شوارع العاصمة الكاميرونية ياوندي، بدا جميع الحرفييين مسنّين، وغاب الشباب عن محلات صناعة الحقائب المعدنية، رغم الطلب المتنامي عليها، حتى أنّ الكثير من الأولياء يضطرّون، في الكثير من الأحيان، إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى حرفي وابتياع حقيبة معدنية.

 

 

سيوي عاد ليقول بأسف ترجمته نظراته: "تمكّنت من تشييد منزل، ودفع تكاليف دراسة أبنائي، ولكم تمنّيت أن يأخذ عنّي أحدهم المشعل، ويدخل تحسينات أو بعض اللمسات الحديثة على طريقة صنع الحقائب المعدنية، غير أنّ لا واحد منهم قبل بمزاولة هذه المهنة".

 

 

أما بالنسبة لعدد من الشباب ممّن إلتقتهم الأناضول، فإنّ هذه المهنة لا تستقطب اهتمام أي واحد منهم.. "إنها مهنة شاقة مقارنة بإيراداتها".. هكذا أجمعوا في تصريحات متفرّقة، لافتين إلى أنّ عهد الصناعات اليدوية "ولّى واندثر".

 

 

موت سريري يشهده القطاع، ومع ذلك، لازالت الحقائب المعدنية تلقى الإقبال ذاته من قبل الكاميرونين، لاسيما في مثل هذا الوقت من كل عام. تراجع في العرض لم ينجح في تقليص الطلب، وفي إقصاء هذه الصناعة اليدوية من الإستخدام اليومي للطلاّب على اختلاف انتماءاتهم الاجتماعية.