الخميس 2018/06/07

خواطر رمضانية…النص والواقع

الواقع هو مجموع الحقائق الصلبة التي يمكن التثبت منها ودراستها.

والاعتراف بالواقع الذي تشهد له الدراسات هو أساس لاستنتاج الحلول الممكنة لإشكالياته ربما ذلك قدْر يتفق معه أكثر الناس.

والاعتراف بالواقع قد يقود للاستسلام له أو يقود إلى تحديه والعمل على تغييره.

والتقدم البشري ابن السلوك الأخير فهو اعتراف وفهم عميق يتبعه أخذ بالأسباب التي وعبر الزمن تقود للتغلب على تلك التحديات التي يطرحها الواقع وبالتالي يتقدم طالب التغير نحو أهدافه .

ولكن بعض الفهم ينشأ عنه انفصال عن الواقع واستحقار لأثره في سير الأحداث وبالتالي يتم إهمال كل العلوم المتصلة بهذا الواقع والتي تعطيه المعنى والدلالة أو تكيف نتائج هذه العلوم لتستجيب لمقررات مسبقة عليها فتصبح دراسة الواقع ليس لكشف أثره ولكن لدعم المقولات المسبقة عليه وهنا مربط الفرس وسأضرب له مثالا قريباً.

هو النموذج الماركسي الإيديولوجي فلقد صاغ ماركس نظرية عن حركة التاريخ وعن المجتمع الأمثل وفِي التطبيق كانت الأدلة تتراكم على فشل النموذج ولكن المؤمنين به لم يراجعوا النموذج الذي يظهر فشله كل يوم بل شرعوا في نقد النموذج الرأسمالي وعيوبه فما نص عليه ماركس لا يسري عليه الخطأ ورغم أن الدراسات الانسانية عند السوفييت لم تتوقف ولكن وظيفتها لم تكن كشف الواقع بل تزويره لصالح النظرية فماذا حدث ؟

استمر الواقع يفعل فعله بغض النظر عن اعتراف القوم به أو إنكارهم له إلى أن انهيار البناء كاملاً ...اذا كانت النظرية أداة تفسير وتوقعاتها كاشفة للحاضر والمستقبل فالواقع هو ميدان اختبارها وبمراقبته ينكشف صوابها من خطأها.

والعالم الإسلامي ضعيف في فقه الواقع بشكل مزري واعترافه وتعامله مع الواقع لم تتم عقلنته بعد فكم سندفع من أثمان حتى يكتسب الواقع وفهمه دورهما في صناعة الرؤية والقرار...هذا مرهون بعد عون الله بوعي الشباب بحقائق الواقع التي لا يغيرها التنكر له فهو سيفعل فعله بسبب حضور عالم الأسباب والاعتراف به أولاً والبدء من حقائق هذا العالم هو اسلم الطرق لتحقيق التقدم فيه.


الشيخ جاسم السلطان