الأحد 2022/01/30

معهد أميركي: لهذا تحبّهم إسرائيل.. حرب حكام العرب على الربيع العربي

نشر موقع "ريسبونسيبل ستيتكرافت" (Responsible Statecraft) الذي يديره معهد كوينسي ستيتكرافت للأبحاث بواشنطن، مقالا يؤكد أن من مصلحة إسرائيل الإستراتيجية الإبقاء على الدول العربية ترزح تحت الأنظمة الاستبدادية.

وقال كاتب المقال جوناثان هوفمان إن تل أبيب كانت حاذقة في إبقاء جوارها غير ديمقراطي، وتوازن القوى لصالحها، مضيفا أن علاقات إسرائيل المزدهرة مع مختلف الأنظمة العربية الاستبدادية يمثل أحد أهم التطورات في الشرق الأوسط الحديث.

ويقول هوفمان إنه على الرغم من أن هذه الروابط الرفيعة المستوى قد توسعت بشكل كبير لأكثر من عقدين من الزمن، فإنها تطورت إلى حد كبير من التعاون وراء الكواليس إلى أشكال أكثر وضوحا من التنسيق -ولا سيما بعد الانتفاضات العربية عام 2011- والتي بلغت ذروتها في عام 2020 بـ"اتفاقات أبراهام".

وأضاف أن هناك عنصرا معياريا قويا متجذرا في روح الثورة المضادة المشتركة بين إسرائيل ودول الاستبداد العربية التي تنظر إلى الديمقراطية -في أي مكان في المنطقة- أنها لعنة على بقائها على قيد الحياة.

فهم النطاق الكامل للعلاقات بالمنطقة

ففي الفترة منذ الانتفاضات العربية، انخرطت إسرائيل جنبا إلى جنب مع شركائها الإقليميين في حملة متطورة للثورة المضادة، لا تهدف فقط إلى الحفاظ على توازن القوى الإقليمي السائد، بل أيضا لمنع ظهور نموذج ديمقراطي شعبي في الشرق الأوسط. وفهم هذه الرغبة المشتركة لكل من تل أبيب والأنظمة العربية المختلفة في الحفاظ على الوضع الاستبدادي الإقليمي الراهن، أمر بالغ الأهمية لفهم النطاق الكامل لهذه العلاقات.

وأوضح الكاتب أن إسرائيل تقدّم نفسها ملاذا للديمقراطية داخل "جوار صعب" من الاستبداد والعنف المتأصل والتخلف. وعلى سبيل المثال، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول ديفيد بن غوريون ذات مرة "نحن (إسرائيل) نعيش في القرن العشرين، وهم (العرب) في القرن الخامس عشر"، وشدد على أن إسرائيل تمثل "مجتمعا حديثا وسط عالم من القرون الوسطى". وكذلك ردد وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك رسالة مماثلة، واصفا إسرائيل في علاقتها بجيرانها العرب بأنها "فيلا في غابة" و"قلعة في الصحراء".

تسويق إسرائيل المحاصرة بمحيط متخلف

وقال هوفمان إن مثل هذه النظرة للعالم -كما جادل المؤرخ الإسرائيلي آفي شلايم- "تُرجمت إلى مفهوم جيوستراتيجي"، حيث تكون الدولة الصهيونية "محاصرة بشكل دائم في تحالف مع الغرب ضد الشرق "المتخلف".

كل هذا على الرغم من حقيقة أن مكانة إسرائيل كدولة ديمقراطية موضع نقاش كبير، مع وصف العديد من منظمات حقوق الإنسان البارزة الدولة اليهودية والأراضي الفلسطينية التي تسيطر عليها بأنها نظام فصل عنصري.

ومضى الكاتب يقول إن إسرائيل تخشى أن تكون الحكومات الشعبية في المنطقة والمسؤولة أمام شعوبها أكثر مطالبة في النضال من أجل الحقوق الفلسطينية والتسوية الحقيقية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إذ إن الرأي العام العربي ظل مؤيدا بحزم لمحنة الفلسطينيين.

وعلى الرغم من أن انتفاضات عام 2011 كانت مدفوعة بمطالبات العدالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تركزت بشكل أساسي على المستوى المحلي، فإن رمزية فلسطين كانت تظهر في كثير من الأحيان خلال هذه المظاهرات.

وأضاف أن إسرائيل تستفيد من غياب الحكم الديمقراطي في المنطقة عند محاولتها حشد الدعم الخارجي. فمن خلال تصوير نفسها على أنها في موقف دفاعي باستمرار في "جوار صعب"، تستطيع تل أبيب إبراز صورة دائمة لمؤيديها الغربيين على أنها ضحية، وأنها منعزلة ومحاصرة، وأكثر الدول الإقليمية -ربما الوحيدة- الفاعلة القادرة على العمل مع الديمقراطيات الغربية.

وأشار الكاتب إلى أنه إذا تمكنت دول أخرى في الشرق الأوسط من ترسيخ نفسها باعتبارها ديمقراطيات فاعلة، فقد تثبت أنها تمثل شريكة جديدة جذابة للدول الغربية في المنطقة وتتنافس مع إسرائيل على دعمها.

الأجندات المضادة للثورة

ويرى الكاتب أنه في هذا السياق، فسرت إسرائيل الانتفاضات العربية عام 2011 وما تلاها، ونمت علاقاتها مع الجهات الفاعلة الأخرى المضادة للثورة، لتشمل تعاونا دبلوماسيا واقتصاديا وعسكريا مكثفا، وتوفير تقنيات مراقبة متطورة، وجهودا منسقة بشكل متزايد للضغط على واشنطن لصالح أجندات الدول المضادة للثورة.

لذلك يقول هوفمان: يجب النظر إلى ما يسمى بـ"اتفاقيات أبراهام" على أنها استمرار لهذه الجهود، من خلال إنشاء تحالف أكثر رسمية من الفاعلين المناهضين للديمقراطية، بدعم من الولايات المتحدة، حيث تسعى واشنطن إلى التحول نحو المحيطين الهندي والهادي.

حفتر والبرهان

وفي الآونة الأخيرة، عملت إسرائيل على تنمية علاقاتها مع الحكام المستبدين، مثل أمير الحرب الليبي خليفة حفتر ونجله صدام حفتر، وكذلك الجنرال السوداني عبد الفتاح البرهان الذي استولى على السلطة من المدنيين في انقلاب العام الماضي.

وختم هوفمان مقاله بالقول إنه على الرغم من وعد حملة الرئيس الأميركي جو بايدن بجعل حقوق الإنسان مركزية في سياسته الخارجية، فقد استمر الدعم الأميركي للمستبدين العرب بلا هوادة تقريبا.