السبت 2021/06/12

“بن سلمان ونتانياهو وترامب”.. تفاصيل جديدة عن أحداث “الفتنة” في الأردن

كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تفاصيل جديدة عن الأحداث التي شهدها الديوان الملكي الأردني في أبريل الماضي، وأشارت إلى دور محتمل لولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في تلك الأحداث.

التفاصيل الجديدة وردت في مقال للكاتب ديفيد إغناتيوس، قال فيه إنه حصل عليها من مناقشات مع 10 مسؤولين حاليين أو سابقين لديهم معرفة مفصلة بالأحداث، وطلبوا عدم الكشف عن هويتهم خلال التحدث عن معلومات استخباراتية حساسة.

يقول الكاتب إن تقرير التحقيق الأردني حول القضية أطلعه عليه مسؤول سابق في مخابرات غربية، أشار إلى أن أفعال المتآمرين المزعومين "لا ترقى إلى حد الانقلاب بالمعنى القانوني والسياسي، لكنها كانت محاولة لتهديد استقرار الأردن وتحرض على الفتنة".

لم يتم توجيه الاتهام إلى الأمير حمزة بن الحسين، ويقول تقرير التحقيق إنه وعائلته "في منزلهم تحت رعاية أخيه الملك عبد الله".

يجادل التقرير بأن الأمير حمزة "لم يقبل قط" بإقالته عام 2004 من منصب ولي العهد وسعى إلى "تقديم نفسه كبديل" لأخيه غير الشقيق، الملك عبد الله.

ويتابع التقرير الأردني، وفقا للكاتب إغناتيوس، إن باسم عوض الله، المستشار المقرب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "كان يعمل على ترويج صفقة القرن وإضعاف موقف الأردن وموقف الملك من فلسطين والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس".

ويضيف الكاتب إن الأحداث في الأردن فاجأت المراقبين، الذين اشتبه بعضهم في أن الملك عبد الله كان يبالغ في ردة فعله على الأحداث داخل الأسرة الملكية.

ويتابع "لكن إعادة صياغة القصة بعناية، والتي تم جمعها من مصادر أميركية وبريطانية وسعودية وإسرائيلية وأردنية، تُظهر أن الضغط على الملك كان حقيقيا وكان يتزايد منذ أن بدأ ترامب في الدفع من أجل المضي بخطته للسلام في الشرق الاوسط مع حليفيه الرئيسيين بنيامين نتنياهو ومحمد بن سلمان".

على مدى السنوات الثلاث الماضية، شعر الملك عبد الله أن ترامب ونتنياهو ومحمد بن سلمان كانوا جميعا يحاولون إزاحته عن دوره كوصي على المسجد الأقصى، وفقا لشخص أميركي يعرف الملك جيدا.

ومع تزايد الضغط على العاهل الأردني في الداخل والخارج، بدأت أجهزته الأمنية في التحقيق في التهديدات المحتملة لنظامه.

يقول الكاتب إن الأدلة التي جمعوها لم يتم اختبارها بعد في المحاكم الأردنية أو المحافل الدولية وبالتالي فمن الصعب إصدار أحكام نهائية بشأنها.

ومع ذلك يشير الكاتب إلى أن التحركات السريعة التي اتخذتها الولايات المتحدة ودول غربية أخرى لاحتضان الملك عبد الله بعد ظهور تقارير عن "المؤامرة المزعومة" في أبريل الماضي تشير إلى أنهم أخذوا مخاوف الملك على محمل الجد.

بدأ التحقيق قبل عامين، بحسب تقرير التحقيق الأردني الذي اطلع عليه إغناتيوس، والذي جاء فيه: "في منتصف عام 2019، أشارت المخابرات إلى أن الشريف حسن بن زيد التقى بمسؤولين من سفارة أجنبية للاستفسار عن موقف بلادهم من دعم الأمير حمزة كبديل للملك".

استمر بعدها الشريف حسن في التواصل مع السفارة. ويقول المسؤول السابق في المخابرات الغربية إنه يعتقد أن السفارة المعنية ربما كانت تابعة للولايات المتحدة.

ويتابع التقرير الأردني: "خلال عام 2020 تواصل عدد من الشخصيات العشائرية مع الأجهزة الأمنية ولفتوا انتباههم إلى محاولات مساعدي الأمير حمزة للحصول على الدعم منهم ومن أفراد أسرهم".

ويشير التقرير إلى أنه بحلول أواخر عام 2020 "أشارت المعلومات الاستخبارية التي حصلت عليها الأجهزة الأمنية إلى تكثيف الاتصالات بين الأمير حمزة والشريف حسن وباسم عوض الله".

ويضيف أن "عوض الله اشتكى لضابط مخابرات أميركي سابق من إحباط الأمير بن سلمان، وقال له إن "المسجد الأقصى هو نقطة الخلاف بالنسبة لنا".

وأكمل عوض الله، بحسب المسؤول الأميركي السابق، أن "الملك عبد الله يستخدم المسجد الأقصى لتخويفنا والحفاظ على دوره في الشرق الأوسط".

وفي نقطة أخرى، يقول المسؤول السابق إن عوض الله قال إن "محمد بن سلمان مستاء لأنه لا يستطيع الحصول على صفقة (سلام مع إسرائيل)، وغير قادر على التعامل مع ردود أفعال الفلسطينيين إذا تمسك الملك بموقفه من القدس".

وزعم تقرير التحقيق الأردني أن وتيرة المؤامرة المزعومة تسارعت في عام 2021، مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية اعترضت رسائل واتساب بين المتآمرين الثلاثة المزعومين "شجعت الأمير حمزة على اتخاذ خطوة"، وأشارت أيضا إلى تورط أفراد وأطراف أخرى.

في إحدى الرسائل التي تم اعتراضها، أكد التقرير، أن عوض الله قال إن الاتصالات مع حمزة وزعماء القبائل تحظى بدعم "مديري"، وهو ما يعني على الأرجح محمد بن سلمان، كما يقول المسؤول الاستخباري السابق.

ويتهم التقرير عوض الله بـ "التآمر مع أجندات خارجية" والسعي لـ "إضعاف" دور الأردن كوصي على المواقع الدينية الإسلامية في القدس.

وفي الوقت الذي كان فيه الأردن يكافح جائحة كورونا، كثف الأمير حمزة من تواصله مع شيوخ القبائل والجماعات الأردنية الأخرى، وعقد أكثر من 30 اجتماعا من هذا القبيل في أوائل عام 2021، وفقا للتقرير الاستقصائي.

ويتابع "عندما اعتزم عوض الله فجأة مغادرة المملكة العربية السعودية لمدة أسبوع، في الرابع من أبريل، قررت السلطات الاردنية أن الوقت قد حان للتحرك.

وفقا لكاتب المقال فإن ممثلي المخابرات الإسرائيلية وأجهزة الأمن (الموساد والشين بيت) أرسلوا رسائل خاصة إلى العاهل الأردني، تنصلوا فيها من أي دور في المؤامرة المزعومة.

ووفقا لمسؤول استخباراتي أميركي سابق قرأ الرسائل، فإن هذا كان محاولة منهم للقول "نحن لم نقم بذلك، بل القضية جاءت من جهة أعلى منا" ويعني ذلك على الأرجح من نتنياهو.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أنه تعذر الوصول إلى الأمير حمزة والشريف حسن بن زيد وعوض الله للتعليق، كما لم تنجح الجهود المبذولة للاتصال بالمحامين الذين يتحدثون علنا نيابة عنهم.

وخلال محاولة موقع "الحرة" الحصول على تعليق رسمي سعودي، أحالنا مكتب ديوان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى "مكتب الرصد الإعلامي" في الديوان، لكن المكتب لم يرد على الاتصال أو رسائل البريد الإلكتروني.

في المقابل، قال الديوان الملكي الأردني لموقع "الحرة" إنه "ليس هناك تعليق رسمي من الديوان الملكي حول ما ورد في مقال واشنطن بوست".

وأحالنا الديوان إلى تصريحات أدلى بها العاهل الأردني الملك عبد الله، الثلاثاء الماضي، وقال فيها إن "هناك مؤامرة كانت تحاك لإضعاف الدولة الأردنية والقضية الفلسطينية، ولكن تمكنا من التصدي لها".

وجدد الملك عبد الله في تصريحاته تلك "التأكيد على دور الأردن المحوري في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، من منطلق الوصاية الهاشمية عليها".

وبشأن المعلومات التي أوردتها صحيفة "واشنطن بوست"، والمتعلقة بوجود دور خارجي في الأحداث التي شهدتها الأردن قال الديوان الملكي الأردني لموقع "الحرة": "لا تعليق".

ونفت السعودية بشدة في وقت سابق أي علاقة لها بالخلافات غير المسبوقة داخل العائلة المالكة في الأردن.

ويرفض مسؤولون سعوديون التكهنات التي أثيرت في بعض وسائل الإعلام الغربية حول وقوف المملكة وراء الخلاف العلني بين الملك وأخيه غير الشقيق الأمير حمزة.

وفي ابريل الماضي قال مصدر مقرب من قيادة السعودية لوكالة فرانس برس إن الرياض "ليست لديها أي مصلحة في زعزعة استقرار الأردن"، حليفها الإقليمي منذ فترة طويلة.

وبعد أحداث أبريل توجه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان على رأس وفد سعودي إلى عمان للتأكيد على وقوف بلاده إلى جانب الأردن في "مواجهة جميع التحديات".

ومطلع أبريل الماضي، أعلن نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، أن تحقيقات الأجهزة الأمنية أثبتت أن نشاطات وتحركات الأمير حمزة وأشخاص آخرين من الحلقة المحيطة به "تستهدف أمن الأردن واستقراره" في أزمة عرفت إعلاميا بـ "قضية الفتنة".

ومطلع هذا الشهر أعلن مصدر رسمي أردني، إحالة رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد الموقوفين الرئيسيين في قضية "زعزعة أمن واستقرار الأردن"، إلى نائب عام محكمة أمن الدولة.

وباسم عوض الله البالغ من العمر 57 عاما، سبق وأن شغل منصب رئيس الديوان الملكي في الأردن منذ 2007 وحتى 2008، لكن الشريف حسن بن زيد هو شخصية "غامضة" قالت وسائل إعلام محلية إنه مقيم في السعودية ويحمل جنسيتها بجانب جنسيته الأردنية، وذكرت تقارير أنه مقرب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وفي 28 أبريل الماضي، أفرجت النيابة العامة في أمن الدولة عن 16 موقوفا في هذه القضية بعد مناشدة عدد من الشخصيات من محافظات وعشائر عدة الملك عبد الله خلال لقاء معه "الصفح عن أبنائهم الذين انقادوا وراء هذه الفتنة".

واتهمت السلطات الأردنية في الرابع من أبريل ولي العهد السابق الأمير حمزة، 41 عاما، وأشخاصا آخرين بالضلوع في "مخططات آثمة" هدفها "زعزعة أمن الأردن واستقراره"، وأوقفت نحو 20 شخصا.

وسمّى الملك عبد الله الأمير حمزة وليا للعهد العام 1999 بناء على رغبة والده الراحل عندما كان نجله الأمير حسين في الخامسة، لكنه نحاه عن المنصب العام 2004 ليسمي عام 2009 نجله حسين وليا للعهد.

وأكد الملك عبد الله الثاني في السابع من أبريل عبر رسالة بثها التلفزيون الرسمي أن "الفتنة وئدت" وأن "الأمير حمزة مع عائلته في قصره وتحت رعايتي".

وقال الأمير حمزة في رسالة نشرها الديوان الملكي في الخامس من أبريل، "أضع نفسي بين يديّ جلالة الملك، مؤكدا أنني سأبقى على عهد الآباء والأجداد، وفيا لإرثهم، سائرا على دربهم، مخلصا لمسيرتهم ورسالتهم ولجلالة الملك".

ثم ظهر الملك مع شخصيات بينها الأمير حمزة في الحادي عشر من شهر أبريل في احتفال في الذكرى المئوية لتأسيس الاردن.