الثلاثاء 2021/12/14

كيف تناولت الصحافة “الإسرائيلية” قصف “معامل كيميائية” بسوريا

اهتمت الصحافة العبرية بالحديث عن الهجمات الإسرائيلية في سوريا، التي استهدفت تدمير معامل أسلحة كيميائية، منوهة إلى أن هذا السلاح السوري "شكل ردا استراتيجيا على تفوق إسرائيل" العسكري.

ونقلا عن مصادر استخبارية، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الاثنين، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف في 8 حزيران/ يونيو 2021، ثلاثة مواقع لإنتاج السلاح الكيميائي في دمشق وحمص بسوريا، بزعم "القضاء على محاولة النظام العودة إلى إنتاج غاز الأعصاب".

"هآرتس": هدف الهجمات الحفاظ على الوضع الراهن

وأوضحت صحيفة "هآرتس" العبرية في تقرير للخبير عاموس هرئيل، أن هذه "أول مرة تكشف فيها عملية إسرائيلية ضد جهود نظام الأسد لاستئناف إنتاج سلاح إبادة جماعية، منذ الاتفاق حول إفراغ مخزونات السلاح الكيميائي في سوريا صيف 2013".

وذكرت أن "إسرائيل لم تتحمل المسؤولية عن الهجمات بعد تنفيذها، والآن هي تتجنب الرد على سؤال الصحيفة الأمريكية"، منوهة أن "قضية السلاح الكيميائي في سوريا، وقفت في مركز الانشغال الدولي المكثف في القسم الأول من الحرب في سوريا، في 2012 برزت شهادات أولية عن استخدام النظام للسلاح الكيميائي، وفي 2013، تطور خلاف بين تل أبيب وواشنطن بعد أن كشفت الاستخبارات الإسرائيلية حالات أخرى استخدم فيها السلاح الكيميائي، وهذا لم يروق لإدارة باراك أوباما في حينه".

ولفتت إلى أنه "بعد هجوم كيميائي كبير قام به النظام في منطقة الغوطة قرب دمشق في 2013، فحص أوباما إمكانية القيام بهجوم عقابي كبير، لكنه ضبط نفسه بعد واجه معارضة في الكونغرس ولم يحصل على الدعم حتى من حكومة بريطانيا.

وتابعت: "على خلفية التهديدات الأمريكية تدخلت روسيا وتم التوصل إلى اتفاق دولي لإخلاء مراقب لمخزونات السلاح الكيميائي في سوريا، وكانت إسرائيل متشككة في البداية، لكن الاستخبارات هنا أكد أن الاتفاق لأخرج أكثر من 95 في المئة من السلاح الكيميائي لدى النظام، وكان هذا بالنسبة لإسرائيل تغيير جوهري للأفضل، فالسلاح الذي امتلكه النظام كرد استراتيجي على تفوق إسرائيل، اختفى من المعادلة".

 

ورأت "هآرتس"، أن "ما دفع إسرائيل للعمل (بحسب الصحيفة الأمريكية) في هذه السنة، لم يكن القلق من استخدام غاز الأعصاب، بل الرغبة في الحفاظ على ميزان القوة لصالحها"، منوهة أن "إسرائيل وبحسب التقارير، تهاجم في الأشهر الأخيرة في سوريا بوتيرة أعلى من المعتاد، وأغلبية تلك الهجمات، ضد قواعد مليشيات مؤيدة لإيران ومخازن سلاح، ولكن في حزيران/يونيو الماضي، نشاطات إسرائيل وجهت بصورة استثنائية ضد النظام، من أجل الحفاظ على الوضع الراهن القديم".

ولفتت إلى أن "هناك استنتاجات من عودة النظام لإنتاج غاز الأعصاب، الأول؛ أنه في اللحظة التي ستتاح له، سيعود الأسد لطبيعته، الثاني؛ أن النظام يوجد في ذروة عملية أوسع لترسيخ سيطرته على سوريا"، منوها أن "الديكتاتور السوري، يوظف معظم جهوده في إعادة السيادة والحاكمية لنظامه في أجزاء الدولة الأكثر اهمية بالنسبة له".

وقالت: "خلافا للتصريحات بين حين وآخر من المستوى السياسي في إسرائيل، الأجهزة الاستخبارية لا تعاني من التفاؤل المبالغ فيه، ونقطة الانطلاق هي أن كل اللاعبين يوجدون في سوريا من أجل البقاء".

"إسرائيل اليوم": هناك مصلحة بكشف الهجمات في هذا الوقت

صحيفة "إسرائيل اليوم" في مقال للخبير العسكري يوآف ليمور، أكدت أن "لهذه الهجمات هدفا ثلاثيا، الأول؛ نزع قدرات غير تقليدية من سوريا، الثاني، الإيضاح للأسد، أن إسرائيل لن تسمح لسوريا بالعودة لتهديدها بسلاح الدمار الشامل، والثالث؛ إطلاق رسالة لدول أخرى، وعلى رأسها إيران؛ بأن إسرائيل ستعمل بالطريقة ذاتها ضد كل من يطور سلاحا يهدد وجودها".

ولفتت إلى أن سوريا قامت بشراء كمية كبيرة بشكل سري من مادة "تريكالسيوم فوسفات (TCB)"، وهي مادة ثنائية الاستخدام يمكن أن تستخدم لإنتاج غاز الأعصاب"، مؤكدة أنه قتل في الهجمات الإسرائيلية المذكورة، عقيد يدعى أيهم إسماعيل، كان مسؤولا في مشاريع الصناعات العسكرية السورية "سيرس" التي في إطارها تطور سوريا السلاح الكيميائي".

وأكدت أن سوريا حازت في الماضي ترسانة هائلة من السلاح الكيميائي وخاصة غاز الأعصاب الفتاك من طراز "VX" و "سارين"، والذي استخدامه الأسد ضد معارضيه"، موضحة أن "الأسد رغم تعهده (بإخراج الأسلحة الكيميائية)، واصل استخدام أنواع مختلفة من السلاح الكيميائي ضد معارضه، ولا سيما الكلور، وإسرائيل حذرت من عودة سوريا آجلا أم عاجلا لإنتاج سلاح كيميائي متقدم أكثر، مثلما حصل بالفعل".

 

وقالت الصحيفة: "يبدو أنه بخلاف الماضي، قررت إسرائيل ألا تنتظر إلى أن تتزود سوريا بكمية كبيرة من السلاح الكيميائي، بل ان تدمره وهو في مراحله الأولية"، مضيفة: "حقيقة أن سوريا واصلت مساعي التطوير رغم أنها تعرضت للهجوم في المرة الأولى، تدل على أنه إلى جانب الوجه اللطيف الذي يحاول الأسد عرضه للعالم، هو يواصل اليوم محاولة التسلح بقدرات للدمار الشامل".

ونبهت أن "موقف الولايات المتحدة بالنسبة للهجمات الإسرائيلية غير واضح، ولماذا لم تهاجم الولايات المتحدة هي نفسها بعد أن تعهدت في الماضي صراحة بأنها لن تسمح لسوريا بالعودة لحيازة السلاح الكيميائي؟".

ورجحت أن "الأمر ينبع من حقيقة أن إسرائيل سبقت ذلك كجزء من الهجمات التي تنفذها في سوريا، ويحتمل أن يكون الأمريكيون ببساطة امتنعوا عن ممارسة القوة"، معتبرة أن "أمريكا بامتناعها عن الهجوم، فوتت مرة أخرى فرصة لنقل رسالة للشرق الأوسط العالم كله".

وفي المقابل: "إسرائيل، وسعت وفق عقيدة بيغن، التي بموجبها لن تسمح لأي دولة في المنطقة حيازة قدرة نووية ولا كيميائية، ويبدو أن هذا هو الدافع لما نشر أمس"، بحسب "إسرائيل اليوم" التي رأت أن "المعلومات التي تظهر في النشر، وإن كانت لا تعزى مباشرة لجهات إسرائيلية، لكن الشكل والتوقيت يدلان على أنه توجد مصلحة في كشف الهجمات في هذا التوقيت، وخاصة حينما تكون محادثات النووي مع إيران في ذروتها، كي تصدح لما خلف سوريا، وخاصة طهران وعواصم الغرب".