الجمعة 2022/01/07

روسيا تزيد جرعة الموت وحدود “الرسائل المباشرة” في الشمال المحرر

باتت الضربات الجوية التي تنفذها روسيا على مناطق شمال وغرب سوريا "أمرا اعتياديا وشبه روتيني"، لكن تصاعدها بشكل ملحوظ منذ مطلع العام الجديد يدل على أن هناك "رسائل مباشرة" تريد موسكو إيصالها.

وكانت الغارات قد استهدفت خلال الأيام السبعة الماضية عدة مواقع في محافظة إدلب ، بدءا من جنوبها ووصولا إلى شمالها المتاخم للحدود التركية، ومن ثم شرقا وغربا، ما أسفر عن مقتل مدنيين وإصابة العشرات.

واللافت أن جزءا كبيرا منها استهدف مواقع حيوية يعتمد عليها السكان في الحياة اليومية، من بينها مزارع تربية الدواجن، بالإضافة إلى محطة المياه الرئيسية التي تغذي مدينة إدلب بالمياه، منذ سنوات.

وبحسب توثيق حصل عليه موقع "الحرة" من منظمة "الدفاع المدني السوري" فقد قتل إثر التصعيد خمسة مدنيين، بينما أصيب 13 آخرين، بينهم ثمانية أطفال، وذلك بالقصف الروسي المباشر على سبع مزارع لتربية الدواجن في مناطق متفرقة.

ويشكل القصف الروسي المتعمد للمنشآت الحيوية بشكل عام، ومزارع تربية الدواجن بشكل خاص "خطرا على مقومات البقاء ومصادر دخل مئات الأسر في شمال غربي سوريا، فضلا عن تأثيره على الارتفاع الكبير في أسعار المواد".

ويرى مدير المنظمة الإنسانية، رائد الصالح، أن هذه الهجمات تعتبر "رسائل للمجتمع الدولي، بأن موسكو مستمرة في سياسة القوة والقتل والتدمير. كلما رأت تراجعا وتقهقرا في الموقف الدولي كلما زادت من جرعة الموت".

ويضيف الصالح لموقع "الحرة" أن "التصعيد الروسي يهدد ما بقي من أمن غذائي في المنطقة"، مؤكدا أن "الشيء الأخطر في الهجمات، إضافة لاستهدافها المنشآت الحيوية والمرافق الخدمية، هو امتدادها على كامل شمال غربي سوريا. هي رسالة واضحة مفادها أن جميع المناطق تحت الضربات، ولا يوجد أي بقعة آمنة".

لماذا الآن؟

لا يعرف بالتحديد الأسباب التي دفعت روسيا إلى تصعيد قصفها على محافظة إدلب السورية، على الرغم من أن هذا الأمر ليس الأول من نوعه، بل سبقته تصعيدات كثيرة على مدى السنوات الأربع الماضية.

ويعيش في مناطق شمال غرب سوريا أكثر من 4 ملايين مدني، بحسب بيانات الأمم المتحدة، بينهم أكثر من مليون يعيشون في المخيمات العشوائية والمنظّمة. وهؤلاء يعانون من أوضاع مأساوية مع الدخول بفصل الشتاء.

وبحسب الصالح، فإنه "يمكن القول إن روسيا، وعند اقتراب أي استحقاق سياسي يتعلق بالسوريين على المستوى الدولي، تصعّد هجماتها بشكل ملحوظ وتحاول الضغط إنسانيا. لا أعتقد أن ما تقوم به اليوم خارج هذا السياق".

وبخصوص العلاقة بين التصعيد والترقب الخاص بتجديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود لستة أشهر أخرى، يوضح الصالح أن "روسيا تسعى بجدية حقيقةً لعدم تمديد تفويض آلية إدخال المساعدات عبر الحدود وتحويلها لصالح إدخال المساعدات عبر خطوط النزاع، أي عبر مناطق سيطرة نظام الأسد".

وتجعل موسكو بهذه الطريقة المساعدات "سلاحا بيدها وبيد نظام الأسد، وتمارس سياسة التجويع والحصار كما مارستها في درعا والغوطة وداريا والزبداني وحمص، وكما تمارسها الآن في مخيم الركبان"، وفق الصالح.

"رسائل مباشرة"

منذ سنوات يحكم مشهد الشمال الغربي لسوريا مساران، الأول، سياسي عسكري بين ثلاث دول (أستانة)، والآخر شبيه به لكن بين طرفين، الأول هو تركيا والثاني روسيا، ويطلق عليه "مسار سوتشي".

وتأتي الضربات الروسية المتزايدة حاليا بعد أسابيع من اختتام الجولة 17 من مسار "أستانة".

ولم يصدر أي تعليق روسي حتى الآن لتوضيح أسباب هذه العمليات، وكذلك الأمر بالنسبة لتركيا.

وبينما تتخوف المنظمات الإنسانية "في كل لحظة وكل ثانية"، يشير مدير "الدفاع المدني"، رائد الصالح، إلى أن ذلك يتعلق بـ"استهداف روسيا للمشافي والمدارس والأفران والأسواق".

ويقول: "روسيا تريد قتل الحياة، وباختصار هذا الشي الوحيد الذي تتقنه".

وخلال العام الماضي، كانت الطائرات الروسية قد استهدفت "بشكل ممنهج" حراقات تكرير الوقود البدائية وأسواق المحروقات، بهدف شلّ الحياة الاقتصادية للسكان.

ويضيف الصالح: "شاهدنا كيف أثّر ذلك على عمل الأفران والمشافي والمراكز الحيوية الأخرى جراء هذه الهجمات. كل شيء نتوقعه من روسيا تقوم بالأسوأ منه. هي تريد إرسال رسائل مباشرة عبر هذه الهجمات، لتقول فيها: لن أسمح للسوريين في شمال غربي سوريا بالعيش".