السبت 2020/11/14

جيفري: أخفينا عن ترامب العدد الحقيقي لقواتنا بسوريا

كشف المبعوث الأمريكي إلى سوريا المستقيل "جيمس جيفري" أنه وزملاءه أخفوا عن الرئيس دونالد ترامب العدد الحقيقي للقوات الأمريكية الموجودة في شمال شرق سوريا.

ونقل موقع "ديفنز ون" عن جيفري قوله: "دائماً ما كنا نتحايل ونراوغ لئلا نكشف لقياداتنا عن حقيقة عدد القوات التي نملكها هناك في أرض الواقع"، وأضاف جيفري أن العدد الفعلي للقوات العسكرية الأمريكية في شمال شرق سوريا هو "أكثر بكثير" من مئتي جندي الذين وافق الرئيس دونالد ترامب على بقائهم في سوريا في عام 2019.

وكان ترامب أعلن في أكتوبر تشرين الأول العام الماضي، الانسحاب الجزئي من شرق الفرات، الأمر الذي فتح الباب لتركيا لشن عملية عسكرية بالتعاون مع فصائل سورية معارضة لتأسيس منطقة "نبع السلام" بين تل أبيض ورأس العين. وكانت تلك المرة الثانية التي يقول ترامب إنه يريد الانسحاب من سوريا.

وفي عام 2018، ثم مرة أخرى في شهر أكتوبر تشرين الأول من عام 2019، عندما شرعت إدارة الرئيس ترامب في تكرار أمر انسحاب القوات الأمريكية، أعلن الرئيس ترامب "نجاحه الساحق" في هزيمة تنظيم الدولة، بيد أنه وفي كل مرة، كان الرئيس على قناعة حقيقية بضرورة ترك قوة عسكرية أمريكية متبقّية في الداخل السوري، ولا سيما مع استمرار أعمال العنف والقتال.

وبالنسبة إلى جيفري، كانت تلك الخطوة الأكثر إثارة للجدل على مدار خدمته الطويلة في الحكومة الأمريكية والتي بلغت نحو خمسين عاماً حتى الآن. إذ أسفر ذلك القرار، الذي اتخذ للمرة الأولى في شهر ديسمبر كانون الأول من عام 2018، عن استقالة وزير الدفاع الأمريكي الأسبق جيم ماتيس من منصبه. ثم دفع جيفري – وكان يشغل منصب المبعوث الأمريكي الخاص بالرئيس دونالد ترامب إلى سوريا وقتذاك – إلى شغل منصب المبعوث الأمريكي الخاص بالحرب على تنظيم الدولة، ولا سيما عندما أدى قرار ترامب إلى استقالة "بريت ماكغورك" المبعوث الخاص الأسبق إلى سوريا قبل جيفري.

بالنسبة إلى جيفري، كانت تلك الحادثة أقل خطورة بكثير مما أشيع عنها، غير أنها تعد في نهاية المطاف قصة من قصص النجاح المعتبرة التي انتهت بمواصلة انتشار وعمل القوات الأمريكية في داخل سوريا، الأمر الذي حرم روسيا ونظام الأسد من المكاسب الإقليمية المحققة حتى ذلك التاريخ، فضلاً عن الحيلولة دون معاودة شراذم تنظيم الدولة ترتيب الصفوف وإعادة التنظيم إلى سابق عهده.

وقال جيفري: "أي انسحاب سوري تتحدثون عنه؟ لم يكن هناك انسحاب للقوات من سوريا على الإطلاق. بعد الهدوء النسبي الذي شهدته الأوضاع في شمال شرق البلاد إلى درجة ما بعد هزيمة تنظيم الدولة، كان الرئيس ترامب ميالاً إلى سحب القوات. وفي كل حالة، كنا نضطر إلى طرح خمس حجج مقنعة على الأقل لتبرير أسباب الحاجة إلى بقاء القوات الأمريكية في أماكنها هناك. ولقد نجحنا كل مرة في تحقيق ذلك. هذه هي القصة الحقيقية".

من الناحية الرسمية، وافق الرئيس الأمريكي ترامب خلال العام الماضي على بقاء قوة عسكرية مقدرة بنحو 200 جندي أمريكي متمركزين في مواقعهم بشمال شرق سوريا من أجل العمل على تأمين حقول النفط التي تسيطر عليها القوات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية في حربها ضد تنظيم الدولة. بيد أنه من المقبول بصفة عامة أن العدد الفعلي للقوات الأمريكية المتواجدة في سوريا هو أكبر من الرقم المذكور بكثير، وصرّح بعض المسؤولين مجهولي الهوية بأن تعداد القوات الأمريكية هناك يقترب من 900 جندي حتى الآن – غير أن الرقم الحقيقي هو سري للغاية وما يزال غير معروف على ما يبدو لحفنة معتبرة من أعضاء إدارة الرئيس ترامب من الحريصين للغاية على وضع حد نهائي لما يسمى بـ"الحروب الأمريكية اللانهائية".

يعتقد جيفري أن ترامب قد نجح في إيجاد شكل من أشكال "الجمود" السياسي والعسكري في عدد من النزاعات الهادئة والمشتعلة المختلفة في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي أسفر عن وضع كان هو أفضل ما يمكن لأي إدارة أمريكية أن تأمل في تحقيقه في خضم تلك المنطقة المتّسمة بالتقلبات الشديدة والفوضى المستمرة.

هذا، وتحافظ القوات العسكرية الأمريكية على حالة من الاستقرار الهش في أغلب أنحاء سوريا. ويقول جيفري: "إن فرض حالة الجمود، وعرقلة التقدم في بعض الأحيان، مع الاحتواء قدر الإمكان في أحيان أخرى ليست بالأمر السيئ البتة". ورداً على سؤال بشأن الكيفية التي سيقدم بها المشورة إلى إدارة الرئيس بايدن عندما تتولى مقاليد الأمور، قال جيفري إنه سيحث الرئيس المنتخب بايدن على مواصلة المسار الذي اعتمده فريق الرئيس ترامب من قبله. وهناك بعض الأمور التي سيرغب فريق بايدن في التراجع عنها فورا "لكن فوق كل شيء، ينبغي ألا تحاول الإدارة الجديدة العمل على "تحويل" الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط. ولا تبذل الجهد في وهم "تحويل سوريا إلى الدنمارك". الجمود الراهن يساوي الاستقرار في تلك القضية الشائكة".