الأربعاء 2022/04/27

“جزار سوريا” تعلم الدرس.. حرب النفس الطويل تفيد الروس في أوكرانيا

مع دخول الحرب في أوكرانيا مرحلة جديدة، يعتقد البعض أن "الجبهة الموحدة" للغرب فازت بالجولة الأولى بعد أن فشلت روسيا في تحقيق أهدافها وتكبدت خسائر كبيرة، في حين أن ما يحدث الآن ربما يكون "فقط بداية" لحرب طويلة الأمد قد يكون لموسكو فيها "اليد الرابحة"، وفق تحليل على موقع بوليتيكو.

ويقول تشارلز ليستر، زميل معهد الشرق الأوسط، في تحليله على الموقع الأميركي إن التدخل الروسي في سوريا كشف عن مدى قدرة الكرملين على التكيف في مواجهة الخصوم وخوض حرب طويلة.

واجهت موسكو في المرحلة الأولى من التدخل العسكري في سوريا عقبات كبيرة. وتحت قيادة الجنرال ألكسندر دفورنيكوف، شنت أولا حملة جوية وحشية ضد قوات المعارضة السورية التي كانت تهدد بقاء نظام بشار الأسد.

لكن القصف الجوي لم يغير ميزان المعركة لصالح قوات الأسد بعد فشله في دعم القوات على الأرض.

سياسة "التكيف"

وفي نهاية المطاف، تأكدت روسيا من عدم قدرتها على خوض معركة متعدد الجبهات في جميع أنحاء سوريا، واضطرت إلى التكيف.

دفورنيكوف يقود الآن القوات الروسية في أوكرانيا وهو معروف لدى البعض باسم "جزار سوريا" لاستخدامه تكتيكات العصور الوسطى في الحرب، وليس القرن الحادي والعشرين.

ورغم أنه يميل إلى القصف العشوائي والحصار، أثبت أنه "مرن وقادر على التكيف" مع الظروف.

أحد التغييرات التي أجراها القائد العسكري هي إيجاد شركاء إضافيين في القوة البرية "بخلاف قوات النظام المتهالكة والفاسدة".

ولم يمض وقت طويل على التدخل في سوريا، حتى بدأت روسيا في نشر وحدات صغيرة من قوات "سبيتسناز" الخاصة على الخطوط الأمامية، وتعاونت مع شركاء مثل حزب الله اللبناني.

وبدأت موسكو في إعادة هيكلة قوات النظام من الألف إلى الياء، وفرضت تعديلات على مستوى الوزراء والمديريات وأنشأت وحدات جديدة تماما.

وتم نشر متعاقدين عسكريين روس، تربطهم صلات وثيقة بالكرملين، للقتال على خط المواجهة وتدريب قوات النظام، وسافر بعضهم بانتظام إلى روسيا لتلقي تدريب متخصصة.

تراجع الاهتمام تدريجيا

ويشير التحليل أيضا إلى أن روسيا تعلمت من التجربة السورية أن الغرب قل اهتمامه تدريجيا بالحرب، بعد أن تشتت انتباهه بالحرب ضد "داعش" وضاق ذرعا بالصراع بين النظام والمعارضة

ومع رغبته في عودة الهدوء، بعد سنوات من الفوضى والسماح بمرور المساعدات الإنسانية، رحب الغرب بالمقترحات الروسية الخاصة بمناطق "خفض التصعيد"، في حين أنها كانت حيلة للسماح للنظام والروس والإيرانيين باستعادة منطقة واحدة تلو الأخرى.

وحاصرت هذه القوات ثلاثا من المناطق الأربع لـ"خفض التصعيد" وقصفتها بضراوة حتى استسلمت جماعيا في عام 2018.

وتدرك روسيا أيضا "نفور الغرب من المخاطرة". وعلى الرغم من الدعم الهائل الذي تلقته أوكرانيا من الغرب والحديث مؤخرا عن "الفوز" في المعركة إلا أنه قد يفقد الاهتمام تدريجيا.

"ويقول التحليل: "في النهاية، هذه حرب في الفناء الخلفي لروسيا. إنها موسكو التي تلعب اللعبة الطويلة هنا، وليس نحن، لأن هذه كانت حربا بدأت قبل ثماني سنوات (احتلال شبه جزيرة القرم)، وليس في فبراير 2022".

ويتوقع التحليل أن تتكيف روسيا في أوكرانيا بعدة أشكال، فقد تعمل على تكثيف نشر مجموعات المرتزقة الروس وربما حتى الأجانب .

وربما تسعى إلى تجميد الخطوط الأمامية غير العاجلة، وتركيز الموارد على الأمور ذات الأولوية القصوى.

وقد تسعى موسكو أيضا إلى تعجيل الصراع في أماكن غير متوقعة مثل منطقة ترانسنيستريا الانفصالية بغرض تشتيت الانتباه وخلق حالة جديدة من عدم اليقين.