الأربعاء 2018/08/15

واشنطن بوست: هذه أعداد مقاتلي “تنظيم الدولة” رغم الهزائم

بقلم: ليز سلاي

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


لا يزال أكثر من 30 ألف مقاتل تابع لتنظيم الدولة متفرقين في كل من سوريا والعراق، ويبدو أن التنظيم قد بدأ بتشكيل صفوفه من جديد على الرغم من الحالة السيئة التي آل إليها، وفقاً لتقريرين جديدين شككا في ادعاءات القوات الأمريكية حول النهاية الوشيكة لمسلحي التنظيم.

تبدو الأرقام الواردة في تقريري الحكومة الأميركية والأمم المتحدة، بخصوص أعداد المقاتلين أعلى بكثير من التقديرات السابقة التي جاءت في أعقاب الهزائم الكبرى التي تعرض لها العام الماضي، عندما طُرد مسلحوه من معظم معاقلهم الرئيسية في كل من العراق وسوريا.

لم تعلن القوات الأمريكية عن أية أرقام منذ العام الماضي، لكن تصريحات المسؤولين العسكريين أشارت إلى أنه لم يتبق سوى 10 آلاف مقاتل.

عارض المسؤولون العسكريون الأمريكيون التقديرات الجديدة لكنهم رفضوا الإدلاء بأرقام بديلة، مصرحين أن ذلك يتعارض مع السياسة العسكرية. في حين صرح الكولونيل شون ريان، المتحدث العسكري باسم القوات الأمريكية في بغداد، قائلا إن هذه الأرقام "تبدو عالية"، لكنه أضاف قائلاً إنه "في ظل كل ما يحدث، ليست هناك طريقة لمعرفة إذا ما كانت هذه الأرقام صحيحة".

وأضاف قائلاً: "لا يزال تنظيم الدولة يشكّل تهديداً بالنسبة لنا طالما أن لديه القدرة على شن هجمات إرهابية في أماكن أخرى، وسنلاحقهم حتى نهزمهم بشكل كلي".

نسبت الحكومة الأمريكية الأرقام التي تضمّنها تقريرها إلى وزارة الدفاع، لكنها أقرّت بأن هذه التقديرات "مختلفة باختلاف المصادر مع مرور الوقت". تم تسليم هذا التقرير إلى الكونغرس من قبل المفتَّشيّة العامة (مكتب تم إنشاؤه عام 2013 للإشراف على عمليات الجيش الأمريكي في الخارج ضد تنظيم الدولة) . ونقلاً عن مسؤولين في وزارة الدفاع، فقد قُدّرت أعداد مقاتلي تنظيم الدولة في العراق بنحو 15500 و17100 مسلح، في حين لم تتجاوز أعدادهم 14000 مقاتل في سوريا بحسب ما جاء في التقرير.

قام بكتابة التقرير الثاني فريق الدعم التحليلي ورصد العقوبات التابع للأمم المتحدة الذي يرصد تأثير عقوبات الأمم المتحدة، تضمّن التقرير أرقاماً مشابهة. نقلاً عن الدول الأعضاء التي لم تُذكر أسماؤها، يعتقد أن هناك ما بين 20000 و30000 مقاتل من تنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا، مقسَّمة بالتساوي تقريباً بين البلدين. حيث ينشط بعض منهم في ساحة المعركة، بينما يختبئ آخرون في المجتمعات أو المناطق النائية. تضم هذه الأرقام "أعداداً كبيرة" من المقاتلين الأجانب.

يُعتقد أن تنظيم الدولة حشد جيشاً قوامه نحو مئة ألف رجل، منتشرين عبر المنطقة الشاسعة الممتدة بين كل من سوريا والعراق، حيث كانت هذه المناطق جزءاً من دولة الخلافة المزعومة عندما كان التنظيم في أوج قوّته. وتضمّن هذا الجيش آنذاك نحو 30 ألف مقاتل أجنبي من جميع أنحاء العالم، فر عدد قليل منهم وعادوا إلى ديارهم.

ومع ذلك، يشير التقريران الجديدان إلى أنه على الرغم من أن تنظيم الدولة على وشك خسارة كل الأراضي التي كانت تحت سيطرته، إلا أنه لا يزال يشكل تهديداً قوياً لاستقرار العراق وسوريا. باختصار، تشير التقارير إلى أن الحملة العسكرية لا يزال أمامها الكثير قبل الإعلان عن هزيمة هذا التنظيم، على الرغم من تأكيدات ترامب الشهر الماضي أن المعركة ضد التنظيم قد انتهت بنسبة 98% .

في سوريا، قام تنظيم الدولة "بحشد قواته"، حسب تقرير الأمم المتحدة، في الوقت الذي توقفت فيه العمليات ضده لمدة شهرين، والتي تزامنت مع الفترة التي أرسل فيها الأكراد مقاتليهم لمحاربة الأتراك شمال سوريا، وتحديدا في محافظة عفرين.

جاء في تقرير الأمم المتحدة أن هذا التوقف المؤقت "أعطى تنظيم الدولة فسحة لالتقاط أنفاسه ومجالاً للإعداد للمرحلة القادمة وجعله تنظيماً أكثر سرية وعالمية"، وذلك من خلال استخدام اسم آخر للمجموعة.

كما بقي الجهاز الإداري لتنظيم الدولة على حاله، على الرغم من أن المجموعة فقدت معظم أراضيها، وقتل العديد من كبار قادتها وتعطلت هياكلها، كما بقي زعيمها أبو بكر البغدادي على رأس التنظيم، على الرغم من اضطراره إلى تفويض السلطة في العديد من المناطق.

جاء في التقرير أيضا أن "التنظيم العام للمجموعة في العراق لا يزال على حاله، شأنه شأن مكاتب الأمن والمالية العامة، كما لا يزال مكتب تنسيق الهجرة والشؤون اللوجستية التابع للمجموعة سليماً، على الرغم من أنه يواجه صعوبة في ربط الاتصال مع الجهات الأخرى التابعة للتنظيم حيث قتل رئيسه ".

وفي علامة أخرى على استمرار المجموعة في القيام بنشاطاتها، لا تزال وكالة الأنباء التابعة لها (أعماق) تعمل في شرق سوريا. فعلى الرغم من تراجع إنتاجها في أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر الماضيين، إلا أنه عرف استقراراً في الآونة الأخيرة ومستوى إنتاج أعلى مما كان عليه، حسب ما ذكر التقرير.

أما بخصوص العراق، فقد أشار تقرير الحكومة الأمريكية إلى أنه على الرغم من أن المجموعة لم تعد تسيطر على الأراضي هناك، إلا أن خلايا المقاتلين تواصل زرع القنابل وإجراء عمليات الاختطاف. كما أشار التقرير إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الهجمات المنسوبة إلى تنظيم الدولة في كل من محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين، كدليل على "قدرة المجموعة على مواجهة الصدمات"، في الوقت الذي تسعى فيه إلى إعادة تشكيل صفوفها كقوة سرية.

وجاء في تقرير الحكومة الأمريكية إن ما يقدر بـ 4000 إلى 6000 من مقاتلي تنظيم الدولة البالغ عددهم 14000 في سوريا، ينتشرون على الأراضي المتاخمة للمناطق التي تسيطر عليها القوات الأمريكية وحلفاؤها. وعلى الرغم من أن التقرير لم يحدد مكان وجود الآخرين، فمن المرجح أنهم في منطقة أكبر، محاطين بقوات النظام وحلفائه.

وفي تعليق على التقرير خلال مؤتمر صحفي له، قال الجنرال فيليكس غيدني، نائب قائد العمليات الاستراتيجية والخاصة بالدعم بالتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة، إنه يعتقد أن هناك ما لا يقل عن 1000 مقاتل لتنظيم الدولة. وفي حديث له من بغداد، قال أيضا إن الأرقام الجديدة تبدو "عالية" ولكنه لم يقدم تقييما بديلا عنها.