السبت 2018/02/24

ما مدى قوة “التحالف” الإيراني الروسي؟ (ترجمة)

في 10 كانون الثاني/ يناير، التقى وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف بنظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، للتباحث بشأن حل للحرب السورية وتهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإلغاء الصفقة النووية الإيرانية.

بعد لقائهم هذا، أشاد ظريف بدعم روسيا الحازم لتنفيذ الاتفاق النووي الإيراني، وأكد مجدداً رغبة البلدين المشتركة في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.

وعلى الرغم من أن اجتماع ظريف الأخير مع لافروف هدف إلى إبراز قوة التحالف الروسي الإيراني للمجتمع الدولي، إلا أنه ليس من الواضح إذا ما كان هذا التحالف سيدوم طويلا.

يلف الشراكة الإيرانية الروسية كثير من الغموض، يمكن أن يرجع إلى تضارب الرؤى الاستراتيجية لسياسة الشرق الأوسط الإقليمية. وتركّز الرؤية الاستراتيجية الروسية بشكل رئيسي على القضاء على أسباب عدم الاستقرار ومنع التدخل العسكري للولايات المتحدة، الذي يسهل خلق دول فاشلة من وجهة نظر موسكو. تعلل الحكومة الروسية تدخلها العسكري في سوريا بأيلول/ سبتمبر 2015، كتدبير ضروري لاستعادة الاستقرار في البلاد، وردع واشنطن عن استخدام القوة للإطاحة ببشار الأسد. ترى روسيا أن حملتها في سوريا خطوة ضرورية نحو تحقيق هدف أشمل نطاقا والذي يتمثل في جعل نفسها ضامناً لا غنى عنه، للأمن في الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من أن صُنّاع القرار الإيرانيون كثيراً ما يرون أن لطهران دوراً في استقرار الشرق الأوسط، وأن تعزيز الأمن المشترك ليس سوى هدف ثانوي في الرؤية الاستراتيجية الإيرانية. فهم يركزون بشكل أساسي على توسيع نطاق نفوذ طهران في الشرق الأوسط واحتواء السلطة التي تملكها السعودية على العالم العربي. وقد دفعت هذه الأهداف التوسعية بإيران إلى التعاون مع أطراف متحاربة غير حكومية بدلا من روسيا، والانخراط في أنشطة عسكرية تحدُّ من فعالية مبادرات التسوية السياسية التي تدعمها موسكو.

إن هذه الأهداف المتباينة تهدّد بتفكيك التعاون الروسي الإيراني في سوريا، في الوقت الذي ينتقل فيه الصراع من المرحلة العسكرية نحو المرحلة الدبلوماسية. وعلى الرغم من أن المسؤولين العسكريين الروس قد أثنَوا على فعالية قوات "حزب الله" خلال العمليات العسكرية التي شنها نظام الأسد، إلا أن استخدام إيران للأراضي السورية من أجل إنشاء نقطة عبور تمر عبرها الأسلحة نحو حزب الله قد أثار قلق صناع القرار الروس الذين يسعون للحفاظ على علاقات قوية مع إسرائيل.

كما إن عدم رغبة إيران في وقف العمليات العسكرية في سوريا لحين القضاء تماما على قوات المعارضة يتعارض أيضا مع أهداف روسيا التي تتمثل في ضمان سيطرة الأسد على ما يكفي من الأراضي للتفاوض مع فصائل المعارضة السورية من موقع قوة. إن إيمان إيران بإمكانية التوصل إلى حل عسكري في سوريا جعلها أقل استعدادا من روسيا للانخراط الدبلوماسي مع المعارضة السورية أو الفصائل الكردية خلال المفاوضات الدبلوماسية، الشيء الذي حد من نطاق الشراكة بين موسكو وطهران.

كما تبدو آفاق التعاون البنّاء بين روسيا وإيران لحل الصراعات الإقليمية الأخرى، مثل اليمن وأفغانستان، قاتمة. زاد تدهور العلاقات بين روسيا والمتمردين الحوثيين الموالين لإيران منذ اغتيال الرئيس السابق علي عبد الله صالح في 5 ديسمبر / كانون الأول. دفع هذا التوتر بموسكو إلى إقامة خطوط اتصال أقوى مع السعودية والإمارات لحل الأزمة.

يؤدي هذا الاختلاف في الأهداف إلى دحض إمكانية التعاون الروسي الإيراني في أفغانستان. إذ تسعى روسيا إلى التوصل إلى تسوية سياسية بخصوص الوضع في أفغانستان، والتي تضم طالبان على وجه السرعة. وفي الوقت الذي تريد فيه إيران التوصل إلى حل سلمي طويل الأمد في أفغانستان، فإنها لا ترغب في تعليق العمل العسكري قبل أن تحتل القوات المعادية للولايات المتحدة الصدارة غرب أفغانستان. ومع استمرار الدعم العسكري الإيراني لقوات طالبان بالقرب من حدودها، فإن صناع القرار الروس قلقون من أن تعيق طهران عملية السلام الأفغانية لتحقيق أهدافها الخاصة.

وعلى الرغم من المصالح المتضاربة للبلدين، فإن الشراكة القائمة بينهما تضعف بشكل يفوق توقعات العديد من المحللين السياسيين، إلا أن خيارات السياسة الأمريكية يمكن أن تؤثر أيضا تأثيراً عميقاً في قوة التحالف. كما أشار السفير الأمريكي السابق لدى روسيا، مايكل ماكفول، خلال مقابلة أجراها في آب/ أغسطس 2017، قال فيها إن إعادة فرض نظام عقوبات أمريكي صارم على إيران من أجل التخلّي عن الاتفاق النووي، يمكن أن يوطّد العلاقات التي تجمع طهران بموسكو. فإذا قرّرت الولايات المتحدة الردّ عسكرياً على نظام الأسد لاستخدامه الأسلحة الكيماوية، فمن المرجّح أن يؤدي ذلك إلى استثارة المعارضة الروسية والإيرانية ضد التدخلات العسكرية الأمريكية لفترة أطول، وبالتالي يعزز من شراكة البلدين في سوريا.

وعلى الرغم من أنه من غير المرجح أن يحدُث تحسن ملحوظ في علاقات واشنطن مع روسيا أو إيران على المدى القريب، إلا أنه بإمكان صُنّاع القرار الأمريكيين التأثير على مسار العلاقة الروسية الإيرانية. وللاستفادة من الخلافات بين روسيا واستراتيجيات إيران في أفغانستان، يمكن لهم إعادة إقامة حوار دبلوماسي مع طالبان، ما يوفر أساساً حقيقياً للتعاون بين الولايات المتحدة وروسيا في أفغانستان، ويعزل إيران في دعمها للحل العسكري عن الرأي الدولي.

كما يمكن لصُنّاع القرار في الولايات المتحدة أن يحاولوا تعزيز الحوار بين المشاركين في مباحثات جنيف وأستانا بخصوص سوريا. ومن شأن هذه الخطوة أن تعطي روسيا المكانة التي تسعى إلى الحصول عليها، وتضعف بذلك الشراكة التي تجمعها بطهران، في الوقت الذي يشعر فيه الإيرانيون بالقلق من أن التعاون الروسي الأمريكي المتزايد، سيجعل موسكو تنأى بنفسها عن طهران، كما فعلت خلال السنوات الأولى من تولي إدارة أوباما الحكم.

على الرغم من أن التحالف الروسي الإيراني يبدو قويا، إلا أنه يمكن للرؤى الاستراتيجية المتضاربة بين البلدين أن تقوّض الشراكة التي تجمعهما على المدى الطويل. ولإضعاف التنسيق بين روسيا وإيران، يجب على المسؤولين الأمريكيين الامتناع عن تنفيذ عمليات عدائية ضد موسكو وتحركات طهران التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار، والتطلع إلى إظهار التباين في الشراكة التي تجمع بينهما من خلال ربط علاقات دبلوماسية مع روسيا. وإذا ما قام صُناع القرار في الولايات المتحدة بتطبيق هذه الاستراتيجية، فإن الشراكة بين موسكو وطهران يمكن أن تضعُف كثيراً بمجرد انتهاء العمليات العسكرية في سوريا، ما قد يعزز نفوذ واشنطن في الشرق الأوسط للسنوات القادمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: ستراتفور

ترجمة: مركز الجسر للدراسات