الخميس 2018/12/13

ما الخطوة القادمة لـ”حزب الله” بعد مغامرته في سوريا؟

بقلم: دونا أبو نصر وجوناثان فيرزيجر

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


منذ السنوات الأولى للحرب السورية، كان أشد أعداء إسرائيل وأكثرهم تهديدا لها مشغولا على جبهة مختلفة. فقد استثمر "حزب الله" اللبناني، الذي خاض حربا ضد إسرائيل عام 2006، الكثير منذ عام 2013 عبر دعم نظام الأسد، ضد جماعات الثوار التي انتفضت ضده. وكان عدة مسؤولين إسرائيليين حذروا من مغبة تركيز مقاتلي "حزب الله" على إسرائيل من جديد وقد اكتسبوا هذه المرة خبرة قتالية كبيرة وأصبحت بحوزتهم أسلحة أفضل. أثار اكتشاف إسرائيل لأنفاق تقول إنها تعود لمقاتلي "حزب الله" المزيد من المخاوف داخل إسرائيل.

1.ما الذي قام به "حزب الله" في الحرب السورية؟

من خلال تدريب ودعم قوات النظام، لعب "حزب الله" دورا مهما في مساعدة نظام الأسد على استعادة السيطرة على أكثر من 60٪ من الأراضي السورية. وقد أوضح حسن نصر الله، الأمين العام للحزب، أنه ليس في عجلة من أمره لإعادة سحب مليشياته من سوريا، في الوقت الذي لا تزال فيه المعركة مستمرة في باقي أنحاء البلاد. حسب تقديرات لوزارة الخارجية الأمريكية عام 2017 فإن المجموعة قد قامت بنشر نحو 7000 مقاتل داخل سوريا، فقدت منهم نحو 1675 مقاتلا في الحرب. من ناحية أخرى، اكتسب مقاتلو "حزب الله" تجارب جديدة في ميدان المعركة، ولا سيما تشغيل الدبابات التي وفرتها سوريا والتنسيق مع القوة الجوية التي وفرتها روسيا. بالإضافة إلى ذلك، فإن "حزب الله" قد أصبح أقرب إلى إيران، الحليف الآخر للأسد، ما أدى إلى تحسين مستودعات الأسلحة.

2. كيف تحسنت مستودعات الأسلحة التابعة للمجموعة؟

بحسب تقديرات العديد من المسؤولين الإسرائيليين فقد قام "حزب الله" بتخزين ما يقارب 150.000 صاروخ، في الوقت الذي كان يملك فيه 15.000 صاروخ فقط خلال حربه ضد إسرائيل التي استمرت 34 يوما عام 2006 وأودت بحياة 1200 لبناني و165 إسرائيليا.

معظم هذه الصواريخ غير موجهة، ما يعني أنها مصوبة باتجاه مناطق مكتظة بالسكان، لكن إسرائيل ترى عكس ذلك وتقول إن إيران تمد "حزب الله" ببعض الصواريخ التي تحتوي على نظام توجيه، لذا يمكن أن تستهدف أهدافًا استراتيجية مثل محطات توليد الطاقة ومعامل تكرير النفط.

وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اتهم الجماعة بإخفاء منشآت لتطوير الصواريخ في بيروت وما حولها وهو ما نفته الحكومة اللبنانية.

شنت القوات الإسرائيلية هجمات متكررة على الأراضي السورية بحجة استهداف قوافل تنقل معدات صواريخ من إيران.

3.لماذا تدخل "حزب الله" في الحرب السورية؟

كان تدخل "حزب الله" في الحرب السورية سبيلا لبقائه. تعتلي سوريا أهمية كبرى للحزب، حيث يعتمد على إيران لتمويلها بنحو 700 مليون دولار سنوياً، وفقاً لمسؤول حكومي أمريكي، كما يحتاج للتدريب العسكري والمعدات القادمة من إيران. لكن إيران ولبنان ليستا متصلتين جغرافيا، ما يدفع بالاثنتين إلى استعمال الأراضي السورية لنقل العتاد. لقد كان من الضروري أن يحافظ "حزب الله" على قوة حليفه الأسد داخل سوريا.

4.لماذا تستثمر إيران في "حزب الله"؟

شكل الشيعة في لبنان حركة عام 1982 لتتحول فيما بعد إلى ما يعرف اليوم بـ"حزب الله"، ردا على احتلال إسرائيل جنوب البلاد، حيث استلهمت هذه الحركة مبادئها من الثورة الإيرانية عام 1979 ذات الغالبية الشيعية. وبعيداً عن التماهي الإيديولوجي بين كل من إيران و"حزب الله"، فقد أصبح هذا الأخير إلى حد ما، قوة بديلة لنخبة الحرس الثوري الإيراني. يستطيع الحزب مهاجمة الأهداف الإسرائيلية والأمريكية دون إثارة رد فعل منهما. (يعتقد الكثيرون أن "حزب الله" كان وراء التفجيرات الانتحارية التي استهدفت كلا من السفارة الأمريكية وثكنات مشاة البحرية الأمريكية في بيروت عام 1983، والهجوم الذي حدث عام 1984 على ملحق السفارة الأمريكية في بيروت، بالإضافة إلى حادثة خطف طائرة تي دابليو إي، التي كانت على متنها الرحلة رقم 847 عام 1985).

يمكن القول إن "حزب الله" يعطي إيران نفوذا أكبر على كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين تعتبرهما عدوين رئيسيين لها.

5.ما دور حزب الله داخل لبنان؟

حتى مع استمرار القتال في سوريا، يواصل "حزب الله" نشاطاته الاجتماعية والسياسية، مع وجود عضوين تابعين له في مجلس الوزراء و13 نائبا داخل البرلمان. كما يضمن تحالف هذه المجموعة مع حركة "أمل" الشيعية، برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، تمثيل المجتمع الشيعي في البلاد. هذا بالإضافة إلى علاقات المنظمة الوثيقة مع الحزب المسيحي الذي أسسه الرئيس ميشال عون. وبصفتها المجموعة الوحيدة التي لم تتخلَّ عن أسلحتها في الفترة التي تلت نهاية الحرب الأهلية اللبنانية التي دارت بين عامي 1975 و1990، فإنها تتمتع بنفوذ كبير في لبنان. بعد أن أنهت إسرائيل احتلالها لجنوب لبنان، ما زال "حزب الله" يرفض التخلي عن سلاحه، قائلا إن الإسرائيليين لا يزالون في المناطق المتنازع عليها على طول الحدود.

6.كيف يتم النظر إلى "حزب الله" في المنطقة؟

إن رفض "حزب الله" نزع سلاحه هو نقطة خلاف قديمة، ليس فقط في لبنان، بل في بعض دول الخليج أيضا، وعلى الأخص داخل السعودية. زاد حجم التوتر بين كل من السعودية، ذات الغالبية السنية، وإيران الشيعية بشكل رئيسي بسبب الصراعات الطائفية الإقليمية التي عصفت ببلدان مثل اليمن وسوريا. كما فقد "حزب الله" المصداقية التي اكتسبها داخل العالم العربي من خلال الحرب التي شنها ضد إسرائيل عام 2006.

قبل بداية الصراع السوري عام 2011، كان "حزب الله" يقدّم نفسه كقوة كرّست نفسها لمحاربة إسرائيل والدفاع عن المظلومين، بغض النظر عن خلفيتهم. أما اليوم فينظر إليه كمجموعة شيعية تعمل لصالح إيران في المنطقة.